يحمي عنابة من الفيضانات ومياه الأمطار المتراكمة.. استلام جزئي لسد بوحديد قبل نهاية السنة بعنابة

تسابق ولاية عنابة الزمن لاستكمال الأشغال الكبرى بسد بوحديد، أحد أهم المشاريع المائية بالمنطقة، بعد أن بلغت نسبة الإنجاز فيه 73 بالمئة. ووفق مصادر أكدت لـ«الصريح»، فإن السد سيدخل حيز الخدمة جزئيًا قبل دخول 2026، ما سيشكل نقلة نوعية في منظومة تسيير الموارد المائية ومكافحة الفيضانات بالولاية.

ويعد هذا المشروع من أكبر المشاريع المائية على مستوى الولاية، إذ سيسمح عند دخوله الخدمة بتنظيم تدفق مياه الأمطار والسيول الموسمية، والحد من أخطار الفيضانات التي تهدد التجمعات السكنية القريبة من الأودية، كما سيساهم في تخفيف الضغط عن شبكات الصرف الحضري وتحسين التحكم في الموارد المائية. وتؤكد مصادر من مديرية الموارد المائية لولاية عنابة أن السد سيلعب أيضًا دورًا بيئيًا مهمًا في استقرار النظام المائي للمنطقة، من خلال التحكم في تدفق الأودية وتنظيم منسوب المياه، ويجري بالتوازي إعداد مشاريع مرافقة لحماية الأحياء المنخفضة وتحسين قنوات التصريف الثانوية.

للإشارة، فإن سد بوحديد يقع على بعد حوالي 20 كلم جنوب غرب مدينة عنابة، وينفذ في إطار البرنامج الوطني لحماية المدن من أخطار الفيضانات، ويعتبر من المشاريع الهيكلية الكبرى التي تعول عليها السلطات لوضع حد نهائي للمشكلات المتكررة الناتجة عن تدفق مياه الأمطار من المرتفعات نحو الأحياء السكنية المنخفضة، خاصة ببلديات عنابة والبوني والحجار والشرفة.

مشروع هندسي ضخم بقدرات تخزينية هامة

يبلغ ارتفاع سد بوحديد 29.6 مترًا بطول يتجاوز 260 مترًا، فيما تقدر سعته التخزينية بنحو 700 ألف متر مكعب من المياه. وتقدر كلفة إنجاز هذا المشروع، الذي يقع بمنطقة “بوحديد” المطلة على مرتفعات جبال الإديوغ، بأكثر من 6 ملايير دج. صُمم السد لاحتواء السيول الجارفة القادمة من المرتفعات وتنظيم تدفقها باتجاه الأودية والمجاري المائية الرئيسية، بما يضمن حماية الأحياء الحضرية والبنى التحتية من مخاطر الغمر والانحرافات.

كما سيسهم السد في تقليص تدفق المياه من 160 مترًا مكعبًا في الثانية إلى نحو 10 أمتار مكعبة فقط، وهي خطوة بالغة الأهمية في التحكم في السيول الموسمية. إضافة إلى ذلك، سيستخدم لاحقًا كمصدر مائي احتياطي للري الزراعي ودعم الشبكة المائية الموجهة لتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب خلال فترات الجفاف.

المشروع الذي انطلقت أشغاله سنة 2019، عرف في بدايته بعض العراقيل التقنية المتعلقة بتضاريس الموقع وطبيعة التربة، إلا أن وتيرة الإنجاز عرفت في الأشهر الأخيرة تسارعًا ملحوظًا بفضل المتابعة الدورية للسلطات المحلية، ما سمح بتدارك التأخر ودفع الأشغال نحو مراحلها النهائية.

تدخلات ميدانية لمعالجة النقاط السوداء

بالتزامن مع قرب استكمال سد بوحديد، تواصل المصالح التقنية بالولاية تنفيذ خطة استعجالية لمكافحة الفيضانات، خصوصًا بعد الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين. سجلت مديرية الموارد المائية والديوان الوطني للتطهير 56 تدخّلًا ميدانيًا في مختلف بلديات الولاية لمعالجة النقاط المتضررة وشفط المياه الراكدة وتنقية البالوعات.

