لتعزيز الاستقرار الإقليمي .. واشنطن تتطلع للتعاون مع الجزائر

أكدت السفيرة الأمريكية في الجزائر، إليزابيث مور أوبين، أن العلاقات بين البلدين تشهد تطورًا ملحوظًا يشمل مجالات التعاون الدبلوماسي والعسكري والاستثمار والطاقة.

وفي ندوة صحفية عقدتها بمقر السفارة الأمريكية بالعاصمة، أوضحت أوبين أن “التعاون العسكري بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية يمتد إلى وقت طويل”، مبرزة أن “توقيع مذكرة التفاهم في جانفي الماضي بين قائد القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) الجنرال لانغلي، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، عزز الرؤية المشتركة من أجل الاستقرار الإقليمي”.

وأشارت أوبين إلى أن التفاعل العسكري بين البلدين متواصل، مذكّرة بزيارة المدمرة “شرمان” إلى الجزائر، وببرنامج سلامة الطيران بين قاعدتي بوفاريك ورمشي. كما أبرزت مشاركة بعثة حكومية جزائرية في حفل تنصيب القيادة الجديدة لـ”أفريكوم” بمدينة شتوتغارت، في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث أتيحت لها فرصة عقد لقاءات مع مسؤولين كبار، من بينهم الجنرال لانغلي والجنرال أندرسون.

أما في الشق الاقتصادي، فقد أكدت السفيرة أن الولايات المتحدة تولي أهمية كبيرة لعلاقاتها الطاقوية مع الجزائر، مبرزة “العلاقات القوية والمستمرة” بين البلدين.

كما أشارت إلى وجود “أكثر من مئة شركة أمريكية” تنشط في الجزائر عبر مجالات الطاقة والفلاحة والصناعة ومجالات أخرى، لافتة إلى أن الحصة الأمريكية تعادل “29%” من الاستثمارات الأجنبية.

وأضافت أن الشركات الأمريكية “مهتمة بالسوق الجزائري”، وأن الحكومة الأمريكية وشركاتها “ستكون حيث تريد الجزائر أن تكون”، على أن تسهم في “الانتقال الطاقوي” و”التنويع الاقتصادي” في قطاع الطاقة. كما أشارت إلى وجود “عديد الشركات الأمريكية” القادرة على تقديم “حلول تكنولوجية” لمواجهة تحديات الانتقال الطاقوي، لاسيما في مجال الطاقات المتجددة.

وعن سؤال حول الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية والغضب الذي يثيره في الرأي العام الجزائري بسبب الدعم المطلق للكيان الصهيوني، خاصة مع ما تشهده غزة من حرب تجويع، اكتفت السفيرة بالقول إن “البلدين يعملان معًا من أجل ترسيخ السلام ورفع معاناة الشعب الفلسطيني”.

وأكدت أن “الولايات المتحدة تدعم كل الجهود الرامية إلى إحلال السلام وإيصال المساعدات الإنسانية”، شاكرة الجزائر على دورها في هذا الجانب. وأضافت أن هناك “حوارًا صريحًا” بين البلدين حول هذه المسألة، مشددة على أن “واشنطن تدفع من أجل إيجاد حل يضمن تحرير الرهائن، وإنهاء ما وصفته بـ’حكم حماس وتهديداتها لإسرائيل’، إلى جانب ضمان استمرار تدفق الإغاثة الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون بشكل عاجل”.

وفي ردها على سؤال حول خطة الولايات المتحدة لإنهاء نزاع الصحراء الغربية وما إذا كانت واشنطن ترغب في إنهاء مهمة بعثة “المينورسو”، أجابت السفيرة بأن “منطقة الصحراء الغربية تاريخها طويل ويمتد إلى أكثر من خمسين عامًا، وهو ما ترك آثارًا على حياة المواطنين الصحراويين”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة تعمل من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في هذه المنطقة، وتشجع على المضي قدما نحو الازدهار”.

كما أكدت أن بلادها “تدعو كل الأطراف إلى التشاور والتفاوض من أجل إيجاد حل دائم يرضي الجميع”.

من جهته، أبرز معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مجموعة تفكير أمريكية، في تقرير له “الفرص الكبيرة” التي تتيحها الجزائر، مركّزًا على التزامها بالوساطة والحوار الدبلوماسي، ومواردها الطبيعية، وشبابها المفعم بالحيوية.

وجاء في التقرير الذي خُصص لمستقبل العلاقات الاستراتيجية بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، أن الجزائر بلد “يمتلك الكثير من المزايا ويتيح فرصًا كبيرة”، مضيفًا أن “على الولايات المتحدة تكريس موارد لبلورة علاقات ثنائية تضمن ترقية الاستقرار”.

كما أوصت الوثيقة التي تحمل عنوان “صوت ينبغي اتباعه في سياق الحركيات العالمية المتغيرة”، الحكومة الأمريكية بتعزيز علاقاتها مع الجزائر بالنظر إلى أهميتها الاستراتيجية والتزامها بالسلم على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد التقرير أنه “في ظل حالة اللااستقرار المتزايد في منطقة الساحل، يتعين على واشنطن أن تستثمر في إرادة الجزائر كرائد إقليمي في مجال السلم والأمن من أجل الاستفادة من خبرتها في مكافحة الإرهاب”.

وأضاف التقرير أن “كلما تعززت روابط الثقة والاحترام المتبادل، كلما اتجه البلدان (الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية) نحو شراكة أقوى في مكافحة الإرهاب من خلال تبادل المعلومات وأشكال أخرى من التعاون”، مشيرًا إلى ثلاثة محاور رئيسية للتعاون الواعد بين البلدين، وهي: الاقتصاد، مكافحة الإرهاب، والتبادلات الثقافية.

كما تطرق التقرير إلى قطاعات أخرى في مجال التعاون، على غرار الصحة والفلاحة، التي من شأنها أن تفتح فرص شراكة واعدة للبلدين.

وأبرز أن “إلى جانب الفلاحة، تعتبر المناجم والصناعات الغذائية من القطاعات الرئيسية خارج المحروقات، التي يسعى الجانب الجزائري إلى تطويرها”، مشيرًا في السياق ذاته إلى إرادة الجزائر في ترقية تعليم اللغة الإنجليزية.

مقالات ذات صلة

الجزائر تكذّب رواية باريس بشأن اتفاق الإعفاء من التأشيرات

sarih_auteur

تعيين اللواء طاهر عياد قائدا للحرس الجمهوري

sarih_auteur

الجيش يشن حربا على بارونات الزطلة والكوكايين بالحدود الغربية

sarih_auteur