3 سنوات تمر في عهد الرئيس تبون.. الجزائر الجديدة …إنجازات والتزامات

منال.ب

في مثل يوم 12 ديسمبر 2019، فاز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالانتخابات الرئاسية، ووعد الشعب بتحقيق التغيير الذي نادى به الحراك الشعبي، وبناءالجزائر الجديدة“.

وعرفت الثلاث سنوات الأخيرة إنجازات مفصلية للرئيس عبد المجيد تبون ، تخص الاقتصاد والسياسة والواقع الاجتماعي للشعب إضافة إلى سمعة الجزائر الدولية وإعادة هيبة مؤسسات الدولة وبريق الدبلوماسية بعد أن عانت من التدجين لسنوات طويلة.

رؤية متجددة للسياسة الخارجية

استرجعت الدبلوماسية الجزائرية مكانتها بعدما كانت في “الحضيض” خلال السنوات العشرة الأخيرة، وهو ما تؤكده تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبي والدول العظمى حول دور الجزائر في إرساء الأمن والاستقرار على مستوى القارة الأفريقية و المحيط المجاور لها، وتواصل الجزائر تموقعها إقليميا ودوليا بدبلوماسية نشطة وسياسة خارجية متجددة، بداية من ترتيب البيت الإفريقي والعربي وإعادة العلاقات مع الشركاء التقليديين حيث نجحت في جمع الفرقاء الفلسطينيين إلى طاولة الحوار، ورفعه إلى الزعماء العرب في قمة الجزائر، من أجل تحميلهم المسؤولية وحثهم على الالتفات إلى القضية الفلسطينية وأكدت موقفها الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وبفضل الجهود الجزائرية التي ثبتت فشل عضوية الكيان الصهيوني في الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب، وجددت السلطات العلاقات مع مصر بإزالة الغشاء حول بعض الملفات المختلف فيها، باستقبالها الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في قمة الجزائر العربية.

كما بددت مزاعم وجود أزمة دبلوماسية بين الجزائر والمملكة العربية السعودية.

كما تقوم المقاربة الجديدة للدبلوماسية الجزائرية على الندية في علاقاتها مع بعض الدول على غرار فرنسا واسبانيا، انطلاقا من قاعدة رابح- رابح، التي كانت في وقت سابق مجرد شعار فارغ من محتواه خلال العقدين الأخيرين، وانطلاقا من هذه المقاربة، تم إعادة إسبانيا إلى السكة بعد انحراف موقفها من القضية الصحراوية، وفعلت الجزائر على هذا الصعيد العقوبات الاقتصادية التي جعلت من رئيس حكومة مدريد يحلم بتلقي دعوة من المسؤولين في الجزائر لزيارتها، كما جاء على لسانه من العاصمة الألمانية برلين.

بناء دولة مؤسسات

تمكن الجزائر في عهد الرئيس تبون من بناء دولة مؤسسات وأتمت استحداث كل المؤسسات الدستورية على غرار المجلس الشعبي الوطني و المحكمة الدستورية .

كما صد قانون الانتخابات الباب أمام المال الفاسد، ولأن الشباب يظل فخر الدولة الجزائرية وقوتها، يشدد رئيس الجمهورية على أن “الجزائر الجديدة بمؤسساتها الدستورية وبشعبها الشامخ وبشبابها الطموح يحق لها في ستينية استرجاع السيادة الوطنية أن تفتخر بقدرات وبسالة جيشها الوطني الشعبي.

، كما يحق لها أن تفتخر بشبابها الذي يبرهن يوما بعد يوم على أنه جيل الانتصارات والابتكارات”.

وضمن هذه الرؤية، تم إنشاء المجلس الأعلى للشباب الذي يعد آخر لبنة في استكمال المؤسسات الدستورية التي كان قد تعهد بها رئيس الجمهورية إلى جانب إ جملة من المؤسسات على غرار المرصد الوطني للمجتمع المدني.

المواطن  أولوية دائمة

يظل المواطن محور اهتمام الدولة، باعتباره الأولوية، وهو ما أكده رئيس الجمهورية في كافة لقاءاته مع الحكومة، حيث يؤكد على إيجاد السبل للاستماع إلى انشغالاته، وحشد كل الجهود لرفع التحديات، سعيا إلى الحفاظ على كرامة المواطن والتكفل الأنجع بحاجياته”، مشددا على أن هذا الأمر يعد أولوية بالنسبة إليه، وضمن هذا المسعى كشف الرئيس تبون عن أن سنة 2023 ستكون حافلة بإجراءات جديدة تصب في صالح المواطن البسيط، أهمها رفع الأجور ومنحة البطالة ومعاشات التقاعد ابتداء من جانفي القادم.

كما طالب الحكومة أيضا بالشروع في مراجعة مرتبات المعلمين وعمال القطاع شبه الطبي والتفاعل مع ممثليهم لمراجعة قوانينهم الأساسية، وتأتي هذه القرارات مواصلة لإجراءات كان قد شرع فيها سابقا، تجسيدا لالتزام رئيس الجمهورية بالدفاع عن القدرة الشرائية للمواطن، حيث تم في هذا الصدد “تحقيق مكاسب نحسد عليها” ، كإلغاء الضرائب على الأجور التي تساوي أو تقل عن 30 ألف دينار، وكذا استحداث منحة البطالة التي انفردت بها الجزائر، إلى غير ذلك من الإنجازات التي طبعت الشق الاجتماعي.

