سلوى لميس مسعي
أسالت فاجعة اغتيال الفنان جمال بن سماعيل، عشرات الكتاب والفنانين الجزائريين والعرب، فراحوا يكتبون القصائد ويرفعونها لروحه الطيبة ويرسمون وجهه البريئ ويرثونه في أكثر الكلمات حزنا ، وألما ، فمنهم من وصف مجريات الجريمة، ووصفها بالسادية ومنهم من وصفها بالبشعة، ولكنها في النهاية الجريمة الحارقة لروح الإنسان الخير والفنان على أرض اشتعلت لأيام بالنار وستبقى مشتعلة بذكرى الشاب البريئ جمال بن سماعيل ابن خميس مليانة .
وِزْرُنا جميعاً
ج/فوغالي
“أتموتُ؟تاريخُ الرُّجولةِ فِرْيَةٌ
كبْرى،ووضاءة الأمجاد «
الشاعرُ العربيُّ أحمد سُليمان العيسى
دمُهُ البريءُ وقدْ تشظَّى،والنارُ ذاتُ الوقودِ إذْ همْ عليها قعود،والحريقُ المُتَأجِّجُ والسَّحْلُ والذبحُ والضربُ والكدماتُ وتصويرُ الفاجعة،والمتفرِّجونَ والأصواتُ المنكرة،وتلكَ حمَّالةُ الحقدِ التي تقولُ متخفيَّةً”كَمّلْ…كَمّلْ”للَّذي يجهزُ على الوريدِ والمِدْيَةُ بيدهِ حادَّةٌ سوداء،والعينانِ منَ الفتى الذَّبيحِ جمال وحدهما منَ الجسدِ المتفحِّمِ ضارعتان إلى السماء،وتراهمْ بالبصيرةِ متحلِّقين وهمْ شتَّى،والصراخُ منهمْ والرُّغاءُ والأحقادُ قُباعُ شرٍّ مستطير،والرقصُ مرضٌ رجيم،في احتفاليَّةِ الهمجيَّةِ الرَّعناءِ في القرنِ الكَنود،
كلُّ ذلكَ في رقبَتِنا،وهذي الوازِرةُ وِزرُنا جميعاً إلى يومِ القيامة.
- أتروْنَ الأحلامَ التي أرى في صفاءِ العينيْنِ منْ وجهِ هذا الفتى؟
- أتروْنَ الجبينَ منهُ وقدِ استضاءَ بالنورِ الذي في القلب،وكانَ النبضُ عاشقاً للحياةِ والفنِّ والألوانِ منْ قوسِ قزحٍ والموسيقى،وكانَ محبًّا للجزائرِ وكانَ يغنِّيها والقيثارةُ اليتيمةُ الشاهدة؟
- وهذي الابتسامةُ التي لنْ تُنسى،وستكونُ آيتُهُ الكبرى،في الملإِ الأعلى،وقدْ تجلَّى في المنتهى منْ سدرةِ الرحمةِ في الأنْسِ منَ الرَّوضة،ويعودُ يومئذٍ كلُّ ذلكَ سيرَتهُ الأولى.
أيها العرابرة
يوسف وغليسي
أما وقد قتلت نفس بيننا ، بغير حق ، فادارأنا فيها ( والله مخرج ما كنتم تكتمون)..وفي انتظار اسدال الستار على مأساة( الجريمة والعقاب) ، وقد لاح أن الدولة ( التي كانت مغيبة عن مسرح الجريمة ) عازمة على استعادة بعض هيبتها ، ومعاقبة المجرمين وأعوانهم ، بعيدا عن أصولهم وعروشهم التي لا أخالها إلا قائلة : ألهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .
في هذا السياق ، ودرءا للفتنة الموقظة ، استحضر مقاطع من قصيدتي القديمة ( تجليات نبي سقط من الموت سهوا )، التي كتبتها منذ ىربع قرن تحديدا ، بروح ( عربرية) واضحة .
مرفقة بتعليق عام على ديواني ( ديبجة شيخي الكبير الكبير د .عبد المالك مرتاض).
إني تلاشيت سكران..
إني تشظيت في وهج الوجد..
غيبت في أبد الأبدين.
يسألونك عني .
.قل إني نزحت إلى ” طور سنين” ،
إني تقلدت عرض النبوة في وطن آخر يشبهني
ويمنحني الوصل بالروح في كل حين .
يسألونك عني ..
قل اني تشبهت بالنخل ن ما مت ..
ماينبغي ان أموت .
أتسامى كما الروح ، فوق الرياح ، وفوق الزمان
وفوق المكان ،وفوق الحكومة والبرلمان،..
وسوف أحط من الملكوت ..
