من يوقف قوافل قوارب “الموت” بعنابة؟

من الحلم الأوروبي إلى الضياع عرض البحر

  • أهالي الحراقة المفقودين يغلقون مدخل المدينة بسيدي إبراهيم
  • جنان: “اليأس وراء اختيار الشباب لقوارب الموت

 محمد لمين موساوي

تشهد ولاية عنابة خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا رهيبا لظاهرة الحرقة وهو ما أسقطته على الأرض الأرقام التي سجلت في الثلاثي الأخير من السنة الفارطة، أين إختار المئات من الشباب الذين ينحدرون من عدة ولايات شرقية قوارب الموت عبر شواطئ جوهرة الشرق للوصول إلى ضفاف الجنوب الأوروبي عبر سواحل الجزر الإيطالية.

الأمر الذي يستدعي تدخل السلطات للحد من هذه الظاهرة بالبحث عن الحلول أو الوسائل الرامية لتحويطها، إلى جانب توقيف نشاط منظمي رحلات الحرقة الذين تسببوا في وفاة وفقدان العديد من الشباب. 

تظاهرات التحسيس حول مخاطر الظاهرة جد محتشمة

من جهة أخرى، تكاد تغيب منابر التحسيس والتوعية بولاية عنابة المنددة بظاهرة الحرقة في عنابة، فلا نجد صوتا ولا تشريحا استقصائيا يرمي لمعالجة الاندفاع والتصور الضبابي للشباب اتجاه الهجرة غير الشرعية، ومخاطر اختيار قوارب خشبية في رحلة المئات من الكيلومترات والساعات المتواصلة في البحر، وإن وجد يكون محتشما وداخل قاعات تبعد كل البعد عن الواقع.

وحسب عدد من المواطنين ممن التقت بهم “الصريح” قالوا إن غياب التحسيس من مخاطر الحرقة ساهم في تزايد عدد القوارب المهاجرة بطريقة غير شرعية وتسجيلها منحى تصاعديا، تسبب في ألم للعديد من العائلات الذين فقدوا أبنائهم في عرض البحر.

فيما قال أخرون، أن المجتمع يشجع هذه الظاهرة من خلال حث الشباب على البحث عن العيش الكريم خارج البلاد، الأمر الذي يضع عددا كبيرا من الشباب أمام حتمية اختيار الطريقة الأكثر سهولة للهجرة وتجاوز كل العراقيل الإدارية والانتظار الطويل، ليختاروا بذلك ركوب قوارب الموت.

وفي السياق، طالب مواطنو الولاية من الجمعيات والمجموعات والمكاتب تنظيم حملات توعوية لمكافحة ظاهرة الحرقة، والحد من تطورها الرهيب.

 

جل شواطئ عنابة أصبحت نقطة انطلاقة نحو أوروبا

خرجت العديد من القوارب في رحلة غير شرعية من شواطئ مختلفة من الولاية، فتارة يعنون الإعلام عن انطلاق قوافل من شطايبي وعكاشة، وجوانو وتارة أرى يخرج الحراقة من ساحل رأس الحمرة وعين بربر والكثير من الشواطئ، ما يعني أن ساحل جوهرة الشرق أصبحت ميناء لقوارب خشبية متجهة نحو الجزر الإيطالية بطريقة غير شرعية.

وهو الأمر الذي يضع السلطات في مهمة صعبة، لكبح هذه الرحلات التي سجلت الولاية في الأشهر القليلة الماضية نهايات مأساوية لحراقة مفقودين وأخرين وضع البحر حدا لحياتهم.

وما يزيد من صعوبة المهمة على السلطات المخول لها توقيف المهاجرين غير الشرعيين هو العدد الهائل من “منظمي الحرقة” الذين وجدوا في هذه الظاهرة وسيلة لكسب الملايين جراء تنظيم قوارب الموت بكثافة يكاد يعرفون لدى العامة.

احتجاجات.. وأهالي مفقودين يغلقون طرق رئيسية

قام أمس عدد من أفراد عائلات وقربين من حراقة مفقودين منذ خروجهم بقوارب الموت ليلة نهاية السنة الميلادية بغلق طريق سيدي إبراهيم، مطالبين بتكثيف السلطات البحث عن المفقودين، متسببين في ذلك بازدحام مروري كبير استمر لساعات متواصل في وضح النهار، ليعرقلوا بذلك مصالح المواطنين وأصحاب السيارات الذين اضطروا للانتظار لساعات متواصلة إلى غاية تدخل السلطات لفض الاحتجاج.

كما قامت الأسبوع المنصرم عائلات حراقة مفقودين بالاحتجاج أمام مقر خفر السواحل بولاية عنابة، مطالبين السلطات بالتحرك للبحث عن أبنائهم، كما قامت مجموعة من الشباب بغلق الطريق على مستوى حي 13 ماي وبحي الأبطال، فيما راح أخرون إلى أبعد من ذلك أين قاموا بتخريب ممتلكات الدولة من لافتات مرورية وسلال للمهملات.

