وزير الأشغال العمومية يسدي تعليمات صارمة خلال زيارته لولايتي عنابة والطارف

بقلم: موساوي لمين / أم دوادي الفهد

أكد وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، خلال زيارة عمل قادته أمس إلى ولايتي عنابة والطارف، على ضرورة احترام الآجال التعاقدية لأشغال المشروع المنجمي وتوسعة ميناء عنابة، لا سيما ما يتعلق بإنجاز الرصيف المنجمي، الذي يُعد مكوّنًا رئيسيًا في مشروع الفوسفات المدمج، أحد أكبر المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية التي تراهن عليها الدولة الجزائرية في السنوات المقبلة.

فبميناء عنابة، الذي شكّل المحطة الثانية في برنامج الزيارة، عاين الوزير أشغال الرصيف الفوسفاتي، مرفوقًا بوالي عنابة عبد القادر جلاوي، إلى جانب وفد رسمي يضم إطارات مركزية ومحلية. وخلال هذه المحطة، تم تقديم عرض شامل من قبل مدير الأشغال العمومية للولاية، تناول فيه مختلف المشاريع الجاري إنجازها، بالإضافة إلى المشاريع الاستراتيجية ومخططات التهيئة التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية ودعم الديناميكية الاقتصادية بعنابة.

كما تم تقديم عرض تقني تفصيلي من قبل الوكالة الوطنية لإنجاز المنشآت المينائية، بصفتها صاحبة المشروع المفوّض، تناول مراحل الإنجاز، الأهداف التقنية، والرهانات الاقتصادية المرتبطة بتوسعة الميناء وإنجاز الرصيف المعدني الموجّه لنقل المواد الفوسفاتية نحو الأسواق الوطنية والدولية.

ويتم إنجاز المشروع من طرف تكتل جزائري – صيني، يضم كلًّا من شركة الصين لهندسة الموانئ، شركة كوسيدار للأشغال العمومية، والشركة الوطنية المتوسطية للأشغال البحرية. وهو تكتل يتمتع، حسب الوزير، بـ”الكفاءة والخبرة اللازمة في مجال الأشغال البحرية المعقدة، وله سجل حافل في إنجاز موانئ كبرى على المستويين الوطني والدولي”.

مشروع استراتيجي يعيد رسم الخريطة اللوجستية للمنطقة

في تصريحاته خلال الزيارة، شدد الوزير رخروخ على أهمية هذا المشروع، الذي يُعد جزءًا لا يتجزأ من رؤية الدولة لتعزيز قدراتها في مجال النقل البحري والتصدير المنجمي، قائلًا: “إن إنجاز هذا المشروع المتكامل سيمكن من تطوير الطاقة الاستيعابية لميناء عنابة، وسيساهم في تسهيل عمليات شحن المواد الفوسفاتية وتفريغها ونقلها، ما يعزز موقع عنابة كمركز لوجستي استراتيجي في الضفة الشرقية للبلاد”.

وأكد أن توسعة الميناء، المقترنة بمشروع السكة الحديدية المنجمية، ستسمح بربط الإنتاج المنجمي في الهضاب العليا وشرق البلاد بمنفذ بحري عصري، قادر على استيعاب الطلب المستقبلي، سواء من حيث الحجم أو النوعية.

وفي سياق متصل، عاين الوزير أيضًا ورشة تجديد خطوط السكة الحديدية بمحطة نقل البضائع (PK 6)، حيث شدد على ضرورة تسريع وتيرة الأشغال، بما يضمن جاهزية المنشآت في الوقت المحدد، تماشيًا مع متطلبات النقل الحديث الذي يعتمد على السرعة، الدقة، والقدرة على المناولة.

وأشاد الوزير بـ”الجهود المبذولة من طرف الفرق التقنية والمؤسسات الجزائرية المنجزة لهذا المشروع الحيوي”، خاصة ما تعلق بمشروع السكة الحديدية المنجمية الرابط بين عنابة وبلاد الحدبة، الذي يُعد شريانًا لوجستيًا مكملًا لتوسعة الميناء.

كما شملت الزيارة الميدانية معاينة أشغال إنجاز نفق T3 عند النقطة الكيلومترية 30 (PK 30)، وهو أحد المشاريع التقنية الكبرى التي تتطلب خبرات عالية وتقنيات دقيقة في الحفر والتهيئة، بالإضافة إلى منشأة فنية بطول 100 متر على مستوى وادي سيبوس (PK 24)، حيث شدد الوزير مجددًا على ضرورة الالتزام بالمعايير التقنية والجودة، وتسريع وتيرة الإنجاز في هذه النقاط الاستراتيجية الحساسة.