كما حث الرئيس تبون، على ضرورة طي ملف مناطق الظل نهائيا مع “أواخر السنة الجارية”، باعتبار أن  “82 بالمائة من المشاكل المطروحة بها تم حلها”.

        

الاقتصاد الوطني استرد عافيته

وفي الشق الاقتصادي ، بدأ الاقتصاد الوطني في استرداد عافيته  بعد فترة ركود أفرزتها جائحة كوفيد-19، حيث عملت السلطات بقيادة الرئيس تبون على الحفاظ على أداة الإنتاج والعمل، وارتفعت الصادرات خارج المحروقات إلى 7 ملايير دولار نهاية شهر ديسمبر الحالي مع فائض في الميزان التجاري يرتقب أن يلامس17 مليار دولار نهاية السنة.

وفق تصريح الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن، يضاف إلى انتعاش مداخيل المحروقات جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز لتصل إلى 50 مليار دولار وفق تقديرات مسؤولي مجمع سوناطراك.

وكشفت خريطة تفاعلية لصندوق النقد الدولي نسب النمو لدول العالم، مقسمة إلى 5 فئات من الأسرع إلى الأدنى أن الجزائر تحل في الفئة الثانية بنسبة 4.7 بالمائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي عند نهاية السنة الجارية، حيث تعتبر من بين أسرع نسب النمو في العالم.

وحلت الجزائر في خريطة النمو ضمن الدول التي تتراوح نسبها ما بين 3 و6 بالمائة كالصين بـ3.2 بالمائة، كندا 3.3 بالمائة، أستراليا 3.8 بالمائة وتركيا بـ5 بالمائة، وتتصدر الجزائر اقتصاديات المغرب العربي من حيث نسبة النمو مقارنة بالمغرب بـ0.8 بالمائة، تونس 2.2 بالمائة، ليبيا بـ18.5 بالمائة وموريتانيا بـ4 بالمائة، وتعد نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للجزائر الأسرع في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط التي تضم إيطاليا 3.2 بالمائة، فرنسا 2.5 بالمائة وإسبانيا 4.3 بالمائة.
وشهدت العملة الوطنية لأول مرة منذ سنوات تعاف غير مسبوق، حيث أن قانون المالية لسنة 2022 حدد قيمة العملة الجزائرية أمام الدولار الأمريكي بـ149 دينار للدولار.

وبلغ بدءا من شهر سبتمبر المنصرم 140 دينارا، وعادل مطلع ديسمبر الجاري 138 دينار، في وقت ينتظر أن تختم الجزائر السنة المالية باحتياطي صرف من العملة الصعبة يعادل 54.6 مليار دولار، مع منحى تصاعدي خلال السنوات المقبلة، وعودة امتلاء صندوق ضبط الإيرادات بعد أن جُفّف نهاية العام 2017، وأرقام تكاد تكون غير ملحوظة بالنسبة للدين الخارجي، ومؤشرات أخرى تبعث على الراحة.

الجزائر محط أنظار العالم طاقويا

وفي قطاع الطاقة تميزت سنة 2022 بعدة محطات هامة جعلت من الجزائر محط أنظار العالم  من خلال سيارات متتالية لمسؤولين من عدة دول خصوصا فيما يتعلق بإمدادات الغاز إلى دول أوروبية في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار المحروقات على مستويات قياسية غير مسبوقة، وتخللت السنة اكتشافات نفطية هامة من طرف سوناطراك وشركائها،

إلى جانب توقيع عدة اتفاقيات جديدة للبحث والاستكشاف والتطوير في إطار قانون المحروقات الجديد، إضافة لإبرام أخرى لتزويد إيطاليا بكميات إضافية  من الغاز وتسجيل عودة سوناطراك على السوق السلوفينية بعد 10 سنوات من الغياب مع مراجعة أسعار هذه المادة مع معظم الشركاء التقليديين للجزائر ورفعها لتتناسب مع واقع السوق الدولية الذي ميزه ارتفاع تاريخي وغير مسبوق في الأسعار.

زيادات الأجور واستحداث منحة البطالة

ساهمت الأريحية المالية في سنّ زيادات جديدة وتدريجية في الأجور، أقرها قانون المالية لسنة 2022، من خلال تخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي للأجور التي تزيد عن 30 ألف دينار، وأيضا رفع النقطة الاستدلالية لموظفي الإدارة العمومية، ناهيك عن استحداث منحة البطالة وتحديدها بـ13 ألف دينار، ورفع معاشات التقاعد نسبيا، في وقت لم يكتف رئيس الجمهورية بذلك، بل أعلن عن زيادة أخرى للأجور وهذه المنح بدءا من سنة 2023.

