يوسف مطياف
تشهد منطقة “بوقنطاس” تفاقما مقلقا لظاهرة البناء العشوائي والتوسع العمراني غير المدروس، ما أثار حالة من التذمر والاستياء الشديدين لدى السكان الذين باتوا يشعرون بأن المنطقة تتحول تدريجيا إلى فضاء عمراني يفتقر لأبسط شروط التنظيم والتخطيط الحضري السليم.
فحسب شهادات من سكان بوقنطاس وبوحديد ببلدية عنابة، فإن الجهات المعنية بمنح رخص البناء، وخاصة ما يتعلق بالترقيات العقارية، لا تقوم بدراسة شاملة من مختلف الجوانب للمشاريع قبل المصادقة عليها، الأمر الذي أفرز وضعا عمرانيا مختلا يهدد استقرار الحي، ويضغط بشكل كبير على المرافق والبنية التحتية الهشة أصلا، فالحي يعاني من طرق ضيقة، إضافة إلى انعدام المرافق الأساسية، دون أن تؤخذ هذه الأمور في الحسبان، ومن أبرز الأمثلة التي يطرحها السكان هو الطريق المؤدي إلى الحي، مرورا بمقبرة “بوقنطاس”، حيث يعتبر هذا الطريق شريانا أساسيا للحركة، لكنه يعد ضيقا جدا، مما يخلق اختناقا مروريا دائما، خاصة خلال أوقات الذروة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الطريق ذاته يقع بمحاذاة مجرى واد مكشوف، ما يزيد من المخاطر البيئية والصحية، ناهيك عن تهديد البنية التحتية القائمة بفعل تآكل التربة وتراكم النفايات.
كما يشير المواطنون إلى غياب شبه تام لمشاريع التهيئة الحضرية التي من شأنها مواكبة الامتداد العمراني المتسارع، فالكثير من العمارات الجديدة تُشيّد دون ربط مناسب بشبكات الصرف الصحي، أو توفر شبكة طرق مؤهلة، أو حتى إنارة عمومية في بعض المناطق الطرفية من الحي، ويضيف المتضررين بأنهم لا يعارضون التنمية العمرانية، لكنهم يرفضون التوسع العشوائي الذي لا يخدم أحدا، فمن غير المعقول أن تُبنى عمارات دون توفير مساحات خضراء، أو دراسة حركة المرور، أو حتى التفكير في المرافق التربوية والصحية اللازم.
وفي ظل هذا الواقع تتعالى أصوات المواطنين والمجتمع المدني في عنابة، للمطالبة بفتح تحقيق في كيفية منح التراخيص العقارية، والجهات المسؤولة عن إغفال دراسة الجوانب الفنية والبيئية والاجتماعية للمشاريع العمرانية، ويأمل السكان أن تتدخل السلطات الولائية والجهات الرقابية، لوضع حد لهذا التسيب العمراني، وإلزام كل المشاريع الجديدة باحترام مخططات التهيئة والالتزام بمعايير السلامة والجودة، حرصا على مستقبل المدينة وأمن ساكنيها، فإن التوسع العمراني دون تخطيط محكم ودراسات جدية، لا ينتج إلا مزيدا من الفوضى والمشاكل المركبة، وولاية عنابة باعتبارها من بين المدن الحيوية في شرق البلاد، تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة تقييم استراتيجية التنمية الحضرية، لضمان توازن بين النمو السكاني والتحضر المستدام.