مازالت قضية اختفاء المهدي الحجاوي المصنف بالرجل الثاني في المخابرات المغربية تصنع الحدث في المغرب، وتثير رعبا حقيقيا عند دوائر السلطة للمخزن، خاصة أن المتداول يقول بأن الحجاوي يحوز معلومات توصف بالسرية جدا عن دقائق الأمور للملك وحاشيته، وعليه فانه توجس خيبة بعد تقارب لفرنسا الماكرونية مع نظام المخزن، ومن باب الحيطة والحذر وشعور بالمراقبة عن قرب من قبل أعوان المخابرات المغربية على التراب الفرنسي، مما دفعه إلى المغادرة قاصدا اسبانيا ليتبخر بعدها ويختفي عن الأنظار لتجنب الاحتمال الأسوأ وهو تسليمه للرباط، مما يعرض حياته لخطر حقيقي، وربما حاول مهدي الحجاوي تجنب أن يكون سببا في أزمة دبلوماسية وشيكة بين مدريد والرباط، ويحتمل أيضا إخفاؤه العمدي من قبل المخابرات الاسبانية للحيلولة دون الوصول إليه للاستفادة من المعلومات التي يحوزها، والتي قد تصل إلى المعلومات الإستراتيجية، خاصة أن الرجل سبق له أن عمل لفائدة الجهاز على الأراضي الاسبانية، واشتغل على ملف حساس يتمثل في استقطاب السياسيين والصحافيين والمناضلين الصحراويين وتوظيفهم لخدمة أهداف الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، كما عمل من جهة أخرى على تأجيج الاحتجاجات وإطالة القلائل في سبتة ومليلية، وتؤكد المصادر من الداخل المغربي أن الحجاوي ينتمي إلى جناح داخل المخابرات المغربية ناقما على الوضع الداخلي بما في ذلك علاقات الإخوة زعيتر الرياضيين في الفنون القتالية والمقربين من الملك محمد السادس، وهو ما دفع الحجاوي إلى الانشقاق، خاصة أنه معروفا بنشأته داخل بيئة محافظة ووطنية، وكان والده ضابطا ساميا في القوات الملكية كخبير أمني والمخابرات، كما أن الحجاوي معروفا بتكوينه الجيد سواء داخل المغرب أو خارجه، كما عرف عن الرجل إمساكه بكل الخيوط داخل المغرب، وفي الحقيقة أن اختفاء الحجاوي لم يكن بمعزل عن موجة الفرار الجماعي لضباط جيش ومخابرات من المغرب ، فقد سبق أن اعترفت المخابرات المغربية بفرار جماعي لضباط يعملون في سلاح المدفعية على الأراضي الصحراوية المحتلة، ويضاف هذا الرقم إلى عشرات من الجنود والضباط الذين تركوا الخدمة في الجيش، وفروا سواء إلى المناطق الداخلية، أو باتجاه دول خارجية، عن طريق ركوب قوارب “الحرقة”، التي أوصلت العديد منهم إلى السواحل الاسبانية، وسط تزايد حالة الاحتقان داخل المؤسسة العسكرية للمخزن بسبب الظروف السيئة التي يعيشها الجنود والضباط والمعاناة في مناطق الخدمة، خاصة في الصحراء الغربية المحتلة، ويتزامن ذلك مع احتقان داخلي وتصاعد الاحتجاجات، إما بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة، وعجز المنظومة الاقتصادية والسياسية على التجاوب، مع حق المغاربة في العيش الكريم، وإما لتزايد الخسائر والإصابات بين الجيش الملكي في حربه الظالمة مع الصحراء الغربية المحتلة، وكل ذلك تسبب في جهر العشرات من الضباط خاصة بعدم رضاهم على السياسة التي ينتهجها المخزن والملك، مما أدى إلى حالة رفض جماعي في تنفيذ الأوامر وتسبب هذا في سجن العديد منهم، ودفع بالبعض الآخر إلى الفرار خارج المملكة بحثا عن الخلاص.
بقلم: خميسي غانم