أضحت تهدد السكينة العامة و الأمن يطلق حملة واسعة لاصطياد عناصرها.. من يقف وراء عصابات الأحياء بولاية عنابة؟

بقلم: لمين موساوي

أطلقت الأجهزة الأمنية لولاية عنابة حملة حازمة لفرض النظام العاموالتصدي لظاهرة عصابات الأحياء التي باتت تشكّل خطرًا حقيقيًا علىالأمن وسكينة المواطنين. هذه الحرب، التي انطلقت بتعليمات صارمة منالسلطات العليا للبلاد، جاءت كردّ حازم على الانتشار المقلق لظاهرةالعنف الجماعي واستعمال الأسلحة البيضاء في الأحياء الشعبيةوالمناطق الحضرية الجديدة على حد سواء.

التحركات الأمنية لم تكن عشوائية، بل جرت وفق خطة دقيقة استهدفتالنقاط السوداء التي لطالما كانت مصدر إزعاج وخطر في عاصمةالشرق. وقد سخّرت مصالح الأمن بالتنسيق مع المصالح المختصة،تعزيزات بشرية ومادية كبيرة شملت دوريات راجلة ومتحركة، إضافةإلى نصب حواجز فجائية ومداهمات ليلية في الأحياء المعروفة بحوادثالعنف مثل حي الصفصاف، بوحديد، و بحي سيدي سالم. ولابلاص دارموغيرها منها الأحياء التي توصف بالساخنة.

وفي إطار هذه العمليات، تم توقيف العشرات من المشتبه فيهم، بعضهمضبطوا متلبسين بحيازة أسلحة بيضاء خطيرة أو مواد مخدّرة، فيما تمّتفكيك مجموعات كانت تستعد للاشتباك مع عصابات منافسة فيمناطق مختلفة من المدينة. مصدر أوضح لجريدةالصريحأن هذهالعمليات تأتي في سياق تجسيد التعليمات الصارمة الصادرة عنالسلطات العليا للبلاد بضرورة اجتثاث الظاهرة من جذورها،واسترجاع هيبة الدولة في الشارع، مشيرًا إلى أنّ الأولوية حالياً هيضرب أوكار هذه العصابات في النقاط  التي توصف بالسوداء نظرالتمركز المنحرفين فيها.

ترسانة قانونية

وفي السياق، تأتي هذه الحملة الميدانية بعد دخول الأمر رقم 20-03 المؤرخ في 30 أوت 2020 حيّز التنفيذ، وهو القانون الذي خصّصهالمشرّع الجزائري للوقاية من عصابات الأحياء ومكافحتها. وينصّ هذاالقانون على معاقبة كلّ من يشارك في أعمال عنف أو شجارات جماعيةداخل الأحياء بالحبس من سنتين إلى عشرين سنة، وقد تصل العقوبةإلى السجن المؤبد في حال تسبّب الفعل في وفاة شخص. ويمنحالتشريع الجديد للنيابة العامة صلاحيات أوسع في تحريك الدعوىالعمومية حتى في حال عدم وجود شكوى من الضحايا، كما يفرضعلى السلطات المحلية والمجتمع المدني المساهمة في الوقاية منالظاهرة عبر برامج توعية ومتابعة للشباب المنقطعين عن الدراسةوالمعرّضين للانحراف.

في السنوات الأخيرة، شهدت بعض الأحياء بعنابة حوادث خطيرة بينمجموعات شبانية استعملت السيوف والعصيّ والسكاكين، ما خلّفجرحى وضحايا، وأثار حالة من الرعب بين السكان. تلك المشاهد الداميةالتي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كانت دافعًا رئيسيًالتحرّك السلطات. يقول أحد سكان حي بوحديد في تصريح لجريدتنا: «كنا نعيش كل أسبوع على وقع شجارات جماعية تبدأ بخلاف بسيطوتنتهي بإصابات خطيرة. اليوم بدأنا نلاحظ وجودًا أمنيًا قويًاوارتياحًا وسط السكان».

من جهة أخرى، السلطات الولائية بعنابة لا تراهن فقط على المقاربةالأمنية، بل تعمل بالتوازي على محور اجتماعي توعوي، عبر إشراكالجمعيات المحلية ودور الشباب والمجتمع المدني في تنظيم حملاتتحسيسية. وهي التي تهدف إلى تقريب الشباب من الأنشطة الرياضيةوالثقافية، وإعادة بناء الروابط الاجتماعية التي تراجعت في السنواتالماضية بسبب البطالة والمخدرات. كما تعمل المصالح البلدية، على إعادةتهيئة النقاط السوداء عبر الإنارة العمومية وتنظيف المحيط وإزالةالأكوام المهجورة التي كانت تتحول إلى مخابئ للمجرمين. النتائجالأولية لهذه الحملة بدت واضحة من خلال تراجع محسوس في عددالشجارات المسجلة، وتزايد ثقة المواطنين في الأجهزة الأمنية، إضافةإلى ارتفاع عدد البلاغات التي تصل إلى مراكز الشرطة. كما أن العملياتالمكثفة في الآونة الأخيرة تشير إلى أن  الحرب  ضدّ عصابات الأحياء لنتتوقف، وأن كل من تسوّل له نفسه المساس بالأمن العام سيلقى الردالصارم وفق القانون».

