الخارجية الفرنسية :”الجزائر جزء من أي حل في مالي”

ابتسام بلبل

يكتسي اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر لاستقرار مستدام في مالي، أهمية كبيرة وهو ما أكدته الخارجية الفرنسية أمس، على أن الجزائر جزء من أي حل في مالي، مشيرة إلى أن اتفاقات الجزائر هي إحدى الركائز الأساسية لأمن واستقرار مالي.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية “آن كلير ليجيندر” في حديث للقناة الفرنسية “تي في 5 موند” أن فرنسا بحاجة إلى شركائها الجزائريين للتشاور معهم”، كما تحدثت ليجيندر عن العلاقات الجزائرية الفرنسية، مؤكدة أن الجزائر شريك أساسي لباريس، وتم استئناف التعاون بينهما على جميع الجبهات، وتابعت بالقول: “جان إيف لودريان ذهب إلى الجزائر، هناك استئناف للتعاون على جميع الجبهات”، وأوضحت أن “باريس اليوم أكثر إصرارا على التعاون مع الجزائر وهي شريك أساسي بالنسبة لنا “.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبعد 9 سنوات على بدء عملية “سرفال” العسكرية في مالي منذ 2013، الخميس الماضي قبيل افتتاح قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي في بروكسل، انسحاب القوات الفرنسية من مالي “بشكل منظّم” في الأشهر المقبلة، ومن جهته، طالب المجلس العسكري الحاكم في العاصمة المالية باماكو فرنسا، الجمعة، بسحب جنودها من بلاده من دون تأخير، وذلك في اليوم التالي لإعلان باريس وشركائها الانسحاب، ووصف المتحدث باسم الحكومة المالية، العقيد عبد الله معيقة، في بيان قرأه على التلفزيون الوطني، إعلان انتهاء عملية “برخان” الفرنسية التي حلّت محل عملية سرفال عام 2014، بأنه “انتهاك صارخ” للاتفاقيات بين البلدين، وقال إن نتائج القوات الفرنسية في مالي “لم تكن مرضية”.

وتشرف الجزائر على اتفاق السلم والمصالحة بين مالي والجماعات السياسية والعسكرية المالية بعد مفاوضات طويلة وقعت بالجزائر العاصمة في 1 مارس 2015، والتي حضرها ممثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا آنذاك.

وتقوم الجزائر بجهود كبيرة من أجل استقرار مالي التي تعتبر عمقها الاستراتيجي، وآخرها إشرافها في الـ24 أكتوبر الماضي بالجزائر العاصمة، على مشاورات قادها وزير الخارجية رمطان لعمامرة، وحضرها الوزير المالي للمصالحة الوطنية، العقيد إسماعيل واغي، وكذلك المسؤولون الأولون للحركات الموقعة على اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، بغية السماح للأطراف المعنية بإعطاء دفع جديد لمسار السلم والمصالحة في مالي في ظرف يشهد توترات ملموسة بين مختلف الأطراف الموقعة على الاتفاق”.

وأكد وزير المصالحة الوطنية لدولة مالي، أن الجزائر أعطت الفرصة للماليين لتذليل بعض الصعوبات من أجل تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي، المنبثق عن مسار الجزائر، وأضاف أن الجزائر التي تشرف على رعاية وقيادة الوساطة الدولية ما فتئت تدعم المسار منذ إنشائه إلى غاية اليوم.

وتهدف هذه المشاورات التي تندرج في إطار جهود الجزائر، بصفتها المشرفة على قيادة الوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة الاتفاق لاستعادة السلم والاستقرار في مالي، إلى تمكين الأطراف المالية من إعطاء دفع جديد لمسار السلم والمصالحة الوطنية في مالي امتدادا للنتائج المشجعة للدورة ال45 لذات اللجنة التي عقدت يوم 6 أكتوبر بباماكو.