عنابة في قلب التحول الاقتصادي

يأتي هذا المشروع في سياق استراتيجي أوسع، تسعى من خلاله الجزائر إلى تحقيق قفزة نوعية في مجال استغلال الثروات المنجمية، وتوسيع قنوات التصدير، وتقوية شبكات النقل والبنى التحتية.

ويُعد مشروع الفوسفات المدمج، الذي يربط عنابة بولايات شرقية أخرى وصولًا إلى تبسة وسوق أهراس، مشروعًا اقتصاديًا طموحًا من شأنه تحقيق مداخيل هامة للبلاد وتوفير مناصب شغل دائمة. ولعل اختيار ميناء عنابة كمخرج رئيسي لهذا المشروع المنجمي، يعود لموقعه الجغرافي، بنيته التحتية، وخبرته الطويلة كميناء صناعي وتجاري، يساهم في الربط بين الداخل والخارج.

متابعة حكومية دقيقة

وتُجسد هذه الزيارة تأكيد السلطات العليا في البلاد على أهمية المتابعة الميدانية لمشاريع البنية التحتية الكبرى، والعمل على إزالة العراقيل إن وُجدت، وتسريع وتيرة الإنجاز، بما يعكس نجاعة الأداء الميداني وفعالية المتابعة الإدارية والتقنية.

ومن المنتظر أن تتواصل الأشغال بوتيرة متصاعدة خلال الأشهر القادمة، في ظل التعليمات الصارمة التي قدّمها الوزير، والدعم اللوجيستي والتقني الذي وفرته الدولة، لإنجاح هذا المشروع المحوري الذي يعكس التحول الاقتصادي الذي تعرفه الجزائر الجديدة.

تأخر في أشغال المقطع الشمالي للخط المنجمي في الذرعان بالطارف

وبالطارف، وقف الوزير رخروخ على مدى تقدم الأشغال بالمقطع الشمالي من الخط المنجمي الشرقي الرابط بين عنابة وبلاد الحدبة، والذي يمتد على مسافة 422 كيلومترًا بمسار مزدوج. وشملت المعاينة الشطر الرابط بين عنابة وبوشقوف على مسافة 54 كلم، المنجَز من طرف مجمع مؤسسات عمومية.

وقد تم تقديم عرض تقني شامل بمنطقة شيحاني، استعرض فيه القائمون على المشروع مختلف مراحل الإنجاز، مع التركيز على التحديات التقنية والرهانات الاقتصادية.

كما تفقد الوزير ورشة إنجاز نفق T3 عند النقطة الكيلومترية 30 (PK 30)، حيث عبّر عن أمله في أن تكون نسبة الأشغال قد تجاوزت 70 بالمائة، إلا أنها لم تتعدَّ 50 بالمائة. وأرجع القائمون على المشروع هذا التأخر إلى الظروف الجوية التي أثّرت على وتيرة العمل.

وشملت الزيارة أيضًا ورشة لإنجاز منشأة فنية بطول 100 متر على مستوى وادي سيبوس (PK 24)، إضافة إلى مقطع بطول كيلومتر واحد من تحويلة مدينة الذرعان، والتي تندرج ضمن التهيئة الهندسية الجديدة التي تهدف إلى تحويل مسار السكة خارج النسيج العمراني، تعزيزًا للسلامة المرورية وتقليصًا للتداخل مع حركة السير.

وفي ختام الزيارة، أشاد الوزير بالجهود المبذولة من قبل الفرق التقنية والمؤسسات المنجِزة لمشروع الخط الحديدي المنجمي، مشددًا على ضرورة الالتزام بالآجال التعاقدية ومعايير الجودة. كما دعا إلى تسريع وتيرة الأشغال، لا سيما في المقاطع ذات الأهمية الاستراتيجية، وتعزيز التنسيق بين كافة المتدخلين لضمان تسليم المشروع قبل نهاية السنة الجارية.

 

مقالات ذات صلة

لتحسين ظروف التمدرس.. مشاريع تربوية جديدة عبر بلديات الطارف

sarih_auteur

لدعم البنية التحتية وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين.. توطين مشاريع تنموية كبرى بباتنة

sarih_auteur

توزيع الغلاف المالي لـ 2026 مرهون بنتائج برامج السنوات الـ 3 الأخيرة.. تعليمات لـ “الأميار” باستكمال المشاريع وتسديد مستحقات المقاولات في سكيكدة

sarih_auteur