المنشآت الرياضية بعنابة … هياكل بلا روح

شعيب  بوسلامة

أضحت المنشآت الرياضية بولاية عنابة وصمة عار في جبين المدينة في السنوات الأخيرة، بعد أن مسها العطب، جراء قلة الاهتمام من قبل المسؤولين، بالإضافة إلى قدمها وإهترائها في الآونة الأخيرة، الأمر الذي جعل الرياضيين يعانون الأمّرين، في طريقهم لتحقيق الانجازات نهاية كل موسم، كما أن كثرة الملاعب الجوارية، لم يقض على مشكل فرق كرة القدم المنخرطة تحت لواء رابطة عنابة الجهوية لكرة القدم.

ومع هذا دائما ما ينتهي الموسم الرياضي الخاص بالعنابيين بالانجازات في مختلف الرياضات، فاتحاد بوخضرة حقق الصعود للقسم الثالث هواة، وأولمبيك مدينة عنابة توج بلقب الكأس لكرة اليد، والرياضات الفردية نالت قسطا كبيرا من الانجازات بفضل المصارعين وتألق نادي نسمة عنابة للكارتي في الموسم الماضي.

الشجرة التي تغطي الغابة لم تعد كذلك

بالأمس القريب كان ملعب 19 ماي 1956 وصمة عار في جبين الولاية، قبل أن يستعيد بريقه مطلع العام الماضي بمناسبة احتضان عنابة جزء من كأس أفريقيا للاعبين المحليين 2022، ومن ثم كأس أفريقيا لأقل من 17 سنة، وبعض المباريات الودية للمنتخب الأول والمحلي، حدث هذا في عز أيامه، وبعدها تراجع بشكل رهيب ومفاجئ في الفترة الأخيرة، الأمر الذي جعل الناخب الوطني جمال بلماضي ينفر منه في التربص الأخير بسبب وضعيته الكارثية وتقرر غلق الملعب لفترة طويلة نسبيا و يشهد حاليا عملية صيانة الأرضية.

ملعب العقيد شابو شهد نصف ترميم

شأنه كشأن ملعب 19 ماي1956، خضع الملعب التاريخي لكرة القدم العنابية وأقدمها ملعب العقيد عبد القادر شابو مؤخرا إلى عملية الترميم إلا أنها جزئية، حيث تم صيانة غرف تغيير الملابس والمحيط الخارجي وكذا الأرضية التي سرعان ما تدهورت كثيرا في الفترة الأخيرة، وهي في طور الترميم حاليا، لتكون جاهزة لاستقبال مباريات فرق اتحاد عنابة، حمراء عنابة، اتحاد بوخضرة، في الموسم الجديد، جدير بالذكر أن المدرجات المقابلة للمدرجات المغطاة آيلة للانهيار، في حال عرفت حضورا جماهيرا غفيرا، وعلى هذا الأساس لا يتم فتحها للأنصار.

ملعب باجي مختار جريمة في حق الملاعب

يصنف ملعب دريدي مختار بالحجار في خانة أسوء الملاعب في عنابة، نظرا للحالة الكارثية التي تتواجد عليها الأرضية حاليا، حيث باتت غير صالحة لممارسة كرة القدم، رغم أن اتحاد الحجار يستقبل فيه منافسيه، وكانت عنابة في بداية الألفية الثانية تزخر بكونها الولاية الوحيدة في الجزائر التي تحوز على ملاعب معشوشبة طبيعيا قبل أن يأكل الدهر عليهم ويشرب، وكان ملعب الحجار مرشحا لأن يشمله ترميم الملاعب بمناسبة ” الشان” قبل أن يسقط من القائمة لأسباب مجهولة، وبدل أن يكون مسرحا لاحتضان مباريات الفرق العنابية، بات لا يصلح حتى للمشي وكثيرا ما يصيب اللاعبين أثناء المباريات والتدريبات.

عبء كبير على عدة ملاعب

يقع على ملاعب ديدوش مراد، تمرابط عبد الكريم، وبوزراد حسين، عبئا كبيرة باحتضانهم تدريبات جميع الفرق العنابية من الدوري ما قبل الشرفي إلى غاية القسم الثالث هواة، وبسبب قلة الملاعب يتم تقسيم الملعب إلى ثلاثة أجزاء تارة بين عدة فرق وتارة أخرى بين الفئات الشبانية لنفس الفريق، كما بات ملعب المجاهد يوسف بن علي بطاشة يحمل أيضا عبئا كبيرا كونه يستقبل مباريات كل من اتحاد عنابة، جيل طاشة، ومولودية برحال.

