تلاعب بالعقار، ثراء فاحش وصفقات مشبوهة
خميسي غانم
قررت أمس، غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء قسنطينة إيداع الوزير الأول السابق، نور الدين بدوي، الحبس المؤقت، ليلغي بذلك مجلس قضاء الجزائر قرار وضع بدوي تحت الرقابة القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي لسيدي امحمد نهاية الأسبوع الماضي.
ويلاحق بدوي بالعديد من ملفات الفساد الحارقة في الفترة التي أسندت له مهام إدارة عاصمة الشرق الجزائري ” قسنطينة”، حيث تتداول أخبار أنه خرج منها ثريا ثراء فاحشا بعد أن حصد الملايير التي نقلت -حسب ما يُتداول- على متن شاحنة، وخرج بدوي من قسنطينة وهو يجر خلفه ملفات فساد طاحنة كانت حصيلة إدارته لمشاريع كبرى بهذه الولاية في عهد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة والتي طبتعها على وجه الخصوص مشاريع قسنطينة عاصمة الثقافة العربية التي عاشت فعاليتها عاصمة الشرق الجزائري سنة 2015، والتي كانت محل تحقيقات معمقة من المصالح المختصة، بالإضافة إلى ملف العقار الذي يؤكد المختصون والمتابعون بان إدارته كانت عشوائية وتصرف معه، بدوي، كأنه ضيعة خاصة تحت تصفيق الجمعيات والنواب المتهم الكثير منهم بالاستفادة من هذا الريع.
وحسب ما تداولته العديد من المصادر فإن، بدوي، قام بتوزيع آلاف الأراضي قد يلامس رقمها 10 آلاف قطعة وبثمن لا يعكس قيمتها الحقيقية، إذ لم يتعد المتر مربع الواحد 350 دج.
وحسب العارفين بهذا الملف فإن الكثير من تلك الأراضي كانت عبارة عن متنفس لسكان الولاية كمساحات خضراء، دون الحديث عن الاف المحلات خاصة في المدينة الجديدة “علي منجلي” والتي استفادت منها جهات نافذة كهدايا قصد التقرب منها بما في ذلك مستفيدين من محيط الرئيس السابق ، عبد العزيز بوتفليقة.
وتطفو قاعة ” الزينيت” إلى السطح كشاهدة على إهدار المال العام في تلك الفترة، فهذه القاعة التي ضخت فيها الخزينة العمومية اكثر من 160 مليون دولار سعرها الحقيقي حسب الخبراء لا يمكن أن يتجاوز وفي أحسن الحالات 35 مليون دولار.
وللإشارة، فإن نور الدين بدوي، سبق له أن خضع إلى تحقيقات معمقة في العديد من ملفات الفساد أمام المصالح المختصة بأمن قسنطينة بناء على نيابة قضائية صادرة عن النيابة العمومية بالمحكمة العليا نفذتها الشرطة القضائية بالسماع له في حصيلة ملفات مشبوهة، بعد جرد دقيق لفترة إدارته لهذه الولاية مابين 2010 إلى 2015.
وحسب ما تم نقله فإن تلك التحقيقات صبت حول مصير آلاف العقارات التي وجدت سبيلها إلى مرقين عقاريين يقال أنهم من ذوي الحضوة والقربة من بدوي، ولا يُعرف خلفية هذا الكرم الزائد والمبالغ فيه من قبل الوالي اتجاه بعض المرقين العقاريين بعينهم ودون سواهم.
وفي ذات السياق، كان بعض نواب الشعب في تلك الفترة في قلب فضائح الوالي، فبدل التموقع في خلق المقهورين والمحتاجين والغلابة الذين انتخبوهم اختار نواب قسنطينة في تلك المرحلة الجهة المقابلة وكانت المكافأة الاستيلاء على أراضي وعقارات دون وجه حق يعرفها القاصي والداني ويشير إليها بالبنان في “الخروب” و “علي منجلي” و “زواغي”.
وتحت طائلة الاستثمار الصناعي مكن، بدوي، العديد من الفاسدين المعروفين بقسنطينة من أوعية عقارية شاسعة، والكثير منهم ظلت الأوعية التي استفادوا منها تراوح مكانها ولم تقدم شيئا للاقتصاد الوطني.
ويُطرح السؤال عن المقابل الذي قدمه العديد من المستثمرين الفاسدين للوالي لبعث مشاريع تبين فيما بعد أنها وهمية ولم تخضع لدراسة جدوى من قبل الجهات المختصة، وحتما فإن الوالي الأسبق لقسنطينة سيجد نفسه أمام أسئلة القضاة بخصوص التعامل مع السكن الاجتماعي الذي ذهب بعضه لغير المستحقين.
ويحبذ أهل قسنطينة أن يطلقوا على هذا الملف بالقنبلة الموقوتة، وتلك الملفات هي ما جعلت العدالة اليوم تلاحق بدوي، بتهم إساءة استغلال الوظيفة وتبديد أموال العامة وتحصيل مزايا غير مستحقة في شكل قطع أرضية وسكنات وأوعية عقارية استثمارية ومحلات تجارية، وحدث ذلك كله تحت مسمع وأنظار ما يعرف بـ “جمعيات المجتمع المدني” التي التزمت حينها الصمت واكتفت بالتصفيق والإشادة بما كانت تسميه انجازات “السيد الوالي”.