بقلم الدكتور: السبتي سلطاني
هو سؤال قام الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دابليو بوش بطرحه بعد أن رأى بأم عينه أنّ العرب والمسلمين وغيرهم من أحرار العالم في مختلف أصقاع المعمورة يحملون كرها دفينا لكل مظاهر الغطرسة الأمريكية التي لم تترك بلدا إسلاميا إلا ودمرته أو جعلته مجرد تابع ذليل خانع لجبروتها، بل جعلت بعض الأنظمة التي لا تستطيع أن ترفع عصا التمرد في وجهها مجرد ذرة تسبح في فلكها، وهي تمعن في إذلالها عبر خطابات تحمل الكثير من الاحتقار والكثير من العنجهية والجبروت.
إنّ الكراهية نقيض المحبة في الدلالة وهي تصدر عن ذات واحدة، فالذات التي تحب هي نفسها الذات التي تكره بل وتعمل على تدمير كل ما يمت لما تكرهه بصلة، ومن هنا كان على الذات الكارهة أن تجد كل الأسباب التي تجعلها تمقت من تكرهه، فالكراهية في أبسط مفاهيمها هي الشعر بالنفور والبغضاء تجاه شخص أو مجموعة من الأشخاص نتيجة الشعور بالظلم، ويحدد علماء النفس العديد من العلامات الدالة الشعور بالكراهية تجاه الأفراد أو الجماعات منها ما يلي:
- الشعور بالازدراء والنفور تجاه شخص معين، ولذلك أسباب معينة قد يبديها الكاره وقد يحتفظ بها لنفسه.
- الشعور بالغضب والكراهية عندما يجلس شخص ما بجانبك في وسيلة النقل، فهذا يشير إلى أنك تكره من حولك.
- عدم قبول رأي الشخص المكروه ومحاولة رفض أفكاره وآرائه كونها مرفوضة شكلا ومضمونا.
- الإحساس بالغضب والازدراء تجاه المكروه، وعدم القدرة على السماع لحديثه.
- من المعروف أن لغة الجسد من أهم علامات الكراهية التي تميز الشخص، على سبيل المثال إذا أظهر الشخص علامات عدم الراحة عند مقابلة شخص معين، فهذا يدل على أن الشخص يكره ذلك.
وتتعدد أسباب الكراهية بتعدد أشكالها ودواعيها حيث حدد علماء النفس هذه الأسباب كما يلي:
- الخوف من الآخر: يرى العديد من علماء النفس أن السبب الأبرز والأكثر أهمية لكراهية الشخص هو الخوف من كل الأشياء التي يأتي بها الشخص المكروه.
- وجود تهديد من الشخص المكروه: ترى مجموعة أخرى من علماء النفس أن الكراهية تعني رؤية الآخر على أنه خارج المجموعة، أي في حالة الشعور بأي تهديد من الآخر، وسرعان ما نحتمي داخل مجموعتنا ولدينا شعوران:
- شعور بالكراهية تجاه كل من هو يغرد خارج سرب المجموعة التي ينتمي إليها القائم بفعل الكراهية والحام لذلك الشعور.
- شعور ذاتي بالكراهية أي يرى بعض علماء النفس أن بعض الناس يشعرون بالكراهية تجاه شيء ما، هم – في الحقيقة – يخشون داخل أنفسهم الكثير من تلك الأشياء بمعنى آخر، وكأنه يرى الأشياء التي يكرهها في نفسه، فهو يراها أمامه ويكره هذه الصفات في الآخرين.
وبناء على ما تقدم يطرح السؤال التالي: ما الذي فعله الأمريكيون للعرب والمسلمين حتى يدفعوه إلى الشعور بالكراهية تجاههم بهذا الحجم الرهيب من الكراهية؟ وبعبارة أخرى ما الذي يجعل أغلب شعوب المعمورة وليس المسلمون فقط يحملون بذور الكراهية تجاه صورة الأمريكي المتوحش الذي يقتل ويعذب خصومه دون أدنى ذرة من الإنسانية؟
للرد على سؤال الرئيس الأمريكي الأرعن ينبغي النظر إلى تاريخ هذه الدولة التي قامت على تدمير كيانات كانت تعيش حياتها بكل طمأنينة في ربوع القارة الأمريكية، فقام أجداده بإبادتهم والقضاء عليهم، وهي ممارسات إجرامية توارثها الأبناء على الآباء والأجداد.
أمّا السبب الذي يتغافل عنه الأمريكيون هو ممارساتهم الإجرامية تجاه كل من يخالفهم الرأي والإيديولوجيا والانتماء الحضاري، وقد تجلى ذلك بكل وضوح عندما صرح رئيسهم الأسبق متبجحا: “من ليس معي فهو ضدي” في تحد صارخ لكل القيم الإنسانية والحضارية، ثم اندفع بجيوشه يدمر بلاد الرافدين وأرض الأفغان وكل بلد يرفض السير في فلكه، فقدم صورة قاتمة عن الوحشية في أسوء صورها من خلال تجويع الملايين من العراقيين وقتل الملايين من المسلمين في معظم أقطار العالم الإسلامي، ولعل السبب الذي يجعل كل مسلم يشعر بالبغضاء والكراهية تجاه النظام الأمريكي الأرعن مساندته المطلقة لما يقترفه كيان مجرم غاصب من جرائم إنسانية يندى لها الجبين في حق إخواننا بفلسطين في سعي محموم لتطهير عرقي إجرامي صارخ، ثم يأتي عراب الخارجية الأمريكية ليتباكى بدموع التماسيح عما لحق بالمدنيين الفلسطينيين في مسرحية بائسة الإخراج، هزيلة التمثيل…سلام.