النظام المغربي لا يمتلك شجاعة تحمل عار مجزرة مليلية
ابتسام . ب
رد المبعوث الخاص للمغرب العربي والصحراء الغربية، عمار بلاني على محاولات المغرب إقحام الجزائر في مجزرة مليلية التي راح ضحيتها 37 مهاجرا.
وقال بلاني في تصريح إعلامي: “إن النظام المغربي لا يمتلك الشجاعة لتحمل العار، لذلك فهو يبحث دائما عن كبش فداء حتى يتنصل من مسؤولية أفعاله”، ودعا الرباط للاعتراف بتسوياتها الزائفة لوضعيات المهاجرين القادمين من دول الساحل، بدلا من إلقاء الحجارة بطريقة غير شريفة على جيرانها، وعاد المسؤول الدبلوماسي إلى جرائم سابقة افتعلها المخزن في حق المهاجرين للضغط على دول جنوب أوروبا، لا سيما اسبانيا للحصول على الدعم الدبلوماسي والإعانات المالية من الاتحاد الأوروبي.
وبخصوص إدعاءات السفارة المغربية بشأن ما وصفته بـ “التراخي المتعمد” على الحدود الجزائرية، أكد بلاني أن “حدود الجزائر مؤمنة بالكامل لإحباط محاولات إدخال المخدرات من المغرب، الذي يشنّ عدوانا حقيقيا على بلادنا”، وتجدر الإشارة أن سفارة المغرب لدى مدريد قد أصدرت بيانا عقب المجزرة تزعم فيه أن “مهاجمين مدربين دخلوا المغرب عبر الحدود مع الجزائر، لتنظيم محاولات عبور المهاجرين إلى مليلية، مستغلّين التراخي المتعمّد هناك”، لتتأكد بذلك عقدة الجزائر لدى المخزن الذي باتت قنواته الدبلوماسية محل سخرية في العالم.
وأمام هذه الجريمة التي تحولت إلى فضيحة عالمية، وبعد توالي الإدانات الدولية لمجزرة المهاجرين إلى مليلية، حاولت أبواق المخزن وأدواته مرة أخرى إلى شماعة الجزائر، مدعيا أن ميليشيات مدربة دخلت إلى المغرب عبر الحدود الجزائرية، كانت وراء الحادثة المأساوية.
وحسب ما نقلته وسائل إعلام إسبانية عن سفارة المغرب في مدريد، فإن من تصفهم الرباط بـ “المهاجمين المدربين”، دخلوا المغرب عبر الحدود مع الجزائر، لتنظيم محاولات عبور المهاجرين إلى مليلية، مستغلين “التراخي المتعمد” كما تزعم في ضبط حدودها مع المغرب، وقالت السفارة في بيان: “إن العنف المفرط للمهاجمين يشير إلى وجود مستوى عالٍ من التنظيم، وقادة متمرسين ومدربين من ذوي الخبرة في مناطق النزاع”.
كما حرك المخزن أبواقه الإعلامية، وخاصة عبر ما يطلق عليهم بـ”المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي، لينسجوا على نفس النغمة المضحكة، والتي كعادتها، لا تستبعد حدوث أي كارثة في المغرب، إلا وتم تكييفها باتهام الجزائر وإخلاء مسؤولية المخزن حتى وإن قام بها شرطة المخزن وعلى الأرض المغربية.
وبدأت خيوط الجريمة المروعة التي ارتكبتها قوات الأمن المخزنية ضد مهاجرين أفارقة في مليلية، تتكشف شيئا فشيئا، لتفضح بالدليل القاطع هذا النظام المجرم، الذي حاول بعد أن حاصرته الضغوط الدولية، توريط الجزائر في تلك الجريمة، عبر الادعاء أن الجزائر هي من سهلت وصول تلك الأعداد من المهاجرين عبر الحدود بين البلدين.
وبحسب تسجيلات نشرتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، على اليوتوب، فقد أظهرت لقطات مسربة من مسرح الجريمة، كيف قامت قوات الأمن المغربية بالانسحاب من مواقعها فور وصول المهاجرين، وإفساح الطريق لهم باتجاه الحدود مع مليلية، قبل أن يتم التدخل العنيف هناك، بالطريقة ذاتها التي مارستها تلك القوات نفسها في ماي من العام الماضي، عندما فتحت الأبواب لحوالي 10 آلاف من المهاجرين والأطفال المغاربة وطلبت منهم اقتحام الحدود لتحقيق أغراضها السياسية.
وتكشف اعترافات أحد الأفارقة وهو سوداني من الذين نجوا من المجزرة، حقائق صادمة عما جرى بالضبط، أكد خلالها هذا الشاهد أن المهاجرين كانوا سودانيين ومغاربة وإثيوبيين ومن جنسيات أخرى، وأن العدد الحقيقي للضحايا وصل إلى 42 قتيلا و220 جريحا.
وأوضح أن الضحايا تعرضوا للقتل بالرصاص، وأن هناك من أصيبوا في الأرجل وهناك من أصيبوا في أعينهم، وهناك من اقتلعت أعينهم وماتوا بعد ذلك، وقال إن الشرطة المغربية هي من حرضتهم على القدوم وعلى القفز على سور مليلية، والتأكيد لهم أنهم سيفسحون لهم المجال للعبور، لكن بمجرد وصول المهاجرين إلى المعبر تغير كلامهم تماما، حتى أنهم عندما حاولوا الهروب والعودة وجدوا الشرطة نفسها تطلب منهم محاولة الاقتحام من جديد.
وأكد هذا الشاهد السوداني أن الشرطة المخزنية هي من أتت بهم إلى المنطقة، وهي التي كانت وراء العملية من أولها إلى نهايتها، وأن تلك الشرطة قامت بأخذ جوازات سفرهم وأوراق اللجوء وحتى الأموال التي كانت بحوزتهم، قبل أن تحرضهم على اقتحام المعبر.
كما تظهر الصور المسربة التي نشرتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تكديس المهاجرين على الأرض الواحد فوق الآخر، كما تظهر لقطات أخرى انهيال أفراد من الشرطة المغربية بالضرب على جثث موتى رغم أنها فارقت الحياة.
وتساءلت الجمعية عن السر وراء بقاء المصابين بجروح خطيرة وهم بالمئات دون مساعدة طبية لمدة 9 ساعات تقريبا، متسائلة عن السر وراء إحجام القنوات المغربية وأصحاب المواقع الإخبارية المغربية عن إجراء أي حديث مع الناجين من المذبحة، على الرغم من أن عددا كبيرا منهم يجيدون العربية مثل المهاجرين السودانيين مثلا، ما يعني صدور أوامر عليا بالعمل على تغطية الجريمة، والعمل على تلفيقها لجهات أخرى..
ورغم محاولات المخزن التبرؤ من جريمته تلك، واتهام الجزائر بالتورط فيها، إلا أن العالم كله شاهد تلك اللقطات الرهيبة التي مارست فيها الشرطة المغربية أبشع أدوات القمع والتقتيل ضد مدنيين عزل جريمتهم أنهم كانوا يحاولون المرور إلى الضفة الشمالية، بعد أن أوهمتهم برغبتها في مساعدتهم قبل أن تنقلب عليهم بتلك الطريقة الوحشية.