سأعود غداة تزلزل تلك الممالك زلزالها
وجبال “الزبربر” تخرج أثقالها .ويعود الحمام إلى شرفات البيوت.
تاغراس في أوت 1996
نص الفجيعة *
– إسترح هناك
إسترح هناك
لا همجية ولا ” ماك ”
إسترح هناك
بعيدا عن القذارة عن ” السالفي” المتعفن والفايسبوك
إستمتع بطيبتك هناك بعفوك الرحيم حين كبلوك
صوروك
أحرقوك
ذبوحك رجموك لعنوك بكل اللغات والإشارات والحركات
لعنات سيدي يوسف تكبل اقدارهم حيث ما ارتحلوا لم تعد تخيفك
ركلات التتار والماغول وبنو ربيعة وقوم عاد
لم تعد تهزك اللعنات المترامية ذات اليمين و ذات الشمال
لم تعد توسلاتك تغنيهم شيئا
والغارقون في ملذات الفجيعة يقولون هل من مزيد
قذفوك في الهشيم الممرمد
حملت الذاريات روحك للعلى
اللعنات خلفك كالغيوم تحوم دون غيث
والغيث عالق في السماء
تتصبب حباته كالرطب الجني خلفك
أيتها السماء الحزينة
امطري ..لا تمطري
أيتها السحب العالقة
أمطري.. لا تمطري
ايتها الغيوم النائمة بين السموات
افسحي الطريق من الأرض إلى سدرة المنتهى
أيتها لاالملائكة الكرام
سرجوا سرجوا طهر البراق
روح جمال تعرج إلى حيث ترقد الأرواح
دع الوحوش بعدك
تأكل بعضها
مثلما أكلت نار الفجيعة
جسدل الموبوء.
نور الدين ابن طبنة
قصيدة: تبت يدا أبي لهب
بقلم: نادية نواصر
في مرثية جمال بن سماعيل
يا يوسف
كيف أرثيك
وكيف أبكيك
نفد الدمع يا ولدي
أتعبني الفقد يا كبدي
وأعيتني الإحزان
هل أبكيك أم ابكي موت الإنسان؟!
إني انزف.. انزف. انزف حد الإمكان..
يا روح ( ماما) قل لي : من يقتل من؟
من يحرق من؟
فسمائي معتمة وطريقي دخان.. دخان…دخان
ماذا لو رموك في الجب وما قتلوك
ماذا لو أعادوك مخذولا وما ذبحوك؟
ماذا لو حاصروك بعصيهم وما صلبوك وأحرقوك؟!
ما لو انقلب السكين إلى ضده وذبحنا لأجلك قربانا
وما ذبحوك.
هل كنت تلون لوحتك بأخر ريشة وأخر لون للشهقة الاخيرة؟!
هل كنت تغني أغنية الوداع الأخير ولم نعي عمق كلماتك؟!
هل ودعت أمك ونمت في حضنها نومتك الأخيرة؟
هل أوصيتها إلا تعد عشاءك الليلة لانك لن تعود إلى طاولة الدنيا؟!
هل قبلت حبيبتك قبلتك الأخيرة؟!
هل قلت لها يبقى عناقنا إلى حين؟!
وأنت تمضي إلى المنعرج الأخير من الموت هل شممت رائحة جسدك المحروق؟
هل صحت في صناع الموت حين أوقفوك: لاشيء في حوزتي غير صناديق العنب شرابا لغابة عطشى تحترق في دمي؟!
هل قلت هذا يا ولدي وما أنصفوك؟!
كيف كان موتك بلا عنوان، بلا لافتات، بلا شعار؟!
هل صحت واااا معتصماه؟!
مات المعتصم يا ولدي، لا معتصم الا الله.. !!
قل لي كيف أبكيك؟!
وكيف أرثيك؟
وانأ امرأة متعبة الوجدان
وانأ وطن الحزن والفقد والهذيان؟!
كيف، كيف، كيف، يا ولدي المطعون وسط الأهل والخلان؟!
ماذا أقول للفقراء والأشقياء والكادحين والمحروقين والأرامل واليتامى !؟
ماذا أقول لجبال الملح والرماد والدخان؟!
ماذا أقول للوجع الشبيه بالسرطان؟!
رباه قد احرقوا كبدي
ذبخوا الوريد من الشطان إلى الشطان
إني هنا في مدار النار أصيح:
تبت يدا أبي لهب ، وتبت يدا من عبثت بالوطن المتعب والتعبان ..
