بقلم الدكتور: السبتي سلطاني
يتذكر الكثير ممن عاشوا مأساة العراق الشقيق ما قام به الإعلامي منتصر الزيدي في ندوة صحفية جمعت بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش الابن سابقا ورئيس وزراء العراق الأسبقنوري المالكي، حيث قام برمي حذائه في وجه قاتل أطفال العراق ونسائهم بفعل حصار قاتل قضى على أكثر من مليون طفل عراقي نهايك عن الآثار الكارثية التي خلفها الغزو الهمجي غير المبرر لبلد ذي سيادة وعضو في الأمم المتحدة.
لقد كان سلوك الإعلامي العراقي نابع من إحساسه بمأساة شعبه على أيدي هولاكو العصر الذي كثيرا ما تبجح بالقول إنه جاء ليخلص الكون من “محور الشر” ويعني بذلك كل البلدان التي رفضت الخضوع للهيمنة الأمريكية الصهيونية وآثرت الدفاع عن حقها في استقلالية قرارها وسيادتها، متناسيا أن الشر الزؤام هو أمريكا نفسها بل إنها الطاعون مثلما وصفها محمود درويش: “أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا” بدليل أنه بعد مرور سنوات عما فعلته أمريكا بالعراق أفضت التحقيقات المستقلة إلى بطلان سبب الغزو، والمتمثل في حيازة العراق على أسلحة الدمار الشامل التي يجوز لكل شعوب الأرض امتلاكها إلا من ينتمي إلى الأمة العربية الإسلامية.
ومقابل ما يفرض على العربي المسلم من شروط قاسية وتدمير ممنهج لوجوده يتمتع صاحب القلنسوة بنفوذ رهيب في كافة أصقاع الدنيا، بل إنه السيد المطاع الذي يتحكم في مقدرات كل الشعوب بما في ذلك تلك التي تقود العالم على غرار أمريكا وروسيا، والويل كل الويل لكل من تسوّل له نفسه أن يشير إلى هذا السيد ببنت شفه لأن سيف معاداة السامية سيكون بتار يقطف الرؤوس ويزيح الهامات، نعم تمكن الصهاينة من خلق بعبع رهيب يثير الرعب في الأنفس من خلال سطوته الرهيبة على اقتصاديات دول وجعلها مجرد توابع له، بل يفرض منطقه على تلك الدول ويجعلها تتذلل له من أجل كسب وده، ولم يتوقف الأمر عند بعض الدول الغربية على غرار فرنسا وبريطانيا بل بات يتحكم في رقاب العديد من الدول العربية التي دخلت على خط التطبيع وباتت مجرد هيكل بلا روح يفترض المسارعة إلى دفنه قبل أن تنتشر روائح الخيانة العفنة في كل أرجاء البلاد العربية.
وفي ظل العربدة الصهيونية التي لا تعترف لا بالقيم الإنسانية ولا الاجتماعية التي وضعها العالم ” المتحضر” بات العربي ودودا جدا، بل بات مجرد كائن ” كيوت ” على حد تعبير الجيل الجديد، ففي الوقت الذي يضرب الصهيوني جميع القيم الإنسانية عرض الحائط يسعى العربي الودود بكل ما أوتي من مال من أجل إثبات أنه ليس إرهابيا، وأنه إنساني إلى أبعد الحدود، وفي سبيل ذلك إنه مستعد لكل الاحتمالات وموافق على كل الشروط التي يجب عليه أن يمتثل إليها مرغما من قبل قوى الظلم والطغيان.
من صور العربي الودود أنه لا ينبغي عليه أن يتكلم عما يحدث لإخوانه في فلسطين، بل ويبادر من تلقاء نفسه إلى منع الراية الفلسطينية في ملاعبه وفي شوارعه بل وفي جميع منتدياته وندواته، ومقابل ذلك عليه أن يفسح المجال لكل المعتوهين من الممثلين والفنانين والمطربين الشواذ، بل وعليه أن يبرهن لأبناء داوود أنه يحبهم حد الجنون فلا يفعل ما يغضبه متمترسا بحجة رابطة العمومة…
إذا كان الفيلسوف والسياسي المحنك عبد الحميد مهري قد خلد ذاته بمقولة باتت تتناقلها الأجيال: ” نحن في زمن الرداءة وللرداءة أهلها ” فإن لسان حالنا يقول: نحن في زمن الانبطاح وللانبطاح أكثر من مريد… سلام.