“زهور ونيسي… الرمز لفكر مناضل”

ملاك زموري

احتضنت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بركات سليمان صباح أمس، ملتقى وطنيا حول “زهور ونيسي من أقطاب الفكر والأدب الجزائري”، لدراسة أعمال الكاتبة والمناضلة والمجاهدة الجزائرية من قبل باحثين وأكاديميين، احتفاء وتقديرا لدورها الحافل الدؤوب في خدمة وإثراء المدونة الثقافية الوطنية والعربية بإبداعاتها على مدار أكثر من ستين عاما.

وأردف المفتش العام ممثلا عن والي عنابة عبد القادر جلاوي في كلمته الافتتاحية، إن زهور ونيسي تعد من أوائل الكاتبات اللاتي اقتحمن ميدان الأدب والسرد، وأنها علم بارز في تاريخ الجزائر جمعت بين النضال الفكري والسياسي.

ومن جهتها، قدمت مديرة الثقافة صليحة برقوق، نبذة عن حياة رائدة الكتابة النسائية في الجزائر وأول امرأة تعين وزيرة بعد الاستقلال التحقت فترة الاستعمار بصفوف جبهة التحرير الوطني، ودرست الفلسفة وعلم الاجتماع، وانخرطت في الحركة الأدبية الجزائرية، وتنتمي إلى الجيل الذي ربته مدرسة ابن باديس الإصلاحية، كما أنها الأديبة التي كتبت أول رواية باللغة العربية، وترأست تحرير أول مجلة نسائية تعنى بشؤون المرأة الجزائرية، واعتبرت مديرة المكتبة صليحة نواصر، أن هذه الندوة الفكرية، تأتي للتعريف بأحد أكبر أقطاب الفكر والأدب، الكاتبة المبدعة والمجاهدة والسياسية زهور ونيسي، أيقونة بلد المليون ونصف المليون شهيد، ملهمة بمواقفها وأقوالها وحروفها استطاعت على مدار السنين أن تكسب قلوب القراء وتنال إعجابهم وتقديرهم وتسجل اسمها عن جدارة في مختلف المعاجم والموسوعات الدولية، فهي أول امرأة جزائرية تنشر مجموعة قصصية سنة 1967، وهي أول كاتبة تصدر رواية باللغة العربية سنة 1978 ” من يوميات مدرسة حرة”.

وتضمنت الجلسة العلمية الأولى برئاسة الدكتور فصيح مقران، ندوات ومداخلات فكرية عديدة ومتنوعة حول اسهامات ونضالات زهور ونيسي، شارك بها العديد من الباحثين والدكاترة من جامعات جزائرية عدة، بأوراق بحث تتناول أبرز محطات الأديبة، أين قدم الدكتور محمد امين بحري، كتابا جماعيا حول أعمال الأديية بمناسبة نيلها جائزة سعاد الصباح معنون بـ “زهور ونيسي الزهرة التي هزمت الأشواك”، يضم 32 مقالا علميا وحوارات إعلامية مع الكاتبة، مشيرا أن الإصدار يعلي من مكانة وصورة المرأة الجزائرية الثائرة.

وتحدث الدكتور يوسف وغليسي، في مداخلته المعنونة بـ”زهور ونيسي شاعرة”، عن أهم إصدارات الشاعرة التي يمتد عمرها الأدبي 70 عاما كاملا، حيث كتبت أول رواية نسوية في الأدب الجزائري، وصدر مقالها الأول سنة 1954، ونشرت أول مجموعة قصصية بعنوان “الرصيف النائم” سنة 1967 تضمنت 6 قصص ذات طابع واقعي يعكس يوميات الثورة التحريرية ومعاناة الشعب الجزائري، مشيرا أن معظم قصائدها عمودي.

من جهته حدد محمد كعنوان، في مداخلته الموسومة بـ “الفضاء السير الذاتي في كتاب -عبر الزهور والأشواك”، مفهوم السيرة الذاتية، اليوميات والتخيل الذاتي في كتاب “عبر الزهور والأشواك”، أين أكد أن هذا الأخير هو تصوير جمالي يحمل مجموعة من النصوص وخصائص لأنواع أدبية مختلفة، ويقدم معلومات تاريخية وقعت في زمن معين بأسلوب أدبي مميز ونص شفافي يتقاطع مع القصة القصيرة، وأوضح أن الكتاب تناول عادات وتقاليد المجتمع الجزائري، ووصف قسنطينة بلباسها وأطعمتها وجسورها وأزقتها وجبالها ومساجدها بخطاب يشد انتباه القارئ.

