انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية “بلامساءلة”

  • اعتقالات، تجريد من الممتلكات، عنف جنسي بحق الأطفال كما البالغين وتعتيم إعلامي
  • نظام المخزن يقمع المدنيين الصحراويين ويضاعف جرائمه

ابتسام بلبل

تقع انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والتي يمارسها الاحتلال المغربي الذي يسيطر على حوالي 80 بالمائة من الأراضي، على نحو متزايد بمضايقة وممارسة الضغط على المدنيين وملاحقة ناشطين صحراويين وعرقلة عمل المنظمات الحقوقية والمقررين الأمميين.

ويتورط نظام المخزن المحتل الذي انتقد مرارا وتكرارا من قبل العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية، بسب أعماله في الصحراء الغربية، بحيث اشتكت العديد منها أن انتهاكات حقوق الإنسان على الأراضي الصحراوية، أصبحت تشكل مصدر توتر في المنطقة، خاصة مع الحصار الأمني والعسكري والإعلامي المفروض في غياب سياسة الإفلات من العقاب التي شجعت قوات الاحتلال على المضي قدما في انتهاكاتها الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ورفعت مطالب بضرورة توسيع عهدة بعثة المينورسو لتشمل مراقبة احترام حقوق الإنسان، حيث أكدت الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، أن قوات القمع المغربية تواصل انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين الصحراويين، كان آخرها الاعتداء على متظاهرين سلميين مطالبين بالحرية والاستقلال في مدينة العيون المحتلة، عقب تعرض العديد منهم إلى التعنيف المبرح بالشارع العام من طرف عناصر تابعة لشرطة الاحتلال المغربي بزي مدني.

استهداف قمعي للمناضلين الصحراويين

وأدانت الهيئة مصادرة حق التجمع والتظاهر السلمي والتنقل وخنق الحريات العامة بالمدن المحتلة من الصحراء الغربية باعتبار ذلك يشكل انتهاكا لمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما أدانت الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان بالمدن المحتلة من الصحراء الغربية، ولا سيما استمرار أعمال القمع التي يرتكبها أفراد الشرطة المغربية ضد المدنيين الصحراويين، بالإضافة لما يتعرض له المعتقلون السياسيون الصحراويون بالسجون المغربية، وذكرت بتقارير المنظمات الحقوقية الدولية والمقررين الأمميين المتعلقة بالانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان بالمدن المحتلة من الصحراء الغربية، وطالبت المجتمع الدولي بالضغط على الدولة المغربية من أجل الكف عن هذه الأفعال التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان ولمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما تشكل عقبة رئيسية أمام جهود إحلال السلام.

 

طائرات مسيرة لقتل المدنيين ومواطنين من بلدان مجاورة

كما نبه ممثل جبهة البوليساريو في الأمم المتحدة والمنسق مع  المينورسو، محمد سيدي عمار، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش،  ذكر فيها أن الاحتلال المغربي يواصل سياسة “الأرض المحروقة” على  نطاق واسع ضد العديد من العائلات التي تعيش خارج المدن الصحراوية الكبرى المحتلة والتي تنتهجها منذ بداية احتلالها العسكري غير الشرعي للصحراء  الغربية في 31 أكتوبر 1975 بهدف معلن هو “إبادة الشعب الصحراوي ومصادرة أرضه”، استخدمت فيه أفظع أساليب القتل الجماعي ولازالت تواصل فرض حصار عسكري وتعتيم إعلامي على المناطق الصحراوية التي لا تزال محاطة  بجدار الذل والعار في ظل الأعمال الترهيبية والانتقامية المتواصلة ضد المدنيين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين في الأراضي الصحراوية  المحتلة.

 وأضافت إنه منذ أن نسفت دولة الإحتلال المغربية وقف إطلاق النار  لعام 1991 في 13 نوفمبر 2020، تستخدم جميع أنواع  الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة لقتل العشرات من المدنيين الصحراويين من دون وازع وأيضا لقتل مدنيين ومواطنين من بلدان مجاورة أثناء عبورهم  الأراضي الصحراوية المحررة، وأدانت بشدة ما تقوم به مؤخرا من حملة  ترهيب وتجريد للصحراويين من ممتلكاتهم في المناطق المحتلة، ودعت الأمم المتحدة للعمل “على وجه السرعة” لوضع  حد “للوحشية والإرهاب” اللذين يتعرض لهما يوميا المدنيون الصحراويون ونشطاء حقوق الإنسان، بمن فيهم سلطانة سيد إبراهيم خيا وعائلتها، على يد دولة الاحتلال المغربية في المناطق المحتلة، كما دعت إلى ضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن السجناء السياسيين الصحراويين”، بمن فيهم مجموعة أكديم إزيك، المعتقلين في سجون دولة الاحتلال.

