بقلم: إبتسام بلبل
لم يدخر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منذ وصوله إلى قصر المرادية، جهداً في محاربة كل أشكال الفساد التي نخرت العديد من مؤسسات الدولة لعقود، واتخذ في سبيل ذلك العديد من الإجراءات، وأسدى مجموعة من التعليمات لكبح جماح هذه الظاهرة، خاصة فيما يخص نهب العقار الحضري والصناعي في الولايات، خاصة تلك التي توصف بالأكثر تضرراً، على غرار ولاية عنابة، وبقية الولايات الكبرى على وجه الخصوص.
إلى ذلك، التمس نائب برلماني من وزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل، السعيد سعيود، التدخل لاستعادة الأملاك العقارية التي تم الاستيلاء عليها لإقامة بنايات ومشاريع خاصة في العديد من بلديات الوطن.
وفي مراسلة رسمية مؤرخة في 28 أكتوبر المنصرم، تحت رقم 9583، أوضح النائب أن “التحقيقات الإدارية والبحث في الأرشيف العقاري أظهرا أن عدداً من العقارات البلدية تم الاستيلاء عليها من قبل أفراد استغلوها لإقامة بنايات ومشاريع خاصة، رغم أن ملكيتها ثابتة قانوناً للبلديات”.
وذكر مثالاً عن الواقع الميداني الذي يكشف –حسبه– عن مفارقات، إذ تواجه العديد من بلديات الوطن، ومن بينها بلديات بولاية المدية، صعوبات حقيقية في حماية أملاكها واسترجاع ما سُلب منها عبر السنين. ووفق البرلماني، لم يغادر بعض المستغلين الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية تأمر بإخلاء وإرجاع العقارات إلى أصحابها الشرعيين، ممثلين في البلدية، بل تحوّل الأمر إلى مفارقة قانونية ومالية حين اضطرت البلديات، بموجب تلك الأحكام، إلى دفع تعويضات مالية معتبرة من الخزينة العمومية لفائدة المستولين على الأراضي.
وهو ما رسم مشهداً مقلقاً مزدوج الأضرار؛ أموال عمومية تُصرف تعويضاً لمخالفين، وأملاك بلدية تُحرم منها الجماعات المحلية رغم أحكام القضاء، وهي وضعية تثير تساؤلات جوهرية حول آليات الرقابة والردع والتنفيذ.
وأضاف البرلماني في المراسلة التي اطّلعت عليها “الصريح” أن “عدداً من الملفات القضائية المتعلقة بهذه القضايا لا تزال عالقة، نتيجة عراقيل إدارية داخلية تتعلق بتسديد مستحقات المحامين والخبراء وغيرهم من المتدخلين. وأحياناً، تبرز إشكالات قانونية ومحاسباتية معقدة في كيفية تسديد هذه المستحقات، نتيجة غياب آليات مالية وتنظيمية مناسبة تسمح للبلديات بتسوية التزاماتها بمرونة وشفافية، مما يؤدي إلى تعطيل مسار التقاضي واسترجاع الحقوق”.
وأضاف النائب متسائلاً عن الأسباب القانونية والإدارية التي تحول دون استرجاع البلديات لأملاكها رغم الأحكام القضائية الصادرة لصالحها، وعن الإجراءات العاجلة التي تعتزم الوزارة اتخاذها لضمان تنفيذ تلك الأحكام واسترجاع الأملاك وحماية المال العام من أي عبث، وصون ممتلكات الجماعات المحلية، وكذلك عن الجهة التي تتحمل المسؤولية الإدارية في استمرار هذه الوضعيات، وهل تمت محاسبة الأطراف التي أخلّت بواجب المتابعة والرقابة.
واختتم مراسلته بالتأكيد على أن “حماية المال العام ليست فقط مسؤولية قانونية، بل هي امتحان يومي لمصداقية الدولة وقدرتها على بسط سلطتها وحماية مواردها، خاصة في مرحلة تتطلب تعبئة كل الطاقات من أجل تنمية محلية عادلة وفعالة”
