سليمان جوادي
ذات فرح طرق باب مكتبي صاحب هذه المجموعة الشعرية التي بين يديك عزيزي القارئ ، لست أدري وأنا أطلب منه التفضل بالجلوس كيف خطر ببالي أنه لن يكون إلا شاعرا فمن النادر أن ترتسم سمة الشعر في وجوه متعاطيه ومبدعيه والمهوسين به.
بالفعل ودون مقدمات راح يقدم نفسه أنا مواطن بوسعادي مبتلى بكتابة الشعر اسمي رابح لخذاري، صارحته بأني استشعرت ذلك وقلت له لقد شاءت الأقدار أن تزورني في يوم فرح عائلي فقد ازدان بيتي بصبي، هنأني وطلب مني الانصراف ليعود بعد أقل من نصف ساعة محملا بعلبة قال إنها هدية، لمته على تصرفه وأنا أردد في نفسي : ما أطيب وألطف هذا المخلوق ، بساطة متناهية وطيبة قل مثيلها لا تجدها إلا في كتب التراث أو الحكايات التي توارثناها عن الأولياء الصالحين .
طلبت منه أن يحتفظ بالهدية واصطحبته معي إلى البيت ليسلمها بنفسه للوليد .
من ثمة نشأت بيني وبين سي رابح علاقة حميمة وأصبح كلما أمَّ مدينة الجلفة إلا وحط الرحال عندي وبقينا على تواصل إلى شاءت ظروف العمل ابتعادي عن عاصمة السهوب .
رابح لخذاري شاعر بكل ما تحمله هذه العبارة من صدق ومحبة وألم ووفاء، حين تقرأ له تشعر من خلاله بالعدد الهائل من المبدعين الجزائريين وخاصة الشعراء الذين ظلمهم النقد واضطهدتهم آلة النقاد ، كتب في العمودي فأجاد وكتب في الحر فأبدع.
يكتب بعمق وصدق وألم يغرف من معين الضعفاء والبائسين وعنفوان الثائرين الرافضين، يتذكر ويذكر أحبته من الشعراء فيرسم لهم اللوحات التي تليق بهم سيان أكان هذا الشاعر معروفا أو مغمورا ما يهمه هو حالته النفسية والشعورية وصلة الرحم الإبداعية بينه وبين هذا الشاعر أو ذاك .
وفاؤه لزملائه وأصدقائه من المبدعين يقابله حنينه لمرابع الطفولة ومضارب الصبى وتغزله ببلدة سليم التي لم تبرحه .
لن أتحدث عن الشاعر الجميل رابح لخضاري وشعره وأترك للقارئ متعة اكتشافه والتعرف عليه والتقرب منه أكثر.
همسة
قد يكون صديقنا المبدع الكبير سي عبد الكريم قذيفة من بين القلائل الذين يعرفون مدى اشتياقي لرؤية رابح لخذاري لذلك لم يتمالك نفسه حين قال لي بفرح طفولي: ها هو صاحبك قد حضر .. وكان لقاء رائعا بعد طول تباعد .
عبد الكريم قذيفة الذي سعى بحب ووفاء كبيرين لأن يخرج هذه المجموعة الشعرية إلى النور قاطعا بذلك عهدا على نفسه بأن يكون سندا داعما لزملائه من المبدعين الحقيقيين فشكرا له بدء وختاما.