بقلم الدكتور: السبتي سلطاني
بوشكارة صفة أطلقها آباؤنا عن بعض الجزائريين الذين أغرتهم أنفسهم فباعوها للشيطان الاستدماري الغاشم، فكانوا بمثابة عصاها التي تلوح بها في وجوه أبناء الجزائر البررة الذين رفضوا الخضوع لأوامرها، إنهم مجموعة من الخونة الذين خانوا وطنهم وخانوا أمتهم فتماهوا روحيا وعمليا مع فرنسا المجرمة زمن احتلالها لأرضنا الزكية.
بوشكارة اسم عرف به أولئك الحركى الذين قدموا لفرنسا خدمات جليلة من أجل منصب كاذب أو جاه زائلزائف، ولقّبهم آباؤنا بهذا الاسملأن فرنسا كانت تضع على وجوههم أقنعة تستر عارهم وتخفي سوءتهم، وهي عبارة عن كيس يستخدم في تخزين القمح إمعانا في إخفاء وجوهم الصدئة التي علاها الذل وأرهقتها قترة المهانة، فكان هؤلاء الحركى هينون لينون مع جلاديهم أقوياء أشداء مع بني جلدتهم.
لم يكن يهم فرنسا في شيء هؤلاء الحركى الذين نصطلح عليهم في الشرق الجزائري “بالقومية” فهم عندها مجرد بيادق آيلة للسقوط، كما لم يكن همّالمستدمر الغاشم حماية هؤلاء المرتزقة لأن قيمتهم عندها ليست أكثر من سقط المتاع، لذلك من الطبيعي أن تتخلى عنهم متى شاءت، وتحيطهم بالرعاية والعناية متى أرادت، إنها تنظر إليهم من منظور نفعي خالص، لذلك أول ما قامت به بعد طردها من أرضنا الطاهرة أنها حشرتهم في قيطوهات (تجمعات سكنية بائسة) وحرمتهم من الحياة الكريمة وهو مصير كل متعاون مع العدو خائن لشعبه.
فهل انتهت وظيفة بوشكارة بخروج الاستعمار من هذه الأرض الطاهرة؟
بقراءة متأنية في واقع الحال نتأكد أن الصورة تغيرت لكن الواقع ظل كما هو لم يتغير قيد أنملة، فمن كان يمارس وظيفة بوشكارة بالأمس بات يمارسها اليوم بأشكال أخرى، ولعلني لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ بوشكارة اليوم أخطر بكثير من بوشكارة الأمس، فإذا كان هذا الأخير قد دفعته للخيانة دوافع الضعف وقلة ذات اليد والخوف الشديد على نفسه، فإن بوشكارة اليوم وجد في الخيانة سبيلا للعيش حياة الملوك عند من كلفه بهذه المهمة القذرة، وبالتالي من الطبيعي أن يمنحه قتلة الأمس جنسيتهم وحصانتهم وينبرون يدافعون عنه في منابرهم الإعلامية المتطرفة تطرف جرائمهم التي لن تسقط بالتقادم مهما فعلوا.
ولأن الخيانة قد تحولت إلى وجهة نظر عند بعض من يدّعون انتماءهم إلى فئة المثقفين، فإنه لم يعد يفاجئنا بعض هؤلاء بتصريحات مقززة ومثيرة للاشمئزاز من قبيل التشكيك في الهوية وجغرافية الوطن طالما أن غايتهم هي إرضاء أسيادهم من وراء البحر الذين يتكرمون عليهم بمنحهم نياشين الذل والعار كما فعلوا بالأمس مع من كان طوع إرادتهم.
ختاما سيظل مصطلح بوشكارة حاضرا على الدوام لأن بوشكارة فكرة والفكرة لن تموت طالما يوجد من يؤمن بها ويكرس حياته لأجلها… تحياتي.