تشجيعا لتوسيع إنتاجهم وتحسين مردوديته.. أكثر من 32 مليار دعم للفلاحين عبر قرض الرفيق

منحت الجهات المختصة بولاية عنابة، عبر “قرض الرفيق”، دعما ماليا مهما للفلاحين بلغ أكثر من 32 مليار سنتيم بعد دراسة 161 طلبا قدمه المستفيدون، تم قبول 153 طلبا منها بعد استيفاء الشروط القانونية والفنية المطلوبة.

وأكدت مصادر رسمية من مديرية المصالح الفلاحية لـ”الصريح” أن هذه الأرقام تعكس حجم الإقبال الكبير من طرف الفلاحين على هذا التمويل، الذي يعد جزءا من استراتيجية الدولة لدعم النشاط الزراعي وتشجيع الفلاحين على توسيع إنتاجهم وتحسين مردوديته.

ويعتبر “قرض الرفيق” أداة تمويلية أساسية لدعم الفلاحين والمربين، إذ يغطي حاجياتهم الموسمية ويمكنهم من اقتناء البذور والأسمدة والمعدات الزراعية، إضافة إلى تمويل عمليات الحرث والبذر، مع متابعة ميدانية من الجهات الرسمية لضمان توجيه التمويل نحو الأغراض المحددة بما يضمن نجاح الموسم الفلاحي وفق خطة منظمة ومدروسة، ويمنح هذا القرض عبر فروع بنك الفلاحة والتنمية الريفية “بدر” بالتنسيق مع مديريات المصالح الفلاحية والاتحاد الوطني للفلاحين، وهذا في إطار سياسة الدولة الرامية إلى النهوض بالقطاع الفلاحي وتحقيق الأمن الغذائي، كما يشترط للاستفادة منه امتلاك بطاقة فلاح سارية المفعول وتقديم ملف مبسط يحدد الاحتياجات الفعلية للنشاط الفلاحي، وقد أثبت فعاليته في السنوات الأخيرة من خلال توسيع المساحات المزروعة، وتحسين المردودية وتشجيع الشباب على الاستثمار في الفلاحة العصرية.

الشباك الموحد لتبسيط الإجراءات

تم منح هذه القروض عبر الشباك الموحد الذي افتتح يوم 28 جويلية 2025 بمقر تعاونية الحبوب والبقول الجافة، حيث يجمع جميع المتعاملين والهيئات المعنية بالقطاع الفلاحي في مكان واحد، بما في ذلك تعاونية الحبوب والبقول الجافة، الصندوق الجهوي للتأمينات الفلاحية والمجمع الجهوي لبنك الفلاحة والتنمية الريفية، وأوضحت مصادر “الصريح” من داخل مديرية المصالح الفلاحية أن هذا التوحيد أسهم في تسريع دراسة الملفات ومعالجة الطلبات في آجال وجيزة، كما ساعد على تعزيز التنسيق بين المؤسسات، مما قلل التعقيدات الإدارية وأتاح للفلاحين تسهيل الحصول على التمويل.

إلى ذلك، تم تنصيب اللجنة المحلية لمتابعة وتقييم عملية الحرث والبذر بتاريخ 3 سبتمبر الماضي، والتي تعنى بمتابعة سير الحملة الفلاحية ميدانيا وتقييم مدى تقدم عمليات الحرث والبذر، وتتولى دراسة ملفات الفلاحين إذا اقتضى الأمر مع إيجاد حلول وضمان التوجيه والدعم وتوفير المستلزمات الضرورية بمشاركة أعضاء الفرقة الفلاحية، المنسق الولائي لاتحاد الفلاحين الجزائريين، بالإضافة إلى ممثلين عن اللجنة المحلية لمراقبة الزراعة، مديرية الخدمات الفلاحية، المركز الجهوي لإدارة الموارد الزراعية، وبنك الفلاحة والتنمية الريفية، إلى جانب المعاهد التقنية للزراعة، المحطة الجهوية لحماية النباتات، ورئيس المجلس المهني الولائي لشعبة الحبوب، المعهد التقني للزراعات الواسعة، المعهد الجهوي للتصديق على البذور ومراقبتها، بالإضافة إلى أن هذه اللجنة تضطلع بالاجتماع كل ما اقتضى الأمر يصل في بعض الأحيان إلى 3 مرات في الشهر لمناقشة الطلبات، وضمان سير عمليات الحرث والبذر وفق المعايير الفنية المطلوبة.