قمع المضاربة لحماية القدرة الشرائية للمواطن

وكان أهم ما ميز سنة 2022 إدراج مكافحة المضاربة في صلب اهتمامات الدولة من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطن، وذلك عبر الحفاظ على وفرة واستقرار المواد الغذائية، لا سيما المدعمة منها، وفي هذا السياق، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة التصدي للسلوكات المرتبطة بهذه الظاهرة ومجابهتها بكل صرامة، وجاءت تعليمات رئيس الجمهورية بعد استعراض وضع السوق وتذبذب توزيع بعض المواد الاستهلاكية وكذا تشخيص الخلل في هذا المجال.

وشدد على دور الحكومة في الحفاظ على وفرة واستقرار المواد الغذائية، لا سيما المدعمة منها، والتصدي لكل أشكال المضاربة، إلى جانب إيلاء الأهمية القصوى لتحسين الوضع الاجتماعي للمواطن بالدرجة الأولى.

و تتجلى إرادة الدولة وعزمها على مجابهة هذه الظاهرة من خلال إصدار نص القانون المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة ونشره في الجريدة الرسمية مطلع السنة الجارية بهدف ردع المضاربين وحماية القدرة الشرائية للمواطن.

وينص القانون المذكور على أن المضاربة غير المشروعة تشمل كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع بهدف إحداث ندرة في السوق واضطراب في التموين، بالإضافة إلى كل رفع أو خفض مصطنع في أسعار السلع أو البضائع أو الأوراق المالية بطريق مباشر أو غير مباشر.

و قد تضمن النص القانوني عقوبات ضد المضاربين قد تصل إلى 30 سنة حبسا إذا ما تمت المضاربة في المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، على غرار الحبوب ومشتقاتها، البقول الجافة، الحليب، الخضر والفواكه، الزيت والسكر، إلى جانب المواد الصيدلانية، وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة في إطار جماعة منظمة.

وأشاد الخبراء والأخصائيون بهذه القرارات، وقالوا إنها ساهمت إلى حد بعيد في تحسين القدرة الشرائية للجزائريين، في ظل زيادات الأسعار غير المسبوقة، وامتصاص صدمة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في السوق الدولية، التي انعكست بشكل جلي على السوق الوطنية.كما يجري العمل حاليا على الرفع من قيمة الدينار، وهو هدف كان قد أعلن عنه رئيس الجمهورية في وقت سابق، ليؤكد على أن “مشوار إصلاح الكارثة الاقتصادية التي عشناها سابقا بفعل طبع العملة، لا يزال طويلا”.

  5 آلاف مليار مدخرات الصيرفة الإسلامية

تؤكد الحصيلة الأخيرة التي أعلن عنها مسؤولو القطاع عن تكديس مدخرات بأكثر من 5000 مليار سنتيم، وتكشف النجاح الهام الذي أحرزته هذه الصيغة التمويلية الجديدة في ظرف قياسي والتي تختلف عن المالية الكلاسيكية من حيث اعتماد هامش ربح، وآليات كسب “حلال” بدل الفوائد الربوية التي ينفر منها الجزائريون.

وتمكن مسؤولو قطاع البنوك خلال سنة 2022 من تعميم الصيرفة الإسلامية عبر 6 بنوك عمومية، وإطلاق عروض خاصة بالمهنيين بدل مجرد الاكتفاء بالتمويلات الاستهلاكية التي تشمل المنتجات الكهرومنزلية والتمويلات العقارية، إلى جانب تخفيض تكلفة الخدمات الإسلامية عبر امتيازات ممنوحة من خلال قوانين المالية التكميلي لسنة 2020 و2021 والسنوي لسنة 2021 و2022، وهو ما يلعب دورا هاما في زيادة إقبال المواطنين على هذه العروض والخدمات، وتخفيض آجال الحصول على التمويل والرد على الملفات إلى أقل من شهر.

عين الجزائر على  تكتلبريكس

من ضمن أهم ما ميّز سنة 2022 اقتصاديا، إعلان الرئيس تبون عن رغبة الجزائر في الانضمام إلى تكتل “بريكس” الذي يضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وهي الدول صاحبة أكبر نسب ومعدّلات نمو اقتصادي، حيث ستسمح هذه الخطوة للجزائر بالتواجد مع الكبار اقتصاديا وتمنحها العديد من المزايا.
وتلقت ردا إيجابيا من روسيا والصين فور إعلانها عن الرغبة للانضمام إلى التكتل الإقتصادي الذي يُرتقب أن يساهم في حال تجسّده في تحقيق العديد من المزايا للاقتصاد الوطني من خلال تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول كبرى، تدفق الاستثمارات والاستفادة من فرص تمويل خارجية لمشاريع عملاقة واقتباس النموذج الاقتصادي سريع النموّ لهذه الدول  إلى جانب نقل الخبرة والتكنولوجيا .

مقالات ذات صلة

شراكة جزائرية صينية في الحوكمة الرقمية والبيانات الضخمة

sarih_auteur

مراجعة شروط الاستفادة من السكن الاجتماعي

sarih_auteur

 الثقل الدبلوماسي للجزائر يجعلها دائما قبلة للأفارقة

sarih_auteur