تعليمات صارمة

المخاوف من تهديد عصابات الأحياء للسكينة العامة دفع  وزير الداخليةوالجماعات المحلية والنقل، السعيد سعيود، خلال اجتماع تأطيري بمقرقصر الحكومة، إلى التأكيد على أن ضمان السكينة العمومية وأمنالمواطن يشكلان أولوية قصوى في العمل القطاعي، تنفيذا لتوجيهاترئيس الجمهورية. وبعد أنأشاد الوزير بجهود المصالح الأمنية فيالتصدي لمظاهر العنف المجتمعي، أشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهدإجراءات تدعيمية لتعزيز التواجد الأمني في الميدان، ومواجهة كل مامن شأنه المساس بأمن المواطن والنظام العام. كما شدد على ضرورةالتطبيق الصارم لقوانين الجمهورية لضمان الطمأنينة والاستقرار فيالأحياء والمرافق العمومية، بما يعكس التزام الدولة بحماية المواطنينوالحفاظ على السلم الاجتماعي.وقبل أيام فقط، أسدى وزير العدل،لطفي بوجمعة، تعليمات مشددة لرؤساء المجالس القضائية والنوابالعامين لمحاصرة عدة جرائم وظواهر خطيرة، متطرقا إلى حمايةالمجتمع بناء على الأحكام التي أتى بها قانون الإجراءات الجزائيةالجديد.وعدد الوزير في لقاء تنسيقي مع رؤساء المجالس والنوابالعامين، الجرائم التي تقع تحت مجهر ومتابعة الوزارة والسلطاتالعليا للبلد، وتخص الاتجار بالمخدرات وعصابات الأحياء والفسادوتبييض الأموال وجرائم الصرف والمضاربة غير المشروعة والاعتداءاتعلى المواطنين والاعتداء على أملاك الدولة ومخالفة قانون المرورومختلف الجرائم التي تمس بسلامة المواطنين ومقدرات الأمة.

مصلحة للتحقيق القضائي بمديرية الأمن الداخلي

و على صعيد متصل وقّع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، مرسومارئاسيا رقم 25-258 مؤرخا في 25 سبتمبر سنة 2025، يتضمن إنشاءمصلحة للتحقيق القضائي بالمديرية العامة للأمن الداخلي لوزارةالدفاع الوطني، يحدد مهامها وتنظيمها.وحسب المرسوم الصادر فيالعدد 66 من الجريدة الرسمية، تهدف الإجراءات الجديدة، إلى تعديلوتتميم بعض أحكام المرسوم الرئاسي رقم 19-356 المؤرخ في17 ديسمبرسنة 2019، المتضمن إنشاء مصلحة للتحقيق القضائي بالمديرية العامةللأمن الداخلي لوزارة الدفاع الوطني، وتحديد مهامهاوتنظيمها.وتتولى المصلحة، حسب النص الجديد، مهام البحثوالتحري، عن الجرائم الآيلة لاختصاصها، بموجب القوانين والأنظمةالسارية المفعول، وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها، ما دام لم يبدأتحقيق قضائي بشأنها.وتتلقى بهذه الصفة، الشكاوى والبلاغاتوتباشر التحقيقات الابتدائية، وفقا لأحكام التشريع الساري المفعول،حيث تستعمل لهذا الغرض، وسائل تحريات الشرطة العلميةوالتقنية.وتزود المصلحة بهذا الغرض، ولتنفيذ مهامها، بمصالح جهويةومصلحة إقليمية وفرق متنقلة للشرطة القضائية.كما تعوض تسميةمصلحة التحقيق القضائي للمديرية العامة للأمن الداخلي، لوزارةالدفاع الوطني، بتسميةمصلحة مركزية للشرطة القضائية للمديريةالعامة للأمن الداخلي لوزارة الدفاع الوطني، في عنوان وأحكام المادةالأولى من المرسوم الرئاسي رقم 19-356 المؤرخ في 17 ديسمبر سنة2019.

مقالات ذات صلة

إثر شجار مع عائلته.. 20 سنة سجنا لشخص أضرم النار في عمارة ببلاص دارم بعنابة

sarih_auteur

بعد تطرق “الصريح” لمعاناة قاطنيها.. ملف شقق الغرفة الواحدة بعنابة على طاولة وزير السكن

sarih_auteur

حي 280 مسكن بوزعرورة بالبوني.. تسرّب كميات هائلة من المياه والحل ليس غدًا

sarih_auteur