لا يختلف إثنان عن تصنيف عنابة كولاية رائدة في خرق قواعد التعمير، والذي كان من أهم نتائجه حالة التكدس العمراني للبنايات، مع وجود تصاميم باهتة تطرح أكثر من علامة استفهام بخصوص مكاتب الدراسات التي تولت إنجازها.
والمؤكد أن هذا التكديس العمراني الذي ترتب عليه العديد من النتائج السلبية على غرار تعقد حركة المرور، واختناق المسالك وتزاحم السيارات ما هو الحال في منطقة “جنان الباي” نحو سرايدي.
والمؤكد أن هذا الواقع تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى “مافيا” العقار التي استفادت من غياب الضمير وفساد تفشى في مختلف الإدارات المسؤولة عن هذا الملف، خاصة في عهد العصابة.
وهي الوضعية التي تحتاج اليوم إلى تحقيقات معمقة في الملف، خاصة من قبل السلطات المدنية والأمنية والقضائية، وإلى ذلك فإن التكدس العمراني بعنابة يؤشر من بين ما يؤشر على تقصير وقصور للقائمين على التعمير في هذه الولاية، وعدم الجدية والاهتمام بتجارب المدن المعاصرة.
وهنا يمكننا الرجوع إلى تجربة تصميم حي “إكزامبل” في برشلونة بإسبانيا الذي ظهر بفعل تمدد المدينة، وهو يتميز بتصميم حضاري راقي يعود فيه الفضل إلى كفاءة أحد المصممين المعماريين الذي أبدع في بعث شوارع عريضة تساعد على سلاسة حركة المرور، ووصول أشعة الشمس والتهوية لجميع المباني، ففي هذا الحي حرص المصمم على أن تكون البناءات بارتفاع محدود، وحرص من جهة أخرى على وجود محلات تجارية وخدمات أساسية، وحدائق داخلية وورشات، ومراكز للتسوق وهو مع الأسف ما تفتقد له أغلب التجمعات السكانية التي ظهرت في عنابة خلال السنوات الأخيرة.
والتي تحوّلت إلى معضلة حتى لخلق فضاءات للتجهيزات العمومية كالمدارس وغيرها، ولم تراع إلا الأرباح الطائلة لأصحاب الترقيات العقارية الذين جعلوا من أسعار السكن الواحد هو الأغلى على المستوى الوطني.
ولا يمثل حتى الربع من تكاليف إنجازها دون الحديث عن التلاعب والتهرب الضريبي، فما هو فوق الطاولة والمعلن يخالف ما هو تحت الطاولة مع الاتفاق مع الزبون، ويكتفون بحصاد الفائدة ويتركون مؤسسات الدولة بعد ذلك تتخبط لإيجاد الحلول لمشاكل المقيمين في هذه التجمعات السكانية.