برودة دم ووقاحة ..حثالات البشر
عبد العالي مزغيش
الحثالة كان داخل سيارة الشرطة وكان حريصا على أن يدشن مهرجان الدم قبل الأخرين ن وفي الغد لم يغير “التريكو” ولا تسريحة الشعر ولا السروال ..وفي “اللايف” تبرأ من الجريمة ببرودة أعصاب واستشهد بالله ورسوله وقال ” الناس يعرفوني صافي مع ربي .. وهذاك السيد اللي قتلوه ربي يرحمو..لا إله إلا الله محمد رسول الله..وإن الله معنا “..
أي برودة أعصاب هذه ، وأي وقاحة ونذالة وغباء ايضا ..
أما الحثالة الثاني فظهر مع المرحوم في اسنتجواب تليفزيوني كأنه بريئ وب “التريكو” نفسه ظهر في مسرح الجريمة يمارس فعلته الشنيعة بحقد وسادية.
الحثالة الثالث كان ب” التريكو”البرتقالي مع جموع القتلة وممارسي العنف والتنكيل بالفقيد لكنه غدا وببرودة اعصاب ظهر بالتريكو نفسه والكمامة نفسها والنظارات السوداء يتضامن رفقة بعض السكان مع عائلة الضحية ويترحم على روحه ..
امثلة كثيرة عن هؤلاء القتلة الذين لم يخشوا من سوء العاقبة ومارسوا جرمهم الشنيع أمام الملأ دون رادع ..
الواضح أن شاشات الهواتف الذكية فضحتهم وتحليلات نشطاء الفايسبوك ألقت عليهم القبض افتراضيا في انتظار أن نشاهدهم مكبلي الايدي يلقون مصيرهم المحتوم بين الإعدام والمؤبد وغيرها من العقوبات التي بلا شك ستكون صارمة بإذن الله.
كنت دوما أسمع عن المثل القائل وأقرأ “يقتلون القتيل ويمشون في جنازته “..ولكن في الإربعاء ناث ايراثن شاهدت هذا المثل يتجسد..
المعجزة
لم تنزل أضحية لحظة ذبحك
و لا النار كانت بردا و سلاما لحظة إحراقك
أتراها الريشة يا جمال التي كنت تحملها تحولت لخنجر
أم هي الألوان اشتعلت لتلتهمك في ضجر
تحملك من ارض أبت أن تكون وطن من عالم يحتضر إلى عالم تكون فيه شهيدا منتصر
رسمت اللوحات يا جمال داعبت الوتر
أحببت الجبال صديقي الحيوان و الشجر
ليتها تكون معجزتك يا جمال
ليتك تكون نبي امة حكامها بغال أنذال يتاجرون بالرجال يقتلون البشر من اجل السلطة و المال
ليت معجزتك توحيد امة اغتصبت أجيالا بعد أجيال
هذه ملامح من أضرم النار فيك
هذا وجه الذي توستله أن لا يؤذيك
هذا يا جمال من تسبب في معجزتك و أبيك
أنت الذي سارعت لإطفاء النار و أبيك الحكيم كأنه المختار
لقد رسمت وجهه هنا
أنا أتذكره
أعرفه منذ زمن يا جمال … أعرفه
إني أراه في كل مكان
حتى في وجه الرئيس يعزي من إصابتهم المحن
حسين مختاري
جروك من قدميك
نبيل رحماني
إلى الشهيد جمال بن اسماعيل
جروك من قدميك..نكلوا بجثتك فحرقوك..أنت الشهيد البطل..أنت الحيي بين أحياء الوطن ..الذي قال عنهم رب العرش العظيم..أحياء عند ربهم يرزقون ..ماذا يقولون لكلمة لا إله إلا الله .. يوم تبعث الأرواح .. ونقف أمام العادل..الذي لا يضييع أجر المحسنين .. كيف يجيبون على أصبع الشهادة ..الذي كنت رافعه إلى رب السماء..جمال الفن وجمال المهرول لإطفاء نارا إشتعلت بفعل فاعل..نارا شاهدتها فجريت لإخمادها.. فشعلوها في جسدك الطاهر ..نم قرير العين أيها البطل..نم قرير العين أيها الباسل..نم قرير العين يا من تشفع يوم الوعيد..أنت الفائز بنيلك وسام الشهادة .
أنت البطل الشهيد وهم الخاسئين .. في جهنم خالدين لفعلتهم ..
ذكرتني بالبواسل الشجعان ..شهداء الحرية للوطن ، الذين استشهدوا في جبال جرجرة والونشريس وكل شبر في الجزائر الحرة ..
ذكرتني بإستشهاد البطل العربي التبسي هذا الشهيد الذي رمي حيا في الزيت الساخن من طرف المستدمر الغاشم.. كلاكما من طينة الرجال الذين عاهدوا الله وما بدلوا تبديلا.