الأدب يحتل مركز الصدارة بـ 71.3%
ق. ث
قصد الإحاطة بتطلعات الجمهور لتحسين وتكييف معرض الجزائر الدولي للكتاب، اعتمدت محافظة هذه التظاهرة، التي تعود بعد عامين من الغياب، على سبر للآراء، نُفذ في شهري أكتوبر ونوفمبر 2018، بمناسبة الطبعة الثالثة والعشرين للمعرض، اعتمد على عينة من 800 فرد استجوبوا مباشرة، أو على موقع الأنترنت. قدم نتائج هذا الاستطلاع، الباحث الفقيد حاج ملياني، وخلص إلى عدد من النتائج التي قدمتها المحافظة، على هامش الندوة الصحفية للمحافظ محمد ايقرب، أول أمس، بالمكتبة الوطنية الجزائرية.
يعتبر هذا الاستطلاع مرجعا مفيدا لاستشراف مستقبل المعرض، وتحديد التحسينات والتغييرات التي يجب إضفاؤها، لمواكبة أفضل تطلعات الجمهور والفاعلين في القطاع. ولعل أول نتائج سبر الآراء، أن الجنسين حاضران على قدم المساواة، وهو يميز “سيلا” عن سائر التظاهرات الثقافية الأخرى، ويعبر عن مدى ملاءمة عالم الكتاب لمثل هذه التوازنات. علاوة على أن كل الطبقات العمرية حاضرة بقوة، ولا تقل أي منها عن نسبة 10٪. كما تجدر الإشارة، إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، يمثلون أكر من ثلث العينة (36،4 ٪)، ويمكن تفسير هذا الحضور القوي، بفعل الطلب الكثيف للكتب المدرسية وشبه المدرسية.
71.8 ٪ من الزوار جامعيون
كما اتضح من خلال الدراسة، أن جمهور المعرض يتميز بتقدم تعليمي كبير، إذ يمثل الجامعيون 71.8 % بينما 20.6 % حاصل على مستوى ثانوي، و7.6 ٪ تجاوز الابتدائي والمتوسط. ورغم أن هذه الفئات أقدر على الاستجابة للاستطلاعات، إلا أن المعطيات تبقى عالية بما يكفي، لتكشف عن توجهات ملموسة، وعن ارتباط الاستعدادية لزيارة معرض كتاب مع المستوى التعليمي.
«من أين يأتي زوار معرض الجزائر الدولي؟”؛ من بين الأسئلة التي أثارها سبر الآراء، الذي أوضح أن 46 ٪ منهم يقطنون في ولاية الجزائر العاصمة، ويعود ذلك إلى سهولة التنقل وإمكانية زيارة المعرض عدة مرات. لكن غالبية الأشخاص المستجوبين (54 ٪) قادمون من 39 ولاية أخرى، مما يدل على جاذبية المعرض على المستوى الوطني.
كما تشير القراءة الجغرافية للأرقام، إلى أن 77 ٪ من الزوار يأتون من ولايات الوسط (منها العاصمة)، و23 ٪ موزعون بترتيب تنازلي على المناطق الشرقية، ثم الغربية والجنوبية. وقد يعود ذلك أيضا إلى نسبة الكثافة السكانية في هذه المناطق، وإلى عوامل البعد الجغرافي.
عن الممارسات القرائية، بينت الدراسة أن 89،5 ٪ معتادون على قراءة الكتب، مقابل 14،1 ٪ أجابوا بلا، بينما تشير القراءة الجنسية، إلى أن النساء (86،7 ٪) متفوقات نسبيا على الرجال (85٪) بما يقارب 2 ٪، أما من وجهة نظر فئوية، فاتضح أن الجامعيين والإطارات وصغار المقاولين هم الأكثر إقبالا على القراءة.
بينما كشفت المرجعية العمرية عن غالبية لدى البالغ سنهم بين 20-29 سنة، والأكثر من 60 سنة. فيما يخص وتيرة القراءة، جاءت متفاوتة، حيث صرح 28،5 ٪ من المستجوبين، أنهم يقرأون يوميا، بينما 25 ٪ منهم يتصفحون كتابا عدة مرات في الأسبوع، و17،8 ٪ من قراء نهاية الأسبوع، و25،9 ٪ لا يقرأون إلا نادرا. إلا أن مجموع القراء اليوميين والأسبوعيين يمثل 53،5 ٪ من العينة.
من جهة أخرى، أفرز سبر الآراء عن توجه الغالبية للقراءة في المنزل (85،3 ٪)، خصوصا في الفترة المسائية (76،7 ٪)، بينما لا تحصد القراءة في الفضاء العام إلا نسبة ضئيلة، تمثل فيها المكتبة العمومية 0،9٪.
