لمين موساوي
تشهد دروس الدعم بولاية عنابة إقبالا كبيرا من قبل التلاميذ، الذين توجهوا بصورة كبيرة إلى الأساتذة الذين يمتهنون هذا النوع من جلسات الدعم المدفوعة الأجر بدء من الطور الابتدائي وصولا لجميع الأطوار الأخرى، كما أن “ليكور” لا تقتصر على التلاميذ الذين يحتاجون دعما حقيقيا فحسب فحتى التلاميذ الممتازون تجدهم مجبرون على حضور هذه الدروس لعدة أسباب.
في فترات سابقة كانت ترتبط الدروس الخصوصية بنقص التحصيل العلمي الذي كثيرا ما تسببت فيه الإضرابات المتتالية بقطاع التربية، والتي قادتها النقابات ما أدى إلى انتشار رهيب لهذه الظاهرة في عنابة وبشكل متزايد و مضطرد سنويا .
فالضغط الذي ينتقل إلى أولياء التلاميذ، ولا سيما أولئك الذين يستعدون لاختبارات البكالوريا، يزداد أكثر لأن هؤلاء يضطرون إلى إكمال البرنامج التعليمي و بصورة معمقة من أجل إجراء الاختبارات على أكمل وجه، إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت إستقرارا نوعيا في القطاع حيث لم تصادف تقطعات متكررة و طويلة وبالتالي عاش التلاميذ مناخا بيداغوجيا سليما، إلا أن ذاك لم يمنع من تزايد منحى إنتشار ظاهرة “ليكور” التي أضحت مهنة يمارسها الأساتذة سواء في القطاع العمومي أو بالمدارس الخاصة جاعلين منها “تجارة” تفرض في الكثير من الأحيان على أولياء التلاميذ .
وحسب ما علمته “الصريح” فإن السنة الدراسية الحالية تعرف أسعارا خيالية فيما يتعلق بجلسات المراجعة المدرسية “ليكور” بالنسبة للطلاب المقبلين على امتحان البكالوريا ، حيث تبدأ أسعار دروس الدعم بالنسبة للمواد الرئيسية من 3500 دج شهريا لتصل إلى 4500 للدروس الجماعية ، وتجاوزت أسعار دروس الدعم الخاص الـ 10000 دج.
وبذلك تكون هذه الظاهرة قد أخذت أبعادا تجارية أكثر منها معرفية وخرجت عن نطاقها التعليمي الهادف لإعطاء دفعة للتلاميذ من أجل تدارك ما لم يستطيعوا هضمه في مؤسساتهم التربويةليتحول التعاطي معها إلى تجاري محض.
“دروس الدعم تكاد تكون إجبارية .. والتلاميذ يدفعون أموالا طائلة للدراسة في منزل أو مرآب !”
قال نائب رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عباس بن العربي لـ “الصريح” في اتصال هاتفي أن دروس الدعم أصبحت ظاهرة مفروضة على أولياء التلاميذ بسبب استغلال ضروريتها من قبل بعض الأساتذة الذين جعلوا منها تحصيل لدخل مواز خلال السنة الدراسية، كما أشار الأخير إلى غياب الرقابة والقوانين الرادعة لمثل هذه الدروس، التي جانبت الواقعية سواء في الأسعار، أو حتى البيداغوجية المنتهجة من قبل أساتذة متقاعدين، أو حتى الجامعيين البطالين الذين يستغلون أماكن لا تليق للتحصيل العلمي كالمرائب واسطح الفيلات وغيرها من المساحات التي من غير المعقول جعلها مكانا للدراسة حسب وصفه.
ومن بين العوامل التي تسببت في انتشار الظاهرة ، معاناة العديد من المؤسسات التربوية، بالكثير من البلديات بعنابة من الإكتظاظ في الأقسام بسبب عدد التلاميذ الذي لا يتوافق وحجرات المؤسسات التربوية وهو الحال في كل من ثانوية واد القبة ومتوسطة بابو الشريف السنة الفارطة، إلى جانب ابتدائية أول ماي التابعة إداريا لبلدية البوني والتي يدرس بها 740 تلميذا حسب ما أكده نائب رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين عباس بلعربي كما أن متوسطة الشابية عانى الأساتذة والتلاميذ فيها الأمرين بسبب الاكتظاظ الذي انجر عنه خروج 6 اقسام للتجوال داخل المؤسسة بحثا عن حجرات غير مستغلة.
وهو ما عملت عليه مديرية التربية هذه السنة بحلها لمشكل الاكتظاظ بعد دخول عدة مؤسسات تربوية حيز الخدمة ناهيك عن عمليات التوسعة التي مست العديد من المتوسطات والثانويات.
وتسبب الاكتظاظ حسب عدد من أولياء التلاميذ لـ “الصريح” في انعكاس واضح على التحصيل الدراسي لأبنائهم، خاصة وأن الأمر يتعلق بالشهر الأول من الدخول المدرسي أين كانوا ينتظرون تنظيما من طرف القائمين على المؤسسات وحل هذا المشكل من قبل السلطات، مشيرين في السياق، إلى أن معضلة الاكتظاظ اضطرتهم إلى اللجوء للدروس الخاصة التي تحولت إلى ضرورة بالنسبة للكثيرين من أجل مساعدة أبنائهم على الفهم والاستيعاب في ظروف أخرى غير التي يعيشونها في مؤسساتهم التربوية.
مما جعل العديد من الأساتذة ينتهزون هذه الفرصة لتحصيل المزيد من الأموال، حيث إستغل البعض منهم الوضع لفرض أسعار تصل إلى 2000 دينار لساعتين، كمراجعة للمادة الواحدة، وهو ما تعتبره بعض العائلات ابتزازا حقيقيا.
“تظافر الجهود هو الحل لتأطير الدروس الخصوصية .. وعلى الأولياء كسر الصمت !”
كشفت مديرة التربية لولاية عنابة في حديثها لـ”الصريح” أن مصالحها والسلطات الولائية على علم بمدى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية والتي حسبها أضحت غير مؤثرة وتحتاج إلى تكاثف الجهود من قبل كل المديريات على غرار التجارة والهيئات الولائية من أجل تنظيمها ووضع هيكلة لهذه الجلسات الدراسية مدفوعة الأجر، مشيرة في السياق، إلى أن الأمر أضحى مثيرا للقلق في ظل غياب حس الإخطار من قبل أولياء التلاميذ الذين يلتزمون الصمت بخصوص هذا الأمر.
كما أكدت مديرة التربية أن كل التقارير التي وصلت المديرية تم التعامل معها، ولا سبب يجعل من أولياء التلاميذ يدفعون أموالا طائلة من أجل دروس الدعم في ظل استقرار القطاع الذي يشهد مناخا دراسيا سليما في ظل غياب الإضرابات، وكذا التنظيم على مستوى الولاية إلى جانب العدد الكبير من المؤسسات التربوية التي تم إنجازها مؤخرا في العديد من المناطق التي كان يعاني فيها التلاميذ من مشقة التنقل، ما انجر عنه رفع الاكتظاظ عن المؤسسات الأخرى.