ملعب طاشة للاستعجالات

كثيرا ما ستنجدت الجهات المسؤلة في ولاية عنابة، بملعب المجاهد يوسف بن علي بطاشة بلدية برحال، حينما تكون ملاعب بلدية عنابة غير جاهزة لاحتضان مباريات قطبي الولاية اتحاد عنابة وحمراء عنابة، ولو أن هؤلاء الأخيرين ينفرون منه باستمرار، نظرا لبعده من جهة، وكثيرا ما تسبب في إصابات متفاوتة الخطورة للاعبين من جهة أخرى، وينتظر الفريقان موعد جاهزية ملعب العقيد عبد القادر شابو أو ملعب 19 ماي1956 للعودة للاستقبال في أحدهما.

الملاعب الجوارية “قضت” و”أفسدت”

ساهمت الملاعب الجوارية التي غزت المدن الجزائرية في التقليل من استهلاك الآفات الاجتماعية، من خلال تخصيص ركن لممارسة الرياضة الأكثر شعبية في العالم، وكان الأحرى حسب المدربين العنابيين بناء ملاعب كبيرة تتوفر على المعايير الوطنية لممارسة كرة القدم، وبالتالي تتوفر الملاعب وينتهي المشكل وتتطور المنظومة الكروية العنابية، لأنه من غير المعقول أن يتعلم هاوي المستديرة فنون كرة القدم في أقل من ساعة تدريب وفي مساحة صغيرة للغاية.

هواة المستديرة في ملاعب ترابية

يحدث في سنة 2023  أن عشاق كرة القدم في عنابة، يمارسونها في ملاعب ترابية، أو كما يحلوا للعنابيين تسميتها بـ “التيف”، على غرار حي ” الشابية،  وأحياء وسط المدينة الذين لم تشملهم ثورة بناء الملاعب الجوارية، حيث يضطر اللاعبون للتنقل لأحياء بونة للعب كرة القدم، على أمل لحاقهم في القريب العاجل بركب الأحياء التي تنعم بالملاعب الجوارية، وكثير من الأحياء تشهد تواجد عدة ملاعب جوارية، وتكون مسرحا للدورات الكورية في شهر رمضان.

هكذا تُسير الملاعب الجوارية ؟

يُشرف على تسيير الملاعب الجوارية في ولاية عنابة البلديات، الذين يفتحون مزايدة لتأجير الملاعب كل عام، وبعدها تتوجه للنوادي الرياضية وجمعيات الحي بتأجير هذه الملاعب، ومن ثم تُكلف ابن حي أو ما شابه ذلك ليشرف على تسييرها، ومن أراد أن يلعب كرة القدم ما عليه إلا أن يدفع المال من أجل ذلك وأسعار كراء الملاعب الجوارية تتراوح بين 500دج و 1000دج، للساعة الواحدة، عكس الولايات المجاورة التي تسمح لهواة المستديرة بممارسة شغفهم بالمجان.

قاعة شحلف تحفظ ماء الوجه

تحفظ القاعة متعددة الرياضات شحلف شهر الدين ماء وجه المنشآت الرياضية بولاية عنابة، حيث رفعت القاعة التي تعودت على احتضان البطولات الوطنية في الرياضات القتالية، وكذا مباريات فخر الرياضة العنابية أولمبيك مدينة عنابة الغبن عن الرياضة العنابية نظير ما تزخر به من مرافق جعلت وزير الشباب والرياضة الحالي عبد الرحمان حماد يعجب بها كثيرا في آخر زيارة قادته إلى ولاية عنابة.

قاعات أكل عليهما الدهر وشرب

صحيح أن ولاية عنابة تمتلك عدة قاعات مغلقة مخصصة للرياضيات الجماعية التي تلعب داخل القاعة في صورة قاعتي بن فرج سليمان وسعيد براهيمي وكذا قاعة الحجار، إلا أن هؤلاء السالف ذكهم غير صالحين لممارسة أي نشاط رياضي، ولم تلمسهم في الآونة الأخيرة أي ترميم أو ما شابه ذلك، جدير بالذكر أن مركز تجمع النخبة الوطنية علي دودو المعروف باسم الكرابس يضم قاعتين صالحتين للتدريبات وليس للمباريات.

