ألفية الجزائر..  الرحيق المختوم !

جمال غلاب

 

تبقى الملحمة الشعرية ألفية الجزائر لسيد الشعراء إبراهيم  قارعلي …. تتقطر رحيقا مختوما. إنه الشاعر الفحل الذي  ترجم التاريخ  ؛ بعيده و قريبه في قصائد  شعرية…

هاهو يخرج علينا لا ليرى الدنيا ، بل لتراه  هذه الدنيا لذلك لم يكن مستعجلا ولا متعجلا، فكان ختام جهده مسكا في إصدار ألفية الجزائر.

لقد انتظر ثمانية عشر سنة، ليكشف عن مولوده الثاني على مستوى النشر لا أدري لى مستوى الإبداع  الذي لم ينقطع لحظة ، وإن كانت مدة إنجاز ملحمة “ألفية الجزائر” لم تتجاوز ثلاثة أشهر ونصف، وهو الحيز الزمني الذي تخمرت فيه كل الصور والمشاهد  عبر العصور والأعاصير … بكل مواصفاتها وتفاصيلها، بحلوها ومرها، مجدها وافتخارها،  خيباتها وإنكساراتها..

هي هكذا السيرورة التاريخية، وهي هكذا نواميس  الحياة  في الجزائر التي تظل وفية للحق حتى تقوم القيامة .. أمة الأمم وصانعة الحضارات ومنارة التائهين، والأجمل ما في ألفية الجزائر، أنها أبرزت أصالة وعراقة الإنسان الجزائري الذي  لم يعرف الزوال على الرغم من وحشية الإستدمار قديمه وحديثه وتكالب قوى الشر والغدر عليه ….

نعم لم يعرف الإنسان الجزائري  الزوال المادي منه والمعنوي رغم  كيد الكائدين.

 

وأنت تقرأ  قصيد الألفية  من أول صدر إلى آخر عجز، والمترامي الأطرف والذي لا تسع المجلدات  لتوثيق قراءاته، لا يسعك إلا أن تقف مدهوشا أمام دقة وأناقة  تأثيثها وحلاوة  وطلاوة مذاقها، فهي مثمرة العلو ومغدقة الجوانب على الدوام  تسمو  ولا يسمى عليها الشعراء!!!…

بل إن ألفية الجزائر مثل الخميرة التي لا نخالة فيها، عنوانها النضج وليس غير النضج وألفاظ معانيها تبدو وكأنها تؤثر وتتأثر، تتواصل ولا تتقاطع، تجمع ولا تفرق، تأبى الضيم  وتتعاطف مع المظلومين لبسط عوالم الحرية وإلغاء العبودية عبودية الإنسان للإنسان .

فمن تكون هذه الألفية ومن يكون منفث قصيدها ؟ وعبر  لسيل الطويل من التعاريف المبثوثة في جنس الشعر وما انتهى إليه النقاد، اخترت تعريفا كالذي يتوافق مع ألفية الجزائر  … نعم لقد  بدأ الشاعر إبراهيم  قارعلي منفثا  لألفية الجزائر مثل العراف السارق للنار، يضيء بها الظلمات التي تغشي علائق الأشياء فيما بينها  كما بدا مختنقا بحاضره الموشوب بالكذب والبهتان وطمس الحقائق  والمعالم في لاوعيه ومفضلا الهجرة عبر دروب المعاني والألوان والصور  قصد البحث عن المطلق للتعبير عن ما يجب التعبير عنه في  الهوامش الضيقة للدهاليز .

 

واستمر في حفري ولا أبالي في كل  قصائد الألفية، لأنني  تحسست فيها  البوصلة الحقيقية للإجابة عن ما يقلقني من الأسئلة  ( من أكون ومن  أين أنا قادم  وإلى أين أنا ذاهب ) أملا في التزود  بالمعرفة وسعة الإطلاع ، ومن خلالها وعبر تفاصيلها، خلد  عقلي إلى الراحة  وزال عنه قلق السؤال، لقد لمست في الملحمة الشعرية ألفية الجزائر كل تطلعاتي ورغباتي ومنتهى سكينتي واطمئناني …

 

 

 

مقالات ذات صلة

أملاك الدولة “ببلاش”، وإكراميات لذوي النفوذ

سارة معمري

الصحفي ليس صندوق بريد

سارة معمري

مؤسف حال الأحياء التي نعيش فيها

سارة معمري