دوافع متباينة والعربية في الريادة
كما اتضح من خلال هذه الدراسة، أن دوافع القراءة تعود غالبيتها إلى “الرغبة في توسيع الثقافة العامة” (81،4 ٪)، متبوعة بالحاجة إلى “تطوير القدرات الفكرية والتحليلية” (45 ٪)، تحسين العتاد المعرفي من أجل الدراسة (35،2 ٪)، الاسترخاء والمتعة (30،9 ٪)، وأخيرا تثرية اللغة والمستوى الكتابي (22 ٪). تتصدر اللغة العربية الإحصاءات بنسبة 77،9 ٪، معبرة بذلك عن تشكيلة زوار المعرض ووزن الجيل الجديد الذي درس بهذه اللغة.
وفي سلم اللغات الأجنبية، تأتي الفرنسية في المرتبة الأولى بنسبة 59،1 ٪، تليها الإنجليزية بـ 22،6٪، مما يشير إلى توسع انتشارها في الأوساط الجزائرية، بحكم مكانتها كلغة دولية وكثافة التبادل عبر الأنترنت الذي يصل الجزائريين بباقي العالم.
أما الأمازيغية، فلا تمثل سوى 2،3 ٪ كلغة قراءة، ويشير ذلك إلى تواضع كمية العرض، وإن كان في تحسن ملحوظ. فيما يتعلق بتوزيع القراء حسب أصناف الكتب، خلصت الدراسة إلى أن المظاهر قد تكون خادعة، بما أن الأدب يحتل مركز الصدارة بنسبة 71،3 ٪، متبوعا بالعلوم والتقنيات 62،7 ٪، الدين والروحانيات 29،4 ٪ والفنون والتسلية 18 ٪.
الورقي يهيمن بـ85 بالمائة
بيّن حصاد المعطيات، أن الكتاب الورقي لايزال مهيمنا بنسبة 85٪، لتحتل القراءة الرقمية نسبة 15 ٪، وهو رقم لا بأس به بالنظر إلى ضحالة مستوى العرض في الجزائر.
وتتصدر الإقبال على الكتاب الرقمي فئة الأقل من ثلاثين سنة، كما هو الحال في بقية العالم، بالإضافة إلى فئات الطلاب والمهنيين المستقلين والمثقفين والأطر العليا. فيما يخص أنواع الكتب التي يتم اقتناؤها خلال المعرض، فقد احتل الأدب الصدارة بنسبة 65.2 ٪، وهو ما يدل على الأفضليات العامة المعبر عنها سابقا، بينما نالت الكتب العلمية والتقنية نسبة 56.93 ٪، متبوعة بالكتب الدينية والروحية بـ 20.11 ٪. بالموازاة مع عرض الكتب، يعتبر البرنامج الثقافي (محاضرات، طاولات مستديرة…) عنصرا هاما في معرض الجزائر،
وجاء في الاستطلاع أن 36٪ من المستجوبين يرتادون النشاطات الثقافية، وهي نسبة مرضية تتفوق فيها الأطر المتوسطة وصغار أرباب العمل والتجار والمهن المستقلة والإطارات العليا.
أما عن الأسباب التي ذكرها الأشخاص الذين يتغيبون عن هذه النشاطات (64 ٪)، فتتراوح بالترتيب التنازلي بين نقص الوقت وعدم الاهتمام، وهي اتجاهات مشابهة لباقي معارض الكتاب في العالم، مع أفضلية معينة لـ”السيلا”، بحكم نسبة طلب الكتاب المرتفعة والناجمة عن نقص في التوزيع اليومي.
وعلى مستوى الأشخاص الذين يحضرون اللقاءات الثقافية، 74 ٪ منهم يعتبرونها مفيدة وشيقة.
يعتبر معرض الجزائر الدولي للكتاب، من أندر التظاهرات في العالم التي تضمن مجانية الدخول، وهو إجراء نال تقدير الجمهور ورَمَزَ لإرادة الجزائر الرسمية في دمقرطة الثقافة. لكن تبين من سبر الآراء، أن 82.3 ٪ من الزائرين مستعدون لدفع ثمن الدخول، بينما 17.8 ٪ يرفضون ذلك. و82 ٪ يرون أن تذكرة دخول بخمسين دينار ستكون معقولة.
فيما يخص سمعة المعرض العالمية، فقد كانت حاضرة في رأي 63 ٪ من المستجوبين، بينما 37 ٪ يظنون العكس، وهي نتائج وجب ربطها بالارتياد اليومي على الأنترنت الذي يتعلق بـ 74 ٪ من العينة.