وناشدت الجبهة الأمين العام الأممي ومعه مجلس الأمن، إلى “استخدام وعلى وجه السرعة السلطة الممنوحة لهم بموجب ميثاق وقرارات الأمم المتحدة لضمان وضع حد لحرب الاحتلال المغربي العدوانية المستمرة ضد الشعب الصحراوي والتي إن لم يوضع لها حد فإنها سوف تغرق المنطقة كلها في مزيد من العنف وعدم الاستقرار.

قوة مفرطة يستخدمها المخزن في تعامله مع المتظاهرات بالعيون المحتلة

وأدانت الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي بشدة استخدام قوات الاحتلال “للقوة المفرطة” في تعاملها مع المتظاهرات الصحراويات اللاتي شاركن في الوقفة السلمية التي نظمت مطلع الشهر الجاري بالعيون المحتلة، بعد أن رصدت معلومات ميدانية تدخل قوات الاحتلال المغربية ممثلة في ما أطلق عليهم القوات المساعدة بزيهم الرسمي ودون سابق إنذار”، باستعمال أبشع أنواع التعنيف في حق المناضلات اللاتي تجمهرن بالشارع العام للتضامن مع المدافعة عن حقوق الإنسان سلطانة خيا وعائلتها المحاصرين من طرف قوات القمع المغربية ببوجدور المحتلة منذ أكثر من 15 شهرا، مرددين الشعارات المطالبة بالحرية والاستقلال.

وقد أدى التدخل الهمجي إلى إصابة كل من مينة اباعلي وغلي عجنة وليلى الليلي، وهن عضوات بالهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، بالإضافة إلى إصابة الصالحة بوتنكيزة، وهي إعلامية مراسلة التلفزة الصحراوية، كما تم منع عضو الهيئة، مريم دمبر، من الوصول إلى مكان المظاهرة، بعد أن تمت محاصرة منزل عائلتها من طرف سيارات تابعة لشرطة الاحتلال وإجبارها على المكوث في المنزل، مؤكدة أن “استهداف المدنيين بهذا الشكل الممنهج وإيقاع الإصابات في صفوفهم، دون أن يشكلوا تهديدا أو خطرا على حياة أفراد القوات المحتلة أو أمنهم وسلامتهم، يشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تستوجب المساءلة والمحاسبة”.

وسبق وأن وثقت منظمة العفو الدولية الاستهداف القمعي الذي مارسته قوات الاحتلال المغربية ضد 22 مناضلا وصحفيا ومدافعا عن حقوق الإنسان وحتى القصر الصحراويين الذي مارسوا حقهم في التعبير بسلمية منذ شهر نوفمبر من عام 2020، واعتبرت أن حملة التجاوزات الممنهجة ضد المناضلة الصحراوية سلطانة خيا وعائلتها التي تقبع تحت الإقامة الجبرية بشكل غير قانوني منذ شهر نوفمبر 2020 دون سبب أمر مقلق للغاية، كما ذكرت بمداهمة رجال شرطة مقنعين إلى منزل خيا وقاموا بضربها وحاولوا الاعتداء عليها كما اعتدوا على أختها، وتطرقت إلى المصير الوحشي الذي تلقاه الطفل الصحراوي مصطفى رزوق “الذي أوقفته الشرطة بسبب تظاهره سلميا لصالح خيا حيث تعرض للتعذيب من طرف قوات الأمن المغربية لمدة 3 أيام من خلال حرقه بالبلاستيك المذاب والمغلي وتعليقه في السقف.

وأكدت أن انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من قبل المغرب تم تأكيدها من طرف المقررة الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة مي لاولور الذي دقت ناقوس الخطر في تصريح قدمته في شهر جويلية الماضي ووافق عليه العديد من المقررين بخصوص “القمع” الذي تمارسه السلطات المغربية على المدافعين عن حقوق الإنسان الصحراويين كما نددت بتجاوزات “مشينة” تنتهك “التزام الحكومة المغربية باتجاه منظومة الأمم المتحدة.

وكانت “هيومن رايتس ووتش” اتهمت، في تقريرها السنوي المتعلق باتجاهات حقوق الإنسان حول العالم، المغرب بمضايقة وملاحقة ناشطين صحراويين وعرقلة “عمل بعض المنظمات الحقوقية المحلية غير الحكومية”، وقال تقرير المنظمة الحقوقية إن قوات الأمن المغربية أبقت، في نوفمبر 2020، “على تواجد كثيف شبه دائم خارج منزل ناشطة الاستقلال سلطانة خيا في بوجدور في الصحراء الغربية، ولم تقدم السلطات المغربية أي مبرر لذلك ومنعت العديد من الأشخاص بمن فيهم أفراد الأسرة من الزيارة”، ونقلت عن خيا قولها إن “قوات الشرطة داهمت منزلها عدة مرات وضربتها وقريبتها ولطخت المنزل بسائل كريه الرائحة،  كما اتهم التقرير السلطات المغربية بمنع “التجمعات المساندة لحق الصحراويين في تقرير المصير، وعرقلت عمل بعض المنظمات الحقوقية المحلية غير الحكومية، بما في ذلك عن طريق منعها من التسجيل القانوني، وفي بعض الأحيان ضرب النشطاء والصحفيين أثناء احتجازهم وفي الشوارع، أو مداهمة منازلهم وتدمير أو مصادرة متعلقاتهم”.

