لمين موساوي
وضعت جبهة العدالة والتنمية لولاية عنابة بين يدي الوالي الجديد ملفًا يضم 31 مشروعًا وهيكلا إنمائيًا ترى فيه مفتاحًا لإعادة بعث التنمية المحلية، واستدراك ما ضاع من سنوات كانت فيها الولاية خارج مسار الاستثمار، رغم ما تملكه من مؤهلات بشرية واقتصادية وثقافية وطبيعية.
الملفّ لا يكتفي برصد النقائص، بل يقترح رؤية عملية لإعادة الحركة إلى عدد كبير من المشاريع المجمّدة، والبنى التحتية المتوقفة، والمسارات الاستثمارية التي تعاني الجمود منذ سنوات.
وعلى رأس هذه الانشغالات، طُرح ملف رفع التجميد عن مشاريع تُعدّ مفصلية في مستقبل الولاية، أبرزها مشروع الترامواي الذي تراهن عليه المدينة لفكّ الخناق المروري وإحداث نقلة نوعية في النقل الحضري ومشروع متحف المجاهد، وهو مكسب رمزي وتاريخي طال انتظاره ومشاريع إنجاز الطرقات الالتفافية لفكّ الضغط عن الطريق الوطني رقم 44 ومشروع ترميم القلعة الحفصية كأحد أهم المعالم التاريخية في البلاد، وهذه المشاريع الأربعة وحدها كفيلة بتغيير وجه الولاية لو تحركت من جديد.
الوثيقة تلفت أيضا إلى ضرورة إنجاز مواقف سيارات ذات طوابق لامتصاص الاختناق المروري و إنجاز طرق رابطـة بين بن مصطفى بن عودة وبوقنطاس، وتشييد منشأة فنية عند محور دوران الجسر الأبيض، وهي مشاريع تندرج ضمن رؤية شاملة لإعادة تنظيم حركة المرور داخل وخارج المدينة التي باتت تعيش ضغطًا خانقًا خاصة في أوقات الذروة، ومن بين أبرز الانشغالات كذلك إعادة تشغيل المصانع المتوقفة عبر مختلف المناطق الصناعية، وهذا المطلب يتجاوز بعده الاقتصادي ليصبح ذا طابع اجتماعي، بالنظر إلى ما يمكن أن توفره هذه المصانع من مناصب شغل، وما يمكن أن تخلقه من ديناميكية اقتصادية محلية.
قطاعا التربية والثقافة ورشات مؤجلة
من جهة أخرى، يدعو الملف إلى تسجيل مشروع ثانوية متخصصة في الرياضة وإعادة بعث أشغال ترميم مدرستي بن عمّيور عبد القادر وجورج إسحاق ومواصلة عملية استرجاع وترميم قاعات السينما إلى جانب إعادة الاعتبار لساحة الثورة التي تشهد تعديات وتشويهات عمرانية، كما اقتُرح تسجيل مشروع قصر للمعارض ودار للصحافة، وهما منشأتان تفتقدهما الولاية رغم مكانتها الجهوية.
وجاء في الملف أيضا دعوة صريحة لتثمين الرصيد التاريخي والطبيعي لعنابة عبر تصنيف جبال الإيدوغ محمية طبيعية. تصنيف مواقع أثرية وتاريخية عديدة مثل القلتة الزرقاء، ومنارة شطايبي، وقصر عين أم الرخاء، وغيرها إلى جانب حماية المناطق الرطبة والسبخات المنتشرة على مستوى الولاية، هذه الخطوات من شأنها تعزيز مكانة عنابة كوجهة سياحية وبيئية فريدة في الجزائر.
وتطرقت الوثيقة كذلك إلى تسوية الوضعية العقارية لتوسعة مقبرة زغوان و تسوية قطعة أرض لإنجاز مسجد أسد بن الفرات بحي قاسيو، تهيئة مداخل المدينة من سيدي سالم، سيدي عاشور، والمسبح الأولمبي وكذا استغلال الجيوب العقارية لإنجاز مرافق عمومية ضرورية، ومن بين المشاريع ذات الطابع الحيوي إعادة بعث مشروع محطة معالجة المياه المستعملة بذراع الريش وإعادة بعث مشروع ميناء النزهة وتوسيع الطرق بين مقبرتي بوحديد وبوقنطاس، والطريق الولائي رقم 129 وإعادة التهيئة الشاملة للساحات، الحدائق، المساحات المشجرة، ومحاور الدوران الكبرى.
هذه القائمة الطويلة تكشف أن عنابة لم تكن بحاجة إلى اكتشاف نقائص جديدة، بقدر ما تحتاج إلى إرادة حقيقية لبعث المشاريع المتوقفة وتنفيذ ما هو مسجل أصلا، فالولاية تعيش مفارقة واضحة إمكانات ضخمة مقابل مشاريع مجمدة، واليوم، ومع وصول الوالي الجديد، يعود الأمل لدى سكان الولاية في أن يتحرك هذا الملف الكبير، وأن يُعاد ربط المشاريع بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي الحقيقي، حتى تستعيد عنابة مكانتها الطبيعية كعاصمة للشرق الجزائري، ومدينة ذات وزن وطني ودولي