حديقة شابو المكان المفضل

يفر عشاق الرياضة في عنابة بصفة عامة ومن يبحثون عن التحسين من مستواهم البدني بصفة خاصة إلى حديقة الإيدوغ، المحاذية لملعب العقيد عبد القادر شابو، من أجل ممارسة نشاطهم الرياضي، بدل من أن يتوجهوا إلى قاعات التدريب، وكذا الملاعب العنابية، وتسمح الحديقة بممارسة الرياضة نظرا لكبرها والهدوء الذي يميزها ما جعلها قبلة لممارسة الرياضة، وأزالت هده الحديقة عبئا كبيرا على ممارسي الرياضات الفردية، والدليل على ذلك أنها كانت شاهدة انجازات فرع حمراء عنابة للملاكمة الموسم الماضي بعد أن احتضنت تدريبات الفريق.

مسبح في المستوى وآخر كارثي

تزخر ولاية عنابة بمسبح نصف أولمبي تابع لمركب 19 ماي1956، وبوسع هذا المسبح احتضان منافسة وطنية في رياضة السباحة، إلا أن هذا لم يحدث منذ تدشينه، كما يوجد هناك مسبحا آخرا ببلدية الحجار أقل بكثير من نصف أولمبي وغير مؤهل لاحتضان البطولات، دون احتساب المسبح المتواجد بمركب الكرابس، ولا تمتلك عنابة تاريخا على مستوى السباحة رغم المحاولات الكثيرة لفريق هيبون عنابة في تدوين اسمه مع عمالقة الرياضة في الجزائر.

“الكرابس”.. علامة استفهام كبيرة ؟

يعتبر مركز تجمع النخبة الوطنية علي دودو المعروف باسم الكرابس من أحسن مراكز التكوين في الجزائر، كما أن جيل الخضر في 1986 حضر لمونديال المكسيك، حضر فيه، إلا أنه لا يستهوي العديد من الفرق على اختلاف الرياضات التي يمارسونها في التحضير في بلدية سيرايدي، وبات في السنوات الأخيرة قبلة سياحية قبل أن تكون رياضية، جدير بالذكر أن المركز تابع لمركز التحضيرات بتيكجدة.

أبطال عنابة يتدربون في قاعات المعاناة

ازدهت الرياضات القتالية في عنابة كثيرا خاصة في رياضتي الملاكمة والمصارعة في الآونة الأخيرة، وذلك بعد بروز جيل يحصد الألقاب الوطنية والقارية، ضاربا بالتهميش وقلة الإمكانيات على مستوى قاعات التدريب عرض الحائط، صحيح أن قاعات التدريب متوفرة في عنابة بكثرة، إلا أنها لا تحوز على الجودة ووفرة معايير التدريب، ويتدرب هواة المصارعة والجيدو والكاراتي والملاكمة، في عنابة في أحياء سيدي سالم الذي يتوفر على قاعتين، شأنه في ذلك شأن بلدية البوني، وقاعة واحدة بأحياء بوخضرة، “جوانو”، واد النيل، الحجار، حي ” لاكولون”، حي ديدوش مراد، حي واد القبة، “خرازة”، والسهل الغربي، وبوزراد حسين، هذه القاعات منها ما هو التابع للديوان البلدي للرياضات، ومنها من هو تابع للقطاع العمومي ومنها من تابع للقطاع الخاص، هذه القاعات صدرت مواهب يسيطرون بنسبة كبيرة على المستوى الوطني خاصة على في رياضتي الجيدو والمصارعة.

تدهور القاعات حتم على الجميع التأقلم

في دردشة جمعتنا مع بعض الملاكمين والمصارعين، أكدوا لنا بأن اهتراء قاعات التدريب، وغيابا الإمكانيات بات أمرا عاديا بالنسبة إليهم، كما أنهم تأقلموا معه، وباتوا لا يلقون اهتماما لهذا العائق الذي تجدر في المنظومة الرياضية العنابية، وعلاوة على هذا بات يشكل إليهم دافعا قويا للتألق ولتحدي الجميع، ويصعب عل السالف ذكرهم التدلارب في فصل الشتاء لكون أن معظم القاعات يكاد سقفهم أن يسقط عليهم.

من حسن الحظ أن رياضة أم الألعاب لا تستهوي العنابيين

“رب ضارة نافعة” هي مقولة تصف الوجه الحقيقي لحالة رياضة ألعاب القوى في عنابة، والتي يمثلها فريق واحد فقط تابع لنادي اتحاد عنابة، ومن حسن الحظ أن هذه الرياضة لا تثير المجتمع الرياضي العنابي، وإلا لما استطاع ملعب العقيد عبد القادر شابو احتضان مزيدا من ممارسي رياضة أم الألعاب، جدير بالذكر أن ملعب العقيد شابو الوحيد القادر على احتضان تحضيرات والمنافسات على مستوى هذه الرياضة نظرا لجودة المضمار الذي يمتلكه، ولو كانت هذه الرياضة تلقى اهتماما كبيرا من قبل العنابين لما وجدوا مكانا صالحا للممارسة شغفهم.

