كشفت الأمطار الأخيرة رداءة أشغال التهيئة التي قامت بها مصالح البلديات والهيئات الولائية، حيث لم تكمل الأمطار ساعاتها الأولى المتواصلة من ليلة، أول أمس، حتى أغرقت الأحياء وسط البرك والسيول ليجد المواطنون أنفسهم محاصرين وسط المياه في أحياءهم أو مداخل عماراتهم التي امتلأت بالأوحال كما حصل في كل من خرازة والحجار وأحياء البوني وسيدي عمار.
ففي الوقت التي خصصت الملايير لتهيئة الولاية على خلفية التظاهرات الإفريقية منذ السنة الماضية، كان المواطن العنابي ينتظر مشاريع تنموية تأتي ثمارها على المدى البعيد، إلا أن 3 أيام متتالية من الأمطار كشفت أن “البريكولاج” لا يزال صيغة تنتهجها المقاولات والمصالح البلدية الولائية، لتبقى دقة ناقوس الخطر هي الإشارة التي ينتظرها المواطنون تحسبا لقدوم وقرب اشتداد موسم الأمطار الذي يترتب منه عزلة سكان القرى والمجمعات السكنية التي تعاني من غياب التهيئة، وذلك على اعتبار أن الولاية شهدت أضرارا مختلفة ومتعددة ومتكررة من الفيضانات كانت نتائجها وخيمة على الأرواح والممتلكات.
من جهته، كان على السلطات اتخاذ جملة الاجراءات الضرورية واللازمة الواجبة من أجل التصدي ومواجهة المخاطر المحتملة كالإسراع بعملية جهر الأودية والشعاب وإزالة مخلفات الجهر وعدم تركها بجنبات الوديان وانهاء هذه العملية قبل حلول موسم الأمطار واشتداده والتعجيل بعملية تنظيف البالوعات وقنوات صرف المياه القذرة والمستعملة و مياه الأمطار مع التنبيه الى ضرورة غلق البالوعات بالأغطية الخاصة بها لما تشكله من خطر على سلامة المواطنين وإنهاء هذه العملية قبل شهر ديسمبر.
إلى جانب ذلك، كان من الوجيه صيانة الأعمدة الكهربائية الخاصة بالإنارة العمومية وتغطية الأسلاك الكهربائية وفق قواعد السلامة لحماية المواطنين وتعويض الأعمدة الكهربائية المهترئة خوفا من سقوطها جراء تعرضها للرياح و ما يمثله ذلك من مخاطر على السكان والمباني وقد جرت من قبل أحداث جد مؤسفة جراء التهاون في هذه الأمور .
ومن النقاط التي تداولها مختصون، توقيف تسليم رخص البناء بمحاذاة الوديان والشعاب واحترام مسافة الارتفاق اللازمة كما ينص عليه قانون العمران لما يمثله ذلك من مخاطر على المباني، وحماية ورشات البناء المختلفة وتطبيق اجراءات الأمن فيها مثل التسييج القانوني والانارة والحراسة اللازمة وعدم تركها مهملة وتنظيفها باستمرار، وكذا رفع الأتربة المتراكمة وازالة مخلفات البناء على مستوى مختلف الورشات لما تسببه من انسداد المجاري المائية عند تساقط الأمطار .
كما كان على رؤساء البلديات الوقوف والسهر على التنظيف المستمر ورفع القمامة بانتظام و تجنب الرمي العشوائي لما يحدثه من أضرار عند سقوط الأمطار بانسداد البالوعات، وردم الحفر المختلفة عبر مختلف البلديات والأحياء خوفا من امتلائها بمياه الأمطار و تعريض المواطنين للسقوط فيها و هلاكهم جراء ذلك كما جرى في كثير من الممرات .
إلى جانب توقيف عمليات تهيئة الأرضية لورشات البناء الجديدة خوفا من انجراف التربة و الانزلاقات و تعريض المباني المجاورة لخطر التشققات و التهديم جراء ذلك .
وفي السياق، التقاعس وغياب الرقابة أل دون إيجاد حلول جذرية وتطبيق التعليمات الوزارية المنصوصة على تدارك النقائص ووضع الأولويات والوقوف على تواريخ ونوعية الأشغال وغيرها من الالتزامات، ليبقى المواطن العنابي يعاني الأمرين مع كل تهاطل للأمطار، إلى أن يتم التكفل بهذا الكم من النقائص قبل فوات الأوان.
لمين موساوي