كباشرت مديرية المصالح الفلاحية لولاية عنابة عملية واسعة لتسوية وضعية العقار الفلاحي، في إطار التعليمة الوزارية المشتركة المتعلقة بتطهير الأراضي الفلاحية التابعة للدولة. وحسب ذات المصالح، فقد تم إيداع أكثر من 2000 ملف إلى غاية اليوم، جرى دراسة 600 منها. وتهدف هذه العملية أساسًا إلى معالجة وضعية الأراضي الفلاحية التابعة لأملاك الدولة والمستغلة دون ترخيص قانوني، وهي ظاهرة تعرف انتشارًا واسعًا عبر تراب الولاية.
وتُعدّ الأراضي المعروفة باسم “أراضي العروش” أو “الأراضي العائلية” من بين الملفات الأكثر حساسية، باعتبارها ملكيات جماعية متوارثة تُدار وفق الأعراف والعلاقات العائلية منذ أجيال، بعضها يعود إلى فترة ما قبل الاستقلال، بل وحتى إلى العهد الاستعماري. ويعود آخر إحصاء رسمي للأراضي الفلاحية إلى سنة 1981، قبل أن يصدر المرسوم الوزاري رقم 750 المؤرخ في 28 جويلية 2018، الذي دعا إلى إجراء إحصاء جديد يهدف إلى تحديد الأراضي غير المستغلة.
وقد كشفت التحقيقات أن جزءًا كبيرًا من هذه الأراضي ما يزال بورا، وهو ما دفع السلطات إلى إطلاق حملة تطهير واسعة قصد إعادة توجيهها نحو النشاط الفلاحي المنتج. وتسعى السلطات من خلال هذه العملية إلى تحقيق هدفين رئيسيين: أولهما توجيه الأراضي غير المستغلة نحو مشاريع فلاحية منتجة تساهم في تنشيط القطاع وخلق مصادر جديدة للثروة بالولاية، وثانيهما إنشاء قاعدة بيانات دقيقة وموثوقة للعقار الفلاحي.
وتعمل مديرية المصالح الفلاحية حاليًا على دراسة مجمل الملفات لتسوية الوضعية القانونية للمستغلين وحماية الأملاك الفلاحية التابعة للدولة. غير أن بعض الشاغلين غير المستغلين لهذه الأراضي أبدوا تخوفهم من سحبها منهم لصالح مستثمرين قادرين على استغلالها بفعالية أكبر. وتندرج هذه العملية ضمن البرنامج الوطني لتنمية الفلاحة وفي إطار استراتيجية الدولة الرامية إلى تعزيز الأمن الغذائي للبلاد. غير أن نجاحها، كما يؤكد المتتبعون، يبقى مرهونًا بتأسيس أرضية قانونية صلبة تضمن الشفافية واستدامة الاستغلال الفلاحي العمومي.
لمين موساوي

