لا تتركوا الحمقى على رأس الجمعيات

لا تتركوا الحمقى على رأس الجمعيات

من أغرب ما عشته في حياتي المهنية، أن رئيس جمعية جاءني ببيان طالبا النشر، وكان مرفوقا بشخص آخر فلما تصفحت البيان أجبت صاحبنا هذا أن لا المهنية ولا أخلاقيات المهنة يسمحان لي بنشر هذا البيان بكذا صياغة، وبهذا المحتوى الصادم، ولم أجد إلا الشخص المرافق وقد انقض على الحوار موجها كلامه إلى رئيس الجمعية مؤكدا له أنه سيعيد الصياغة وما عليه إلا أن يضع ختمه وتوقيعه وأسرف بعد ذلك بالشرح لأكتشف أن المتحدث هو المعني بالقضية والله وحده يعلم خلفياتها، وهنا تساءلت عن مسؤولية بعض الجمعيات وعن اختياراتها للرأس الذي يفترض أن يكون زبدة ما هو موجود فيها، وذو اطلاع ومعرفة بتفاصيل نشاطها، فجمعية حقوق الإنسان مثلا يفترض أن يتولاها من هم على اطلاع بالقوانين والمعايير والمواثيق الدولية والبيانات التي تحكمها، وأن يكون من فقهاء القانون ومحترفيه، حتى لا يستعمل هذا الشعار للضغط على المسؤولين وتحقيق مصالح شخصية.

ورئيس جمعية الحفاظ على الذاكرة وحماية التاريخ يجب أن يكون من النخب الجامعية وأهل البحث، وعارفا بملفات التاريخ وأحداثه، لا أن يكون حارسا لمدرسة مع احترامي للمهنة، ويتنصل من أداء واجبه، ويخلي موقع عمله ليتسلل لعقد لقاءات مع المسؤولين تحت مظلة المجتمع المدني وهو بذلك يسيء لهذا الملف العزيز سواء كان يدري أو لا يدري، وتوجد نماذج كثيرة لجمعيات رؤساؤها لا علاقة ولا يفقهون في نشاطاتها، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدولة راهنت ومازالت تراهن على دور المجتمع المدني، ومكنته من كل التحفيزات، وعملت جاهدة على رفع كل العراقيل التي تعطل نشاطه، و لتحقيق الهدف المنشود على المجتمع المدني أن يفتح أبوابه أمام النخب والكفاءات لتستغل خبرتها في خدمة الصالح العام وتتمكن من تقديم إضافة للمجتمع وتكون شريكا فعالا وموثوقا فيه، ولن يتحقق ذلك إلا بالاحترافية والحوكمة الراشدة للجمعيات.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

أملاك الدولة “ببلاش”، وإكراميات لذوي النفوذ

سارة معمري

الصحفي ليس صندوق بريد

سارة معمري

مؤسف حال الأحياء التي نعيش فيها

سارة معمري