عودة التجارة الفوضوية في مدينة عنابة… الأرصفة تختنق من جديد

عادت ظاهرة التجارة الفوضوية بقوة إلى شوارع مدينة عنابة خلال الأسابيع الأخيرة، بعد فترة من الهدوء النسبي الذي أعقب الحملات الصارمة التي شنتها السلطات المحلية في وقت سابق.

مشهد الطاولات والعربات المنتشرة في كل زاوية، والباعة الذين يحتلون الأرصفة والساحات العمومية، أعاد المدينة إلى فوضويتها القديمة، وأثار استياء السكان الذين عبّروا عن امتعاضهم من غياب التنظيم وعودة مظاهر العشوائية في قلب عاصمة الولاية.

من جولة قصيرة في شارع ابن خلدون، والحطاب، أو محيط المسرح الجهوي، يلمس الزائر كيف تحولت الأرصفة إلى أسواق مفتوحة دون رخص أو مراقبة، حيث يُعرض كل شيء على مرأى الجميع، وسط زحام خانق وصعوبة في حركة المرور. المارة يجدون أنفسهم مضطرين إلى السير في الطريق المخصص للسيارات بعد أن احتُلت الأرصفة بالكامل بالبضائع، بينما تختفي معالم التنظيم والنظافة التي سعت السلطات إلى فرضها خلال الأشهر الماضية.

وفي هذا السياق، شنت مصالح البلدية والأمن في أكثر من مناسبة حملات لإزالة الطاولات والعربات غير القانونية، غير أن مفعولها لا يدوم طويلاً. فبمجرد مغادرة الشاحنات وفرق المراقبة، يعود الباعة إلى أماكنهم المعتادة وكأن شيئًا لم يكن. ويقول أحد سكان وسط المدينة: «صرنا نعيش في دوامة دائمة… يوم حملة، ويومان فوضى. لا أحد يحترم الأرصفة أو النظام».

من جهة أخرى، لم تعد الظاهرة تقتصر على الاكتظاظ فقط، بل امتدت إلى تشويه المشهد العام للمدينة، حيث تتكدس أكوام الكراتين والنفايات قرب الأرصفة، وتنبعث الروائح من بقايا السلع المعروضة، ما يُحوّل بعض الشوارع إلى نقاط عشوائية لتجميع الأوساخ. وتواجه فرق النظافة صعوبة في التدخل داخل هذه المساحات المزدحمة، ما يجعل الوضع البيئي متدهورًا ومقلقًا، خاصة في محيط الأسواق الشعبية.

أما التجار أصحاب المحلات، فعبّروا بدورهم عن تذمّرهم من هذا الوضع، بعدما أصبحت مداخل محلاتهم محاصرة بالبضائع والعربات. أحدهم قال لـ«الصريح»: «نفتح محلاتنا صباحًا لنجد الأرصفة محتلة بالكامل.. الزبائن لا يمكنهم حتى الدخول إلينا. أصبحنا غرباء داخل محلاتنا».

ويرى كثيرون أن استمرار هذه الفوضى يُفقد المدينة هيبتها التجارية ويجعلها أقرب إلى سوق مفتوح بلا ضوابط. ويطالب سكان عنابة السلطات المحلية بتكثيف الرقابة واستمرارها بدل الاقتصار على حملات ظرفية، إلى جانب فرض احترام الفضاءات العمومية وتحرير الأرصفة من الاحتلال اليومي. كما يدعو المواطنون إلى تطبيق صارم للقوانين، وإعادة تنظيم النشاط التجاري داخل فضاءات محددة تضمن النظام والنظافة وتحافظ على الوجه الحضاري لعاصمة الولاية.

وتشير الملاحظات إلى أن عودة التجارة الفوضوية إلى شوارع عنابة ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل إنذار واضح بعودة مظاهر الإهمال إلى المشهد الحضاري. المدينة التي حلم سكانها باستعادتها نظيفة ومنظمة، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد: إما فرض النظام بصرامة، أو ترك الأرصفة تُباع وتُشترى.

لمين موساوي

مقالات ذات صلة

عنابة: مستشفى ابن رشد يتدعم بسكانير يعمل بالذكاء الاصطناعي

sarih_auteur

عنابة: أمن البوني يطيح بسارقي الكوابل النحاسية

sarih_auteur

إعادة إسكان 185 عائلة ببلدية الحجار في ولاية عنابة

sarih_auteur