قافلة “على خطى الشهيد زيغود يوسف” تحط الرحال بعنابة

 

عبد المالك باباأحمد

حطت القافلة التاريخية “على خطى الشهيد زيغود يوسف” الرحال، أمس بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية أين شهدت محاضرات ثرية ومداخلات متنوعة لكل من رئيس مؤسسة الشهيد زيغود يوسف، البروفيسور أحسن ثليلاني، المؤرخ محمد جندلي، ورئيس المجلس العلمي لمؤسسة زيغود يوسف، الدكتور محمد قويسم

 

المؤرخ محمد جندلي يسرد تاريخ عنابة الثوري

تطرق المؤرخ محمد جندلي في مداخلته إلى الدور الفعال والتاريخي الذي لعبته عنابة إبان حرب التحرير الكبرى التي خاضتها الجزائر خاصة من خلال دورها الجوهري في نقل السلاح وتنظيم العمل السياسي الفعال حيث قال بأن عنابة التحقت متأخرة بالثورة الجزائرية وأن عملها الفعلي كان سياسيا، لكن ذلك لا ينفي المشاركة المسلحة، فعنابة كانت السباقة في القيام بعمليات اغتيال نوعية على غرار عملية اغتيال الجنرال “بيجار” بالمدينة القديمة قبالة الثكنة العسكرية التي كان يستقر فيها وذلك من طرف المجاهدين خلوفي علي ورابح بن بقة، اللذين أطقا النار عليه وحسباه ميتا، إلا أن أصيب في كتفه وادعى الموت لينفذ بجلده زاحفا.

وأشاد المجاهد محمد جندلي كذلك بالدور الفعال الذي لعبه زيغود يوسف في تخطيطه وإشرافه على الهروب الكبير من سجن عنابة رفقة كل من بركات سليمان، عمار بن عودة وعبد الباقي بخوش، وتوجهوا بعدها إلى الشيخ بوشريحة بولعراس في منطقة السمندو، وتمثل الدور الفعال لزيغود يوسف في صناعة الفتاح الذي يعتبر الأداة الرئيسية المساعدة في الهروب، حيث قام الشهيد بنحت ملعقة حديدية وفتح بابي الزنزانتين وقام بالهروب فرقة رفاقه الثلاثة.

وروى الجندلي كذلك عدة محطات أخرى من التاريخ الثوري بعنابة على غرار اختطاف البطل الشهيد، بوزراد حسين، والعمليات الفدائية للبطل الشهيد محمد بابو الشريف وحادثة اختطاف السيارة وغيرها الكثير من الأعمال الجهادية التي حفرت اسم مدينة عنابة في سجل الثورة الجزائرية.

إصرار زيغود يوسف

ومن جهته، روى رئيس مؤسسة الشهيد يوسف، البروفيسور أحسن ثليلاني، شذرات من سيرة البطل الشهيد زيغود يوسف، حيث تطرق هو الآخر إلى حادثة هروبه من سجن عنابة المركزي رفقة كل من الشهداء بركات سليمان، بن عودة، وعبد الباقي بخوش، حيث قال بأن عملية الهروب كانت على مستوى عالٍ من الدقة والتنظيم، وهذا ما نحتاج إليه في اللحظة الراهنة “التنظيم” أي أن يكون كل في مكانه مؤديا دوره المنوط به، ودعا إلى الاستفادة من الثورة الجزائرية لا باعتبارها مجرد أحداث بل باعتبارها أفكارا وفلسفة خالدة يمكنها هيكلة المجتمع وتنظيم الأدوار وضبط اتجاه تحركه وعلاقاته.