انطلاق حملة الحرث والبذر

انطلقت عمليات الحرث الخريفي للموسم الزراعي الحالي على مساحة تقدر بـ6180 هكتارا بولاية عنابة، ولا تزال هذه العملية مستمرة بوتيرة منتظمة لضمان تجهيز الأراضي في الوقت المناسب، في حين بلغت المساحات المزروعة كمرحلة أولى 17 هكتارا من صنف الشعير، ووصفت مصادر “الصريح” هذه البداية بـ”المحتشمة”، وتعد مرحلة تحضيرية مهمة لتقييم خصوبة التربة وضبط توقيت الزرع وفق احتياجات كل صنف من المحاصيل.

وتستهدف الحملة إجمالي أكثر من 14 ألف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، تشمل القمح الصلب واللين والشعير، إلى جانب محاصيل علفية لدعم الثروة الحيوانية، في خطوة لتعزيز الإنتاج المحلي وضمان الأمن الغذائي الوطني.

وتم إعطاء الإشارة الرسمية نهاية الأسبوع الفارط لانطلاق الحملة من إحدى المستثمرات الفلاحية ببلدية عين الباردة والمتربعة على مساحة تقدر بـ69 هكتارا، بحضور السلطات المحلية وإطارات القطاع، فيما أكدت مديرية المصالح الفلاحية بعنابة أن جميع الإمكانيات تم تسخيرها لإنجاح الموسم، من خلال توفير كميات كافية من البذور والأسمدة عبر تعاونية الحبوب والبقول الجافة بالحجار، ووضع رزنامة دقيقة لمتابعة عمليات الحرث والبذر على مستوى البلديات، مع تكثيف الحملات التحسيسية للفلاحين حول الالتزام بالتقنيات الصحيحة واستخدام البذور المنتقاة، كما سجلت المصالح تجاوبا كبيرا من المنتجين الذين أبدوا استعدادهم للمساهمة في رفع الإنتاج المحلي، بينما تبقى التحديات المناخية من أبرز العوامل المؤثرة على سير الحملة، ما استدعى تعزيز التأطير الميداني وتقديم التوجيهات التقنية حول طرق الزراعة الحديثة والحفاظ على خصوبة التربة.

الأمطار وتأثيرها على الإنتاجية

ساهمت الأمطار الأخيرة في تحسين وضعية الأراضي الزراعية وزيادة وتيرة الحرث والزرع، حيث بلغت كمية الأمطار 26 ملم في أكتوبر و39 ملم في شهر نوفمبر الجاري، كما أكدت مصادرنا أن “هذه الأمطار كانت مناسبة لتهيئة الأرض لاستقبال البذور، مما ساعد على تحسين معدلات الإنبات وتعزيز نمو النباتات”، و”يعد توافر الماء في هذه الفترة من أهم العوامل التي تحدد نجاح البذور في مرحلة الإنبات الأولى، ويرفع من احتمالات الحصول على محصول غني وذي جودة عالية، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي شهدتها الولاية خلال الأشهر الأخيرة”.