وأضافت أنه في 2021، “ظل 19 رجلا صحراويا في السجن بعد إدانتهم في محاكمتين جائرتين عامي 2013 و2017 بقتل 11 عنصرا من قوات الأمن، خلال اشتباكات اندلعت بعد أن فككت السلطات بالقوة مخيما احتجاجيا كبيرا في أكديم إزيك، الصحراء الغربية، في 2010”.

ووفق التقرير، “اعتمدت كلتا المحكمتين بشكل شبه كامل على اعترافاتهم للشرطة لإدانتهم، دون التحقيق بجدية في مزاعم أن المتهمين وقّعوا على اعترافاتهم تحت التعذيب. ،أيّدت محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية في المغرب، حكم الاستئناف في 25 نوفمبر 2020”.

استخبارات نظام المخزن في وجه الانتقادات

وجهت اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الإنسان، انتقادات واسعة لجهاز الاستخبارات الخاص بنظام المخزن، كما نددت بزيارة مفبركة لمنزل الناشطة الصحراوية سلطانة خيا، من طرف أعضاء من المجلس المغربي لحقوق الإنسان إذ تم إفراغ محيط المنزل وتصويره من طرف المخابرات المغربية في محاولة فاشلة لتغليط الرأي العام، وأشارت في بيان لها إلى أن الناشطة الصحراوية خيا، وأفراد عائلتها المحاصرين منذ يوم 19 نوفمبر 2020، رفضوا رفضا باتا السماح للوفد المغربي بدخول البيت، مؤكدين عدم اعترافهم بالسلطة المغربية وبجميع هيئاتها المتواطئة في الاحتلال، وذكر أن هذا المجلس المغربي ما هو إلا أداة من أدوات الاحتلال المغربي تعمل على تلميع صورة قوات الاحتلال وتتستر على جرائمه وتخفي مسؤولياته عن جميع الانتهاكات وترافع عنه في المحافل الحقوقية الدولية بهذه الطريقة المخزي، ودعت اللجنة الصحراوية الهيئات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الصليب الأحمر الدولي للتدخل العاجل وتذكرها بمسؤوليتها تجاه الصحراء الغربية المحتلة، كونها بلد محتل ولم يتمتع شعبه بعد بممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال.

وأوضحت أن بعد فضح هذا المسعى الخسيس من قبل العائلة ورفضها القاطع للتعامل مع آليات الاحتلال، قامت قوات القمع وكعادتها بالاعتداء على العائلة والانتقام منها ومنع المدنيين الصحراويين من زيارة الأسرة وتعنيف سلطانة خيا، وأدانت اللجنة هذه الممارسات المشبوهة ونبهت الرأي العام الدولي إلى خطورة هذه الخطوة التي تستهدف عائلة سيد إبراهيم خيا في محاولة لمخادعة ومغالطة الهيئات الدولية لتمرير ادعاءات باطلة وغير مؤسسة لحقيقة ما يجري خلف الستار من جرائم ضد الإنسانية في حق المدنيين الصحراويين الرازحين تحت الاحتلال.

ودعت اللجنة كل المنظمات والهيئات الدولية، وخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر المنوط بها أصلا حماية المدنيين الصحراويين تحت الاحتلال، بالتدخل العاجل وتذكرها بمسؤوليتها تجاه الصحراء الغربية المحتلة، وحذرت من التبعات والمخاطر الناجمة عن سياسة الخداع والكذب المنتهجة من قبل الاحتلال المغربي وممارساته القمعية والعدوانية من خلال الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية وتطالبها باتخاذ خطوات عاجلة لضمان أمن وسلامة المواطنين الصحراويين العزل والعمل على إرسال بعثة من أعضائها لإجراء تحقيق مستقل في الجرائم المرتكبة من قبل دولة الاحتلال المغربي.

مقالات ذات صلة

تعيين سفير جديد للجزائر في هذه الدولة

سارة معمري

قريبا.. إقتناء عتاد النقل السككي بمختلف أنواعه

سارة معمري

تنصيب الرئيس المدير العام الجديد لمجمع سوناريم

سارة معمري