وتطالب الوساطة الدولية المكونة من ممثلين عن دول الجوار وهي بوركينا فاسو، وموريتانيا، والنيجر، ونيجيريا، وتشاد، إضافة إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ممثلة في الصين، وفرنسا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، كما تشمل الدول التي تمثل الشركاء التقنيين والماليين لمالي وهي ألمانيا، وكندا، وممثلو المنظمات الدولية والقارية والإقليمية، وهي الأمم المتحدة من خلال بعثة “المينوسما”، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي من خلال بعثة الاتحاد الأفريقي إلى مالي والساحل، وكذلك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بتسريع تنفيذ اتفاق الجزائر، حيث حثت الأطراف المالية على استغلال المرحلة المتبقية من الفترة الانتقالية لتنفيذ الإجراءات الأولوية الواردة في اتفاق السلم المنبثق عن مسار الجزائر، من أجل تحسين الوضع الأمني والحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية للسكان، عبر استئناف المشاورات على مستوى صنع القرار بشأن نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والإصلاحات المؤسساتية والسياسية الناتجة عن الاتفاق.

ويُلخص موقف الجزائر حول الأمة في مالي كما أكده وزير الخارجية رمطان لعمامرة، في الدفاع عن “الحلول الأفريقية لمشاكل أفريقيا”، وفي “رفض كل التدخل الأجنبي في القارة الأفريقية”، وتدعو الجزائر، كما هو الحال في جميع ساحات الصراع، إلى مسار سياسي، لا سيما من خلال تطبيق اتفاق الجزائر لعام 2015، والذي نص على نزع سلاح الجماعات المتمردة، واللامركزية ودعم تنمية الشمال من أجل إعادة توحيد البلاد.

وسبق وأن صرح رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن الوضع في مالي “مسألة فقر وتنمية”، مؤكدا أن الجيش الجزائري “لن ينغمس في المستنقع أبدا”، وأضاف بالقول: “ينظر إلى “أفغانستان الفرنسية” على أنها موضوع سوء تفاهم متكرر بين باريس والجزائر، تفاقم بسبب الحظر المفروض في أكتوبر على طائرات برخان للتحليق فوق سماء الجزائر”.

 وفي بداية شهر جانفي الماضي، بينما قرر قادة الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) فرض عقوبات على مالي  تتعلق بحظر وإغلاق الحدود، وحذرت الجزائر قادة باماكو الجدد من عواقب “فترة انتقالية طويلة” وشجعتهم على “حوار هادئ وواقعي مع الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا”.

وتعرف العلاقات الجزائرية الفرنسية انفراجا ملحوظا بعد أزمة دامت أكثر من ثلاثة أشهر بسبب تصريحات مسيئة من الرئيس إمانويل ماكرون، والتي رد عليها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بقطع العلاقات والحوار السياسي بين الطرفين باستدعاء السفير محمد عنتر داوود الذي لم يعد إلى منصبه إلا بداية شهر جانفي الماضي .

وأكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون,، أن العلاقات الجزائرية-الفرنسية بدأت تعرف ” انفراجا ” وأن الجزائر بلد لا يمكن أبدا تجاهله في إفريقيا، وقال إن اللقاء الذي جمع مؤخرا، الأمينين العامين لوزراتي الخارجية الجزائرية والفرنسية والذي انعقد بالجزائر خلص إلى نتائج “ايجابية”، مشيرا إلى أنه لا يود الخوض كثيرا في هذا الموضوع لعدم التأثير على سيرورة الانتخابات الرئاسية التي ستجري بهذا البلد في أفريل المقبل، ليضاف ذلك إلى آخر ما قام به الرئيس الفرنسي ماكرون كخطوة ايجابية بتخليده ذكرى ضحايا أحداث مترو شاروون الذين طالبوا بالسلم في الجزائر والتنديد بأعمال المنظمة المسلحة السرية والتي قمعها عمدة شرطة باريس موريس بابون بتاريخ 8 فيفري 1962.

هذا وتستعد الجزائر وفرنسا لعقد لقاءات رفيعة تتمثل في اجتماع اللجنة العليا المشتركة التي أجلت السنة الماضية لرسم معالم التعاون المستقبلي بين البلدين، انطلاقا من تقييم الشراكة في واقعها الراهن .

مقالات ذات صلة

الشعب الفلسطيني يحيي ذكرى قيام دولته وسط إبادة جماعية غير مسبوقة

سارة معمري

قانون المالية 2025.. هذا ما أكده النواب

سارة معمري

نهائي الكأس العسكرية.. فريق الناحية الأولى يتوج باللقب

سارة معمري