“المقنين يا الزين” أغنية تراثية جزائرية تحمل في طياتها معاناة أصغر شهيد

ملاك زموري

أحيت الفنانة نعيمة دزيرية ذكرى استشهاد المجاهد رحال بوعلام، من خلال أغنية شعبية رددها الأجيال على مر السنوات وتغنى بها فنانو الشعبي في العديد من الحفلات، بعنوان “المقنين يا الزين”، وهو رمز لبطل الثورة الجزائرية رحال بوعلام، من أصغر الشهداء الذي أعدمتهم فرنسا بالمصقلة.

أبيات الشاعر تترجم معاناة الشهيد

كتب ولحن الأغنية المقاوم الشاعر الجزائري، محمد الباجي، المشهور بلقب “الباز”، وهو في سجن الاحتلال الفرنسي إبان الثورة التحريرية، وسميت بـ”المقنين” لأن الشهيد قتل وهو في سن الزهور لم يتجاوز التاسعة عشر من عمره.

وتحكي هذه الأغنية الخالدة ما وقع لأصغر شهيد أعدم في فترة الاحتلال، حيث يقصد الشاعر بالبيت الشعري “المقنين الزين، يا اصفر الجنحين، يا حمر الخدين، يا كحيل العينين” الطائر الحسون الذي شبه به الشهيد رحال بوعلام لنحافة جسمه وسرعته، ويقول في البيت الموالي “لا من يعرف غناك منين” مشيرا إلى أنه لم يفهم أحد قصة الشهيد الذي عذبه الاحتلال الفرنسي ثم قطع رأسه بعدما زور شهادة ميلاده، وأضاف “تفرفر فالهوا طاير وتعشش فالشجر” أي أن الشاب كان يحلق في الفضاء قبل نهب حريته، ويشير في البيت الشعري “تحكمتي من دوك الجنحين” إلى سلب حرية رحال بوعلام ومسك فرنسا أجنحته، ويضيف “لا ماء و لا قوت بنين” أي أنه بدون أكل وشرب، وبهذه الكلمات يصور الشاعر جرائم الاستعمار الفرنسي ضد الشهيد بلحن حزين وكلمات مأثرة.

كفاح الشهيد ولقائه بالمناضل الباجي

ويعتبر بوعلام رحال أصغر شهيد تم إعدامه من قبل قوات الظلم الاستعمارية، كان لاعبا في صفوف المولودية منذ صنف الأصاغر، إضافة لكونه عضوا في جبهة التحرير الوطني، ألقي عليه القبض سنة 1957 وسنه لا يتعدى 19 سنة، و قد كان القانون آنذاك يحدد سن 20 سنة للإعدام، فقامت السلطات الاستعمارية بتزوير شهادة ميلاده بإضافة 10 أشهر كاملة حتى تطبق عليه عقوبة الاعدام، فقد كان يوم ميلاده في 26 نوفمبر 1937، ليقوموا بتغييره إلى 26 فيفري 1937، لتطبق عقوبة الإعدام في ذات يوم 20 جوان 1957 في سجن سركاجي بالعاصمة، عندما كان بوعلام رحال في السجن شاءت الأقدار أن يلتقي في نفس الزنزانة بالفنان المناضل “الباجي” الذي تعلق كثيرا بلاعب المولودية، ليكتب قصيدته الشهيرة “يا المقنين الزين” نسبة للمراهق الشهم الذي سجن وعذب وأعدم بدون وجه حق.

الأغنية الشعبية ساهمت في توثيق وتأريخ الثورة التحريرية

كما أن مدارس تعليم الشعبي تدرب على أداء هذه الأغنية، وأغلب المهرجانات لا تخلو من أدائها، خاصة في مهرجان الأغنية الشعبية التي كانت محفزا للثورة ووسيلة من وسائل المقاومة الثقافية ضد الاستعمار تعبر عن بطولات الشهداء، حيث كانت تسمى مديحا دينيا ومنها جاءت كلمة المدّاح، وفي عام 1946 سميت الشعبية بقرار من الشيخ بودالي السفير الذي كان يعمل بالإذاعة الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي، ليصبح الغناء الشعبي لونا موسيقيا في الجزائر على غرار الأندلسي والبدوي والقبائلي والعصري، حيث كانت الأغنية الشعبية وسيلة للحوار ونقل رسائل إلا أن إبان الثورة كان شعراء الشعبي يخبئون قصائدهم عن عين الشمس خوفا من المستعمر لأنها كانت تمجد الثورة، وظهرت إلى النور بعد الاستقلال عام 1962.

ويرتقب أن تحتضن ولاية قالمة من 13 إلى 16 نوفمبر القادم ملتقى دولي حول الشعر الشعبي ودوره في المقاومة، تحت شعار “الشعر الشعبي من الفعل الإبداعي الى الفعل الثوري” بمشاركة شعراء والفرق الفنية من مختلف الولايات.

 

مقالات ذات صلة

حل ديوان “رياض الفتح” وتحويل أملاكه إلى ولاية الجزائر

sarih_auteur

إيداع ملف المسارات الثقافية للأضرحة الجنائزية والقبور النوميدية لدى “اليونيسكو”

sarih_auteur

التلفزيون العمومي يطلق مسابقة لانتقاء سيناريوهات تلفزيونية

sarih_auteur