شملت العمليات أحياء عنابة: “لاسيتي أوزاس”، طاباكوب، بورتيح صالح، سيبوس، تجزئة الخروبة، وحي ريزي عمر، وامتدت إلى بلدية الحجار بكل من حي عطوي صالح و300 مسكن، وبلدية البوني بأحياء بوخضرة، سيدي سلام، السرول، 450 مسكنًا، إلى جانب عين الباردة الشارع الرئيسي، 60 مسكنًا، البسباسة وعين الصيد، حي راشدي محمود وثابت حسين بسرايدي، أيضًا بلدية الشرفة وبرحال مركز وشطايبي مركز. ورغم أن كمية التساقط لم تتجاوز 25 ملم فقط، إلا أن ارتفاع منسوب المياه في بعض الأحياء كشف عن هشاشة الشبكات القديمة، ما تطلب تدخّلًا عاجلًا من فرق الصيانة لضمان تصريف المياه بشكل سريع وتفادي تجمعها في الطرقات والأحياء السكنية.

تعليمات صارمة من والي عنابة

وفي هذا السياق، ترأس أمس والي عنابة عبد الكريم لعموري اجتماعًا تنسيقيًا خصص لتقييم الأضرار الناجمة عن الأمطار الأخيرة، حيث شدد على ضرورة تسريع أشغال تطهير الشبكات وتحديثها، لا سيما في الأحياء التي تشهد تكرار الانسدادات مثل نهج بوعلي السعيد وتجزئة الخروبة.

خلال الاجتماع، عرضت مديرية الري تقريرًا تقنيًا أكدت فيه أن القناة الرئيسية لتجميع المياه بنهج بوعلي السعيد (le collecteur) متهالكة وتستدعي تجديدًا كاملاً، كما أشار مدير التعمير إلى أن انسداد الشبكات الفرعية في الخروبة هو السبب الرئيس لتجمع المياه بالمنطقة. وقد أسدى الوالي تعليمات فورية بإعداد بطاقة تقنية لتجديد القناة الرئيسية، وتنظيم خرجة ميدانية عاجلة لتحديد النقاط الحرجة قبل عودة التقلبات الجوية المتوقعة، كما شدد على ضرورة التنسيق الدائم بين المصالح التقنية والبلديات لضمان استباق أي خطر محتمل.

خطة استباقية لمواجهة التقلبات الجوية

تواصل ولاية عنابة تنفيذ برامج استباقية للوقاية من أخطار الفيضانات، من خلال صيانة دورية للمجاري والبالوعات، ومتابعة النقاط السوداء التي تتجمع فيها مياه الأمطار. كما تواكب المصالح المحلية هذه الإجراءات بحملات توعية موجهة للمواطنين لتجنب رمي النفايات داخل شبكات الصرف، وهو ما يسهم في تسهيل تصريف المياه وتقليل مخاطر الانسدادات. وتؤكد المصالح الولائية أن الهدف هو بناء منظومة وقائية دائمة تدمج بين البنية التحتية الحديثة مثل سد بوحديد والتدابير الميدانية للمتابعة والصيانة، بما يعزز قدرة الولاية على مواجهة التقلبات الجوية وحماية الأحياء من الفيضانات.

بقلم: خولة مجاني

مقالات ذات صلة

مطالب بإعادة بعثها وفتح المؤسسة في أقرب الآجال.. تأخر كبير تشهده أشغال ترميم مدرسة “بن عميور” بعنابة

sarih_auteur

بين ذراع الريش ومدخل واد العنب.. انطلاق أشغال إنجاز شبكة الإنارة العمومية

sarih_auteur

في مراسلة للوالي حول معاناة سكان ذراع الريش.. جمعية النخبة للمبادرات تلح على الترامواي كحل لمشاكل النقل

sarih_auteur