وتحدث الأستاذ إدريس بوديبة عن الشؤون المسرحية عند زهور ونيسي في مداخلة بعنوان ” المرأة والتاريخ في مسرحية دعاء الحمام”، أين أوضح أن مسرحية “دعاء الحمام” مبنية على شعرية المشهد والحوار الخارجي تناولت في 5 مشاهد قضايا المرأة الجزائرية ضمن المتغيرات التي يشهدها المجتمع،

وقال :” في المشهد الأول من المسرحية كانت هناك مجموعة من النساء والفتيات بعضهن واقفات والأخريات جالسات في فضاء ما، يدور بينهن حوار حول الموت وأسبابه، الزواج والمشاكل المختلفة التي يعانين منها بألوان مختلفة وحوار منتظم، أما المشهد الثاني كان استحضار ” الكاهنة” أم لثلاثة أبناء؛ ولدين وبنت، فكانت الأم المربية في حين لم تنس بأنها الملكة، المرأة الوفية لوطنها التي يجب أن تحافظ على كرامتها وكرامة بلدها، فهي تحمل أمانة عظيمة وهي حرية شعبها وسيادته، تحافظ على تراث أسالفها العظماء.

وفي المشهد الثالث فكانت منطقة الهقار بصحراء موطن التوارق في قصر من قصور الجنوب الكبير، وكانت المرأة تينهنان من نساء القلعة بلباس التوارق تحدث مجموعة من النساء عن تردد رجال القصر في التصدي للغزاة، وفي المشهد الرابع كانت غرفة في إحدى البيوت بإحدى قرى الصومام أين كانت هناك المجاهدة القوية لالة فاطمة نسومر تحدث والدها عن قوة العدو المحتل.

والمشهد الخامس كانت الشخصية الرئيسية فيه مريم بوعتورة، التي تحصلت بشاعتها وجرأتها على رشاش لتستخدمه في العمليات الفدائية إلى جانب رفيقها حمالوي، وهكذا جسدت زهور نضال المرأة الجزائرية عبر العصور”، وأشار أن كل مشهد يصلح أن يكون لوحة مسرحية، وأن زهور ونيسي قدمت ضمن المسرحية جملة من التوجيهات الإخراجية والإرشادات، وأوضح أن هذه المسرحية قد حولت إلى الركح سنة 2008 أنتجت بالمسرح الجهوي تيزي وزو.

أما الدكتورة فاطمة الزهراء عايد، أكدت أن رواية “جسر للبوح والآخر للحنين” هي كنز أدبي يحمل الكثير من الدلالات العميقة التي لامست القضايا الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الإنسانية، قضايا المركز والهامش، القومية العربية، الأنا والاخر، وغيرها من القضايا المتشابكة التي ترمي إلى أهمية استمرار النضال للنهوض بالجزائر، حيث تسرد الرواية رحلة غربة يعيشها البطل كمال العطار واسترجاعه للماضي، وحاولت الكاتبة من خلال هذا الاصدار أن تلقي الضوء على القضية الثورية بعدة شخصيات وبرسائل إنسانية، مشيرة إلى الألم النفسي والصراعات الناتجة عن اغتراب الوطن.

وفي ختام الجلسة العلمية أعلنت مديرة المكتبة عن الفائزين بجائزة واسيني الأعرج للمقروئية لسنة 2023، أين تم تسليم جوائز تكريمية لقراء المكتبة.

مقالات ذات صلة

“الأيام الإبداعية الإفريقية” تسلط الضوء على الفنون والصناعات الثقافية

سارة معمري

نحو تأسيس مهرجان غزة الدولي “لسينما المرأة”

سارة معمري

مهرجان الجزائر الدولي للسينما.. برنامج غني بأفلام تعكس مختلف الثقافات

سارة معمري