دعم متواصل للفلاحين

تشير البيانات الرسمية إلى أن برنامج اقتناء البذور والأسمدة متوفر حاليا بكميات معتبرة على مستوى مخازن تعاونية الحبوب والبقول الجافة بالحجار، مما يضمن للفلاحين الحصول على المدخلات الضرورية دون تأخير، هذا وقد بلغت الكميات المتوفرة من الأسمدة 32.349 هكتارا لتغطية احتياجات أصناف القمح الصلب، القمح اللين، والشعير، بينما بلغت الكميات المباعة حتى الآن 5702.50 قنطارا، ومن جهته يعد هذا التنظيم دليلا على حرص الإدارة الزراعية في مراقبة المخزون وضمان توزعه بشكل متساو على جميع الفلاحين المستفيدين، بما يسهم في استمرار النشاط الزراعي دون توقف ويقلل المخاطر المحتملة على المحصول.

تغير توقيت الزراعة وظهور انتاش السنابل

يشهد الموسم الحالي تغييرا في توقيت الزراعة للحبوب الشتوية، حيث سيبدأ البذر المتأخر ابتداء من 15 نوفمبر الجاري، وهو ما ساعد على تكييف عمليات الزرع مع معدل الأمطار وحرارة التربة، ومع ذلك لوحظت ظاهرة انتاش السنابل خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وهي مشكلة زراعية خطيرة تنجم عن إنبات الحبوب وهي لا تزال ملتصقة بالنبات الأم في الحقل، تحدث هذه الظاهرة بشكل أساسي نتيجة هطول الأمطار الغزيرة وارتفاع مستويات الرطوبة لفترات طويلة خلال مرحلة النضج الفسيولوجي للمحصول وقبل الحصاد مباشرة، أين تؤدي هذه الظروف إلى كسر حالة السكون الطبيعية للبذور، مما يحفز عملية الإنبات المبكرة، تتجلى التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة في انخفاض حاد في جودة الحبوب وقيمتها التسويقية، مما يجعلها غير صالحة لبعض الصناعات الغذائية كالخبز.

وتعد هذه الظاهرة مؤشرا يتطلب متابعة دقيقة من قبل الفلاحين، لأنها قد تؤثر على توزيع العناصر الغذائية وتقليل الغلة المحتملة، وتشير الدراسات الزراعية إلى أن انتاش السنابل في مرحلة مبكرة يزيد من احتمالية تعرض النباتات للأمراض والآفات، كما يمكن أن يؤدي إلى ضعف تكوين الحبوب، لذلك ينصح الفلاحون باتخاذ إجراءات وقائية مثل ضبط مواعيد الري والتسميد ومراقبة صحة النباتات بشكل مستمر لتقليل تأثير هذه الظاهرة على المحصول النهائي.

تنسيق متكامل مع مكتب السقي بمديرية الموارد المائية

ولضمان نجاح عمليات الزراعة واستغلال المياه بشكل مثالي، تم إجراء تنسيق كامل بين الفلاحين ومكتب السقي بمديرية الموارد المائية بولاية عنابة، يشمل متابعة توزيعات المياه على المساحات المزروعة، ضبط جداول الري بما يتناسب مع حاجيات كل محصول، ومراقبة انتظام تدفق المياه لتفادي أي تأثير سلبي على نمو النباتات، وأكدت المصادر الرسمية أن هذا التعاون يساهم في تحقيق أفضل إنتاجية ممكنة للمحاصيل وتقليل الهدر في الموارد المائية، بما يدعم الفلاحين ويضمن استمرار النشاط الزراعي بكفاءة عالية.

خولة مجاني

مقالات ذات صلة

بعد تحويل الناقلين لمحطة “منيب صنديد”.. 30 من شاغلي المحلات بمحطتي سيدي إبراهيم يستفسرون عن مصيرهم

sarih_auteur

فيما صادق المجلس الولائي على مشروع ميزانية 2026.. والي عنابة ينتقد وضعية الملاعب الجوارية ويطالب بتوضيحات حول المشاريع المتوقفة

sarih_auteur

فضيحة تهز أروقة بلدية عنابة.. تسجيل صوتي لعضو بالهيئة التنفيذية تضمن اتهامات خطيرة لمسؤولين

sarih_auteur