في انتظار التدخل لإعادة حقوقها المهضوم من قبل مجمع “أسميدال”
إبتسام بلبل
لا يخفى على أحد جهود الدولة الجزائرية في الوقاية من الفساد ومكافحته، وجملة القوانين التي جاءت في هذا السياق والتي تصب في مجملها في رواق حماية المبلغين عنه من كل أنواع الاستفزازات والتهديدات وجميع الإجراءات العقابية والانتقامية خاصة في الوسط المهني .
وأعطت لهؤلاء كل الضمانات التي تجنبهم الانتقادات أو العقوبات وحتى الاستفزازات في المؤسسة أو الهيئة التي يشتغلون لحسابها التي قام هؤلاء المبلغين في إطار مهامهم فيها بالتبليغ عن ممارسات مضرة بسيرها وبالمصلحة العامة، وقد جعل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون واحد من التزامات الـ54 ونص عليها صراحة قانون البند الرابع في إطار مسماه أخلقة السياسة والحياة العامة وتعزيز الحكم الراشد وكل ذلك جاء ليتطابق مع التزامات الجزائر الدولية خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تنص صراحة في مادتها الـ 33 على حماية المبلغين وتوفير التدابير التي تحميهم من كل ردود فعل ناتجة عن إبلاغ السلطات المختصة وبحسن نية ولأسباب وجيهة عن قضايا الفساد غير أن كل ذلك على ما يبدو ضرب عرض الحائط في شركة “أسفرطراد” إحدى فروع شركة “أسميدال” التابعة لمجمع سوناطراك المتواجدة تحت وصاية وزارة الطاقة والمناجم فقد وجدت مديرة الصفقات والعقود في الشركة نفسها خارج طاقم الشركة بعد أن فصلت عن العمل لتذهب ضحية شهادتها أمام الهيئات القضائية في ملف فساد كان أبطاله إطارات نافذة في شركة “أسفرطراد”، ووجدت نفسها كشاهدة في تحقيقات الدرك الوطني وأدلت بشهادتها ملتزمة في الموضوع الحيادية والموضوعية وهو ما لم يرق لمسؤوليها المباشرين، وزاد وضعها تعكرا بعد استدعائها من مجلس قضاء عنابة للإدلاء بشهادة.
وقبل الجلسة وأثناء سيرها قدمت طلبا إلى النائب العام المساعد وقاضي الجلسة لحمايتها من تبعات الشهادة وفعلا نالت ما أرادت من قبل العدالة وتحصلت على إشهاد يحميها من كل دود الفعل في حالة تعرضها للانتقام من مسؤوليها المباشرين، وتتابعت الأحداث وبتاريخ 11 جويلية 2021 قالت العدالة كلمتها وصدر الحكم تحت رقم 05344/ 21 القاضي بإدانة مسؤولي ” أسفرطراد” عملا بأحكام المادة 26 من قانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتضمن الوقاية من الفساد غير أن ذلك لم يكن برداً وسلاما على الشاهدة التي تعرضت من قبل هؤلاء المسؤولين المدانين بأحكام قضائية إلى الترهيب والتعسف وإلى إجراءات انتقامية لكونهم المسؤولين المباشرين لها.
والغريب أنه ورغم الإدانات الصادرة من العدالة فإن الرئيس المدير العام لمجمع “أسميدال” لم يحرك ساكنا ولم يتخذ الإجراءات التي ينص عليها القانون في مثل هذه الحالات على الرغم من إخطاره بخطورة الوضعية مما جعلهما يواصلان المسار الانتقامي من المعنية الذي كان من بين آلياته _حسب مصادر _ القيام بتلفيق ملف تأديبي وهمي بأخطاء غير مدرجة في القانون الداخلي للمؤسسة وينتهي الأمر بفصلها نهائيا عن العمل بتاريخ 28 أكتوبر 2021 بعد شهرين من صدور الحكم الشيء الذي لم يترك لها منفذا إلا الاستنجاد مرة أخرى بالعدالة الجزائرية لإنصافها وكان لها ما أرادت حيث صدر حكم نهائي من محكمة الحجار القسم الاجتماعي ينص على إعادة إدراجها في منصب عملها وأوضح قاضي الموضوع أن الشركة لم ترفق أي ملف جدي أو دليل لتبرير التسريح، حيث اعتبر هذا التسريح تم خارج حالات الإنهاء القانونية أي تسريح تعسفي إلا أن الشركة تجاهلت أحكام القضاء وضربت بها عرض الحائط، وكانت للضحية جولة أخرى في القسم الجزائي حيث رفعت قضية ضد من انتقموا منها موجهة لهم تهمة التهديد والانتقام بأي شكل من أشكال ضد الشهود، وأدانت العدالة المتهمين في قضية الحال ب 18 شهرا حبسا نافذا.
وضمن معركة استعادة الحقوق الضائعة قدمت الضحية التي فقدت مورد رزقها شكوى إلى كل من وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب ووسيط الجمهورية والمدير السابق لشركة سوناطراك، وكلل المسعى بنزول لجنة تحقيق وزارية وخلصت التحقيقات إلى أن ما قام به هؤلاء المسؤولين منافي للقانون وصدر قرار لصالحها.
وفي مراسلة مؤشرة من وسيط الجمهورية المركزي بالجزائر العاصمة، تضمنت توصيات الوزير لشركة سوناطراك بإلزام “أسميدال” بإعادة إدماج الضحية في منصبها معتبرة كل تلك الإجراءات تعسفية وخارقة لقوانين الجمهورية الجزائرية، ورغم ثقل الجهات التي تدخلت في الموضوع على المستوى المركزي إلا أن الرئيس المدير العام لأسميدال، محمد الطاهر هواين لم يعرفها أي اهتمام ولم يمتثل لا للأحكام القضائية ولا لقرار وزارة الطاقة مما يؤكد أن هناك من يسعى لخلق وافتعال المعيقات وزرع بين المواطنين الشعور بخيبة الأمل وقد يكون وراء ذلك محاولات بائسة لإجهاض مساعي السلطات العليا للبلاد التي تعمل جاهدة لإعادة القطار إلى السكة بعد انحرافات متتالية والقطع مع ممارسات الماضي لبناء الجزائر الجديدة.
وفي شهر ديسمبر 2022 تلقى الرئيس المدير العام لمجمع أسميدال مراسلة لتطبيق قرارات مؤسسات الدولة والأحكام التي صدرت باسم الشعب الجزائري ولكن السيد المدير العام لمجمع “أسميدال” لم يراعي لا ذلك ولا وضعية الضحية__ مرة أخرى __ التي هي في وضع اجتماعي مزر باعتبارها مطلقة ومعيلة للأسرة ويعتبر عملها هو مصدر رزقها الوحيد، وكان من آخر حلقات هذه القضية التماس 3 سنوات حبسا نفذا بمجلس قضاء عنابة في حق مسؤولين في “أسفرطراد” لم يردعهم لا القانون ولا القرارات الصادرة عن مؤسسات سيادية.