وتطرق المحاضر في مداخلته إلى حادثة يعتبها مثالا على إصرار الشهيد زيغود يوسف، حيث أصيب الأخير في عينه اليمنى إثر اشتباك مع قوات المستدمر الفرنسي ما أدى إلى إصابته بحالة من العمى الجزئي، ليطلب الأخير من أحد القيادات ــ الذي تم تصفيته لاحقا أثناء الثورة ــ المساعدة المالية من أجل العلاج، ليصرفه الأخير بطريقة مشينه، إلا أن ذلك لم يثن عزيمة الشهيد البطل الذي لجأ إلى التداوي بالطريقة التقليدية، فأثناء قراته لأحد كتب الإمام السيوطي اكتشف أن  الرسول عليه الصلاة والسلام كان يداوي عيون الخيل بمادة “الشب” وهو ما قام بفعله رغم محاولات بن عودة لمنعه مرارا وتكرارا، كون مادة “الشب” محرقة وقد تودي به لفقدان بصره، وبعد قيامه بمداواة نفسه بهذه الطريقة عانى زيغود يوسف الأمرين لمدة تزيد عن 15 يوما انتفخت فيها عينه ولم يذق  فيها طعم النوم، ويشفى بعدها ويعود للإبصار بشكل طبيعي، وهو ما اعتبره، ثليلاني، دليلا على إصرار الرجل ورغبته القوية في الالتحاق بالثورة التحريرية في كامل قواه الجسدية، وأضاف بأنه ومن خلال الشهادات التي جمعها من رفاق زيغود يوسف أن الأخير لم يشاهد من قبل وهو ينزع حذاءه أو يستغرق في النوم حيث عرف بسمتين هما كثرة المشي والتجوال على قدميه، ونومه جالسا بالحذاء والحزام العسكري رفقة سلاحه الذي لم يتركه يوما وهذا ما اعتبره ثليلاني دليلا حقيقيا على إصرار زيغود يوسف ويقظته المنقطعة النظير.

 

أول عرض في الفاتح من نوفمبر

كشف البروفيسور ثليلاني، أنه من المرتقب عرض فيلم “زيغود يوسف” في الفاتح في نومفبر في ذكرى اندلاع الثورة التحريرية وأضاف بأن الفيلم الذي يسرد سيرة البطل الشهيد زيغود يوسف يتمتع بموسيقى تصويرية جد رائعة، كما يتميز كذلك بسرد مفصل ومطول لمشهد “هروب” الذي يصور عملية هروب زيغود يوسف من سجن عنابة رفقة رافقه الثلاثة.

متحف للمجاهد بعنابة

طالب رئيس المجلس العلمي والدكتور المختص في التاريخ، محمد قويسم، بضرورة تخصيص متحف للمجاهد بعنابة كونها ولاية شاركت بقوة في الثورة الجزائرية من خلال عدة عمليات ومعارك من أبرزها معركتا جبلي الإيدوغ وبوقنطاس، كما أشار الأخير إلى ضرورة تدوين أسماء الشهداء الذي سقطوا في هاتين المعركتين وعدا إلى عائلاتهم إلى التقرب منه من أجل البدئ في عملية جمع الأسماء والوقائع وتدوينها بشكل أكاديمي بغرض نشرها في مقالات علمية والحفاظ على التاريخ الثوري للولاية.

مداخلات قيمة وشهادات حية

عرفت الندوة كذلك مجموعة واسعة وثرية من المداخلات الثرية التي أثرت النقاش على غرار مداخلة أستاذ التاريخ بجامعة عنابة وعضو جمعية مدينة للحفاظ على تراث عنابة، الأستاذ عامر الجديد الذي تطرق إلى العديد من العمليات الفدائية وتاريخ عنابة الثوري، كما شهدت كذلك شهادات حية للعديد من المجاهدين الذي عايشوا وقائع الاستدمار الفرنسي.

يشار إلى أن القافلة التاريخية زيغود يوسف من تنظيم متحف المجاهد بسكيكدة، علي كافي بالتنسيق مع مؤسسة الشهيد زيغود يوسف ومديريات المجاهدين لكل من ولاية عنابة، قسنطينة، سكيكدة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

“الأيام الإبداعية الإفريقية” تسلط الضوء على الفنون والصناعات الثقافية

سارة معمري

نحو تأسيس مهرجان غزة الدولي “لسينما المرأة”

سارة معمري

مهرجان الجزائر الدولي للسينما.. برنامج غني بأفلام تعكس مختلف الثقافات

سارة معمري