نحو إطلاق بنك إسلامي مستقل في الجزائر

ابتسام بلبل

تعتزم وزارة المالية إطلاق دراسة مع البنوك المحلية لتحديد كيفية إنشاء بنك إسلامي مستقل، فيما تعكف على دراسة وتحضير الإطار التنظيمي المتعلق بالصكوك.

وفي هذا الإطار، أفاد وزير القطاع، عبد الكريم بوالزرد، وفق ما تضمنته وثيقة رسمية صادرة عن قطاعه الوزاري ومذيلة بتوقيعه – اطّلعت عليها “الصريح” – أن الحكومة قامت فعليًا بإقرار تشريعات تسمح بإنشاء بنك إسلامي مستقل، فالقانون رقم 24-01 المؤرخ في 06 فيفري 2024، نصّ على شروط الترخيص لتأسيس البنوك، بالإضافة إلى النص التطبيقي الذي أُدرج في التعليمة رقم 01-25 المؤرخة في 2 مارس 2025، الصادرة عن بنك الجزائر، والتي تُحدد الإطار التنظيمي لفتح البنوك والمؤسسات المالية.

وأوضح بوالزرد أن التوجه نحو تأسيس بنك إسلامي يتطلب المرور بمراحل مدروسة وفقًا لما يُعرف بدورة تطوّر النوافذ الإسلامية، وهو فعليًا ما قامت به الجزائر عبر عدة مراحل، تضمنت مرحلة النوافذ الإسلامية التي تم فيها تخصيص أقسام أو نوافذ داخل البنوك التقليدية لتقديم خدمات مالية إسلامية مستقلة، حيث قامت جلّ البنوك الناشطة بفتح شبابيك إسلامية تسمح للنظام المصرفي باستقطاب الموارد المالية اللازمة لتمويل التنمية، استجابة لحاجيات السوق ومتطلبات الزبائن، وذلك على ضوء المعايير الشرعية.

وعرفت هذه النوافذ – وفق المصدر ذاته – نجاحًا، ومكّنت من تعريف المواطن وكذا المستثمر بأسس وآليات الصيرفة الإسلامية، وما يمكن أن تُقدّمه من مزايا وأرباح سواء على المستوى الشخصي أو العمومي.

بالإضافة إلى مرحلة الوكالات المتخصصة، التي تم فيها فتح وكالات مخصصة بالكامل لتقديم الخدمات المالية الإسلامية تحت مظلة البنك التقليدي، حيث استطاعت هذه الوكالات استقطاب شريحة من المجتمع الجزائري، وسجّلت ارتفاعًا ملحوظًا في حجم المعاملات البنكية من ودائع وصيغ تمويلية عديدة، متلائمة مع حاجيات السوق ومتطلبات الزبائن.

ثم تأتي مرحلة البنك الإسلامي المستقل، وهي المرحلة النهائية التي تتطلب تأسيس كيان مستقل تمامًا، يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وبنظام حوكمة شرعية مستقل. وأكد وزير المالية أن المرور بهذه المراحل بشكل متدرّج يضمن اختبار السوق وتطوير القدرات التشغيلية والرقابية، وتفادي المخاطر المرتبطة بالقفز إلى إنشاء بنك مستقل دون توفّر البنية التحتية الضرورية.

ولفت الوزير، في هذا السياق، إلى أن القانون النقدي والمصرفي المؤرخ في 21 جوان 2023، يُعتبر بمثابة أول إطار قانوني وتنظيمي جزائري يعترف صراحةً بالبنك الإسلامي ككيان مستقل، ويفتح المجال أمام الفاعلين الراغبين في إنشاء بنوك إسلامية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ممّا يُمثّل خطوة مفصلية في مسار تطوير المالية الإسلامية في الجزائر.

كما يسمح هذا الإطار بممارسة الصيرفة الإسلامية من قبل البنوك التي تقوم بهذه العمليات، مع ضمان توافق أنشطتها مع أحكام الشريعة الإسلامية، من خلال الأحكام المختلفة المنصوص عليها، وتحديدًا استقلالية الفرع الإسلامي عن الأنشطة الأخرى من حيث التمويل، والمحاسبة، والبنية الأساسية المادية، والكوادر البشرية، وإلزام البنوك والمؤسسات المالية بإنشاء لجنة للرقابة الشرعية تكون مسؤولة عن مراقبة أنشطتها المتعلقة بالتمويل الإسلامي، إلى جانب ضرورة الحصول على شهادة مطابقة المنتجات المالية الإسلامية لأحكام الشريعة، الصادرة عن الهيئة الوطنية للفتوى الشرعية للصناعة المالية الإسلامية، قبل تقديم أي طلب لتسويق منتجات التمويل الإسلامي إلى بنك الجزائر من طرف البنوك والمؤسسات المالية.

وبالإضافة إلى ذلك، قامت شركات التأمين والبنوك العمومية بتأسيس شركات “تكافل” لتوفير الدعم لعمليات الاستثمار المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. وأكد وزير المالية، عبد الكريم بوالزرد، أن هذا الإطار القانوني والتنظيمي يساعد على ضمان الثقة في عرض منتجات التمويل الإسلامي من خلال نوافذ مخصصة في البنوك والمؤسسات المالية المحلية.

ومع ذلك، لفت إلى أن النظام البيئي المتعلق بالتمويل الإسلامي لا يزال في مرحلة التطوير، خاصة من خلال تكييف أدوات السياسة النقدية وتنويع أدوات الاستثمار والتوظيف المتوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل الصكوك.

وفي هذا الصدد، سلّط الضوء على أن القانون النقدي والمصرفي ينصّ، في مادته 44، على إمكانية تكييف أدوات التدخل في السوق النقدية مع خصوصيات العمليات المصرفية المتعلقة بالتمويل الإسلامي، من خلال نظام خاص يصدره بنك الجزائر، كاشفًا أن الإطار التنظيمي المتعلق بالصكوك هو حاليًا في مرحلة الدراسة والتحضير.

مقالات ذات صلة

تحويل مبالغ مالية ضخمة إلى خزينة الدولة

sarih_auteur

صيدال يعتزم تصدير أكثر من 200 منتوج صيدلاني إلى موريتانيا

sarih_auteur

مجمع صيدال يعتزم تصدير أزيد من 200 منتوج صيدلاني إلى موريتانيا

sarih_auteur