بعض الرياضات غائبة في عنابة لهذا السبب

تغيب عدة رياضات عن الساحة العنابية بسبب غياب مرافقها على غرار رياضات الدرجات الهوائية، أو الرياضية المائية، وحتى رياضة الكرة الحديدية التي باتت تلقى اهتماما كبيرا من عشاقها في السنوات الأخيرة مساحتها غير متوفرة باستثناء المكان المحادي لملعب العقيد عبد القادر شابو،  كما أن ملاعب التنس غير جاهزة في عنابة، ولا تتوفر على المعايير المتفق عليها، ويوجد ملعبين فقط في عنابة الأول بالقرب من ملعب العقيد شابو، والثاني بـ” الطابكوب”.

فكيف تحضر الانجازات؟

يطالب المسؤولين على الرياضة في عنابة من الفرق أو المصارعين بتحقيق الألقاب والانجازات في نهاية كل موسم، إلا أنه في نفس الوقت لا يوفرون لهم أبسط ظروف العمل والنجاح، ومن غير المعقول المطالبة بالنتائج، في ظل غياب الظروف، ومع هذا فإن الرياضة العنابية في منحى تصاعدي، مقارنة بالسنوات الأخيرة، التي كانت مقترنة بالفشل.

مسؤولون مختصون في التكريمات

يتسارع المسوؤلين في عنابة بعد كل انجاز إلى المتوجين من أجل تكرميهم  بالطرق المألوفة والتقاط الصور، في الوقت الذي كان فيه صناع الانجازات يناشدونهم من دعم مادي أو معنوي على مدار الموسم، وعليه فإن الرياضة العنابية بحاجة إلى دعم مادي أكثر من دعم معنوي، والدعم يتمثل في تشييد مراكز تدريب جديدة، أو على الأقل ترميم المنشآت المتوفرة حاليا، ووضع اليد في اليد من أجل الرقي بالرياضة العنابية ومواصلة استهداف الألقاب.

 حان أوان إعادة الرونق للمنشآت العنابية

من بين عوامل التطور والنجاح في الرياضة، هي توفر الظروف المناسبة لتحقيق الأهداف، صحيح أن نتائج الرياضة في عنابة، سواء فردية أوالجماعية في تحسن معتبر، إلا أن المنشآت الرياضية بحاجة إلى اهتمام خاص، وبات على الجهات المسؤولة، إعادة النظر والجلوس فيما بينهم على طاولة النقاش لنقل انشغالات ممارسي الرياضة في عنابة ونقلها للجهات الوصية لتخضع إلى عملية الترميم، وتعود إلى سابق عهدا ولما لا يتكرر سيناريو ملاعبي 19 ماي1956، وملعب العقيد عبد القادر، مع باقي المرافق الرياضية.

عنابة تستحق الأفضل

يبدو أن المدينة الرابعة في الجزائر، تستحق ثورة على مستوى المنشآت الرياضية، للنهوض بالقطاع الرياضي في عنابة، ثورة  يجب أن توازيها انجازات في مختلف الرياضات، وتسمح لبونة مقارعة الولايات على السيطرة رياضيا، فرغم غياب الدعم المادي والمعنوي،ومحدودية الإمكانيات، إلا أن صدى الانجازات العنابية بات يسمع في ربوع الوطن، بفضل أولمبيك مدينة عنابة والانجازات الكبيرة المحققة على مستوى الرياضات الفردية، في الكارتي بفضل نادي النجوم الساطعة سيدي، وفي المصارعة بفضل الجيل التاريخي بقيادة الإخوة غيو، وكذا فطايرية شمس الدين، وبورغيدة عبد الرؤوف، وفي الملاكمة بفضل فرع حمراء عنابة، وفي السباحة عن طريق البطل الوطني أسامة عزوز، والانجازات مرشحة للارتفاع في حال توفت الظروف المناسبة.

 

مقالات ذات صلة

بيتكوفيتش يكشف عن قائمة محاربي الصحراء الخاصة بتربص نوفمبر

سارة معمري

يروي تفاصيل مسيرتها الرياضية.. إيمان خليف تكشف عن مشروع فيلم وثائقي

سارة معمري

المنظمة الوطنية للصحفيين الرياضيين الجزائريين تتفاجئ ببيان الفاف الأخير

سارة معمري