وحسب مصادر “الصريح”، ينحدر الحراقة الذين تواصلوا مع عائلاتهم بعد اختفائهم مدة 4 أيام، من بلديات البوني وسيدي عمار، والسهل الغربي و3 أخرين من ولايات شرقية، خرجوا على متن قوارب خشبية من سواحل ولاية عنابة، متجهين نحو جزيرة سردينية الإيطالية.

وهو الأمر الذي يجعل من عنابة تلقب بعاصمة الحرقة نظرا لاختيار الشباب الذين ينحدرون من ولايات شرقية سواحل عنابة للخروج في رحلات تسبب في فقدان العديد من الشباب، والحالات المرتفعة في عدد المفقودين تعبر عن أخذ ظاهرة “الحرقة” منحى تصاعدي خطير في الأشهر القليلة الماضية، أين سجلت المصالح الولائية المئات من المهاجرين غير الشرعيين الذين تم توقيفهم في عرض البحر، ناهيك عن القوارب التي أفلتت من خفر السواحل ووصل الضفة الأخرى.

“بزنسة”.. ومنتحلون لصفة ناشطين يحتالون على أهالي الحراقة

علمت مصادر الصريح في وقت سابق، أن مصالح الأمن تحقق في نشاط أفراد يدعون أنهم منخرطون في المجتمع المدني أو منتمين كأعضاء بهذه الخلايا، مستغلين قضية الحراقة ليستثمرو فيها ويجنون أموالا عن أهالي المفقودين بعد إيهامهم بالبحث عن معلومات والوصول إلى المصادر الرسمية لتواجد أبنائهم في الدولة الجارة تونس.

وحسب ذات المصدر، فإن نشاط هؤلاء أصبح أكثر خطورة من ذي قبل في الآونة الأخيرة، أين يقوم منتحلو صفة غير المرخصة أو المعتمدة، بنشر إشاعات مضمونها تواجد الحراقة في مناطق معينة ومن أجل الوصول إلى أدلة عن ذلك يتوجب على أهالي المفقودين من الحراقة تسديد مستحقات من أجل التنقل والتواصل مع أشخاص أخرين وغيرها من الحيل التي يستخدمها هؤلاء لخداع العائلات المتضررة نفسيا جراء غياب أصوات أبنائهم.

من جهة أخرى، أصبح ملف الحراقة في ولاية عنابة مادة دسمة يستثمر فيها أصحاب القلوب المريضة، خاصة مع العدد الهائل من المفقودين بعد موجة كبيرة عرفتها سواحل الولاية من الهجرة غير الشرعية، أين عرفت “حرقة” المئات من الشباب الذين ينحدرون من عدة ولايات خاصة منها الشرقية.

على إثر ذلك يتم استغلال عاطفة ذوي المفقودين من أجل خداعهم وسرقتهم بعد إيهامهم بالوقوف على جانبهم والبحث عن أبنائهم، وهو الأمر الذي استدعى فتح تحقيق حول نشاط هذه الشبكة والإطاحة بهؤلاء المخادعين.

 

جنان: “اليأس وراء اختيار الشباب لقوارب الموت

قال رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مكتب عنابة محمود جنان، أن الظروف الاجتماعية التي يمر بها الشباب من بطالة وتدهور في القدرة الشرائية صعب مهمتهم في بناء مستقبل يحفظ ماء وجههم، ويوفر لهم العيش الكريم، وهي العوامل التي ساهمت في اتجاههم نحو الهروب من الواقع المعيشي في بلادهم، لذلك اختاروا قوارب الموت نحو الضفة الأخرى للبحث عن فرصهم في العمل بالبلدان الأجنبية.

وكشف الأخير في اتصال له مع “الصريح” عن ارتفاع الهجرة غير الشرعية خاصة في الأشهر القليلة الماضية، مشيرا في السياق إلى الحالات المعلن عن فقدانها، والموتى إلى جانب من فقد بهم الاتصال وهم في الأراضي الأجنبية، كما اعتبر محمود جنان أن خارطة طريق الشباب نحو بناء مستقبلهم حددت بـ”الحرقة” بسبب يأسهم من العراقيل الإدارية وبحثهم غير المجدي عن مناصب الشغل.

وفي الأخير، أعرب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مكتب عنابة عن قلقه من تغلغل هذه الظاهرة وسط الشباب، مؤكدا على ضرورة تدخل السلطات والأخذ بملف الحرقة على محمل الجد، ووضع إستراتيجية تساهم في الحد من هذه الظاهرة، سواء بتوفير مناصب الشغل والتكفل بالشباب، وتشديد العقاب على منظمي هذه الرحلات التي كثيرا ما تنتهي بأخبار سيئة، ليبقى الشباب محاصرين بين شبح البطالة والمستقبل المجهول أو المخاطرة بحياتهم والهجرة المحفوفة بالمخاطر.

مقالات ذات صلة

وزير الداخلية يتفقد المحطة البحرية بعنابة

sarih_auteur

أبرز تصريحات مراد خلال إشرافه على افتتاح موسم الاصطياف 2025 من عنابة

sarih_auteur

تزامنا مع افتتاح موسم الاصطياف.. تدشين “ساحة الألعاب الأفريقية المدرسية” بعنابة

sarih_auteur