أميرة سكيكدي
تعيش عيادة طب العيون المتواجدة بحقل مارس وسط مدينة عنابة، وضعية أقل ما يقال عنها أنها “كارثية” سواء للطاقم الطبي وشبه الطبي العامل بها وحتى المرضى المتوافدين من عنابة والولايات المجاورة.
فالتدهور الكبير المسجل، سواء من حيث الخدمات أو حتى وضعية البناية، بات يتطلب تدخلا عاجلا من طرف القائمين على شؤون الصحة بالولاية وحتى الوزارة لإعادة هذا الصرح الصحي الذي بات يهان فيه المرضى، خاصة القادمين من خارج الولاية، حيث يجبر هؤلاء على الانتظار في الشارع، وتحت أشعة الشمس الحارقة، بعدما تحوّل الطريق المحاذي للعيادة إلى قاعة انتظار مفتوحة.
المستشفى يعاني ضغط رهيب
تسجل عيادة طب العيون بـ “الشوندمارس” مؤخرا ضغطا رهيبا أثر على مستوى الخدمات الطبية المقدمة، خاصة وأن العيادة تستقبل مئات المرضى يوميا.
حيث وقفت “الصريح” على العدد الكبير من المرضى الذين ينتظرون دورهم في طوابير طويلة من أجل تلقي العلاج، حيث لم تصبح العيادة قادرة على استيعاب عددهم، خاصة في ظل افتقارها لقاعات انتظار تسع المرضى لاسيما وأن الكثيرين يضطرون إلى الانتظار خارج المؤسسة أو الذهاب لوجهات أخرى الى غاية وصول موعد فحوصاتهم الطبية.
حيث تعرف المؤسسة توافدا غير معقول للمرضى من داخل الولاية وخارجها الذين يقطعون مسافات طويلة للعلاج ويصطدمون بتدني مستوى الخدمات لعديد الأسباب في مقدمتها نقص التجهيزات والحالة الكارثية للعيادة، مما يستوجب على الجهات المعنية إصلاحها بما يناسب ويلبي احتياجات المرضى المتزايدة.
حيث لم تعد مجهودات الطاقم الطبي تستجيب لاحتياجات الطلب المتزايد، مع ارتفاع عدد المرضى الذين ينتظرون دورهم للكشف والمعاينة وتلقي الإسعافات.
معاملة مهينة للمرضى
قد يبدو الأمر غريبا عند قول أن عيادة طب العيون المذكورة خصصت قاعة للانتظار في الشارع للمرضى المتوافدين عليها، حيث ينتظر العشرات من طالبي الاستشفاء خارج العيادة والجلوس لساعات طويلة لانتظار أدوارهم في الشارع وتحت أشعة الشمس الحارقة خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف، ما يزيد متاعب المرضى ويعرضهم للخطر أكثر.
وفي السياق، وقفت “الصريح” على الوضع المؤسف الذي يعيشه المرضى بالعيادة، أين يضطرون للانتظار لساعات طويلة أو قضاء يوم كامل تحت أشعة الشمس والحرارة المرتفعة بالشارع جالسين على قطع الكرتون أو على الأرض في انتظار أدوارهم، لاسيما بالنسبة للقادمين من خارج الولاية الذين يقطعون مسافات طويلة وينتظرون ساعات عديدة في الشارع، وكل ذلك على مرأى ومسمع الجهات الوصية التي لم تحرك ساكنا من أجل تدارك النقائص المسجلة على مستوى المؤسسة التي لم تعد تلبي احتياجات المرضى الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، مما يتطلب إعادة هيكلة وتخصيص قاعات انتظار تستوعب أعدادهم.
كما عبر المرضى في حديثهم عن حجم المعاناة التي يتكبدونها بسبب صغر حجم قاعة الانتظار على مستوى العيادة التي عجزت عن احتوائهم، ودفعتهم للانتظار خارجا وتحمل عناء ارتفاع درجات الحرارة والشمس، خاصة بالنسبة للقادمين من خارج الولاية الذين لا يجدون أماكنا للانتظار سوى الشارع.
كما أن القاصد للعيادة، وبسبب العدد الكبير للمرضى والمصابين، يقضي ما معدله 4 ساعات على الأقل لإجراء الفحوصات وفي الحالات المعقدة قليلا قد يصل الأمر لقضاء يوم كامل، ناهيك عن الاستيقاظ باكرا من أجل الانتظار، حيث أكد المعنيون في حديثهم على قضائهم ساعات طويلة للانتظار في كراسي قاعة الاستقبال أو على الأرض خارج العيادة لإجراء للمعاينة أو غيرها من الخدمات التي يقصدونها.
كما أعاب المعنيون على انتظارهم لما لا يقل عن ثلاثة أشهر من أجل الحصول على موعد قد يتم الغاؤه بسبب تأخير لمدة ساعة.
الطاقم الطبي يعمل في ظروف كارثية
يعمل الطاقم الطبي بعيادة طب العيون في ظروف مزرية انعكست سلبا على أدائهم وتكفلهم بمرضاهم وذلك لعديد الأسباب في مقدمتها انعدام الامكانيات ونقص المعدات وتوقف العديد من الأجهزة الهامة.
حيث كشفت مصادر “الصريح” أن عديد العمليات الخاصة بجراحة العين متوقفة نظرا لنقص المعدات وعدم توفر المادة المخدرة منذ أشهر عديدة، التي وضعت الأطقم الطبية في تحدي صعب لإسعاف مرضاهم.
كما أن عديد العمليات الخاصة بجراحة العين على غرار تلك الخاصة بالشبكية وزرع القرنية متوقفة منذ مدة طويلة، وأن العمليات المتوفرة بالعيادة تقتصر فقط على سحب الماء من العين وإزالة ظفر العين.
وتابع المصدر، أن عديد التجهيزات والمعدات الضرورية معطلة، على غرار أجهزة “ليزر الأرجون” المعطلة منذ سنة 2018، إلى جانب جهاز تصوير الأوعية المتوقف منذ خمس سنوات.
المستشفى يحتاج إلى إعادة هيكلة وترميم
تعرف العيادة المذكورة وضعية أقل ما يقال عنها كارثية تزداد تدهورا شهرا بعد شهر، ما يتطلب تدخل الجهات المعنية من أجل برمجة مشاريع لتهيئتها وإعادة هيكلتها وفق المتطلبات.
وحسب المرضى الذين التقت بهم “الصريح” فإن القاعات توجد في حالة مزرية لا ترقى لمستوى تطلعاتهم ولا تسمح بالتكفل بهم على أكمل وجه، مضيفين على أنهم مهددون بالإصابة بأمراض أخرى.
كما عبروا عن استيائهم من الوضعية التي يوجد عليها المستشفى، والذي يحتاج إلى إصلاحات متعددة، وذلكلقصد تحسين الخدمات لمصلحة المرضى، لاسيما وأن المستشفى يعتبر قبلة للمئات من مختلف الولايات.
وأكدت مصادر “الصريح” على أن المستشفى لا يرقى أساسا لاستقبال المرضى خاصة في ظل التزايد المسجل، مما يتطلب برمجة مشروع لتهيئة البناية وترميمها إلى جانب هيكلتها وفق ما يراعي كافة متطلبات واحتياجات المرضى خاصة استقبالهم في ظروف تليق بالمريض بدل جعلهم ينتظرون في الشارع.
وأمام الوضع القائم، وجب على مديرية الصحة التدخل من أجل تنظيم الأمر، وتوفير الإمكانيات التكفل الأمثل بالمرضى.