الجزائر قوة عسكرية ضاربة

  • جاهزية الجيش حاضرة في الاستعراض العسكري
  • خبراء: “الاستعراض العسكري رسائل للداخل والخارج والجزائر قادرة على حسم أي تهديد”
منال.ب

جرى أضخم عرض عسكري غير مسبوق، والأول من نوعه منذ 33 عاما، الثلاثاء 05 جويلية 2022، تخليدا للذكرى الستين للاستقلال ونهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي.

وأشرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على بدء العرض العسكري الضخم، بـ”المحمدية” في الجزائر العاصمة، بحضور عدد من قادة الدول بينهم رؤساء تونس ومصر والكونجو والنيجر وإثيوبيا.

وإلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة التي ترأس وفدها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، شارك أيضا وزراء خارجية وممثلو عدد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية.

واستعرض الجيش الوطني الشعبي جزءا من ترسانة الأسلحة التي يمتلكها، من دبابات ومركبات وراجمات صواريخ، وقطع من منظومات الدفاع الجوي، بما فيها نظام إس 300.

 كما شاركت في الحفل القوات الجوية التي قدمت استعراضات جوية، بالإضافة إلى حضور فرقاطات من القوات البحرية إلى الواجهة البحرية المقابلة لمنطقة الاستعراض.

وانطلق الاستعراض العسكري المنظم، من طرف الجيش الوطني الشعبي, تحت إشراف رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، وهذا في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية.

 وافتتح هذا الاستعراض العسكري الضخم بالاستماع إلى النشيد الوطني، وشاركت فيه جميع القوات المسلحة التابعة للجيش الوطني الشعبي، البرية والبحرية والجوية والدفاع عن الإقليم، وقوات الدرك والحرس الجمهوري، وكذا فرق الدفاع المدني والجمارك، ومن ساريات الأعلام العملاقة إلى نظام الصواريخ أرض – جو “إس 400” الروسي.

واستعرضت الجزائر قوتها العسكرية، بالإضافة إلى استعراض غواصة “الثقب الأسود”، وكذا المنظومة الصاروخية “إسكندر” المعروفة باسم “ذو القرنين”، وقاذفات “اللهب المدفعي” المعروفة باسم “سولنتسبيك” والملقبة بـ”الشمس الحارقة”، إضافة إلى طائرات من نوع “سوخوي” و”ميج”.

 كما تم استعراض تشكيلة من الدبابات العصرية بمختلف الأنواع وآليات الإسناد ومنصات صواريخ ومدفعية وعربات قتالية، وكذا تشكيل جوي وبحري يتكون من عدة أنواع من الطائرات والسفن والفرقاطات والدبابات.

وبأداء باهر أيضا، استعرضت القوات المسلحة الجزائرية تشكيلاتها العسكرية، وتم تزيين سماء العاصمة بـ6 طائرات تدريب قاعدي، وطائرات أخرى بينها “نمر ل – 39″، و”ياك – 130″، و”س – 130”.

وقبل بدء الاستعراض، كان الرئيس عبد المجيد تبون قد استعرض، في سيارة مكشوفة، مختلف القوات المشاركة،  مرفوقا برئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق الأول السعيد شنقريحة، إلى موقع الاستعراض العسكري.

 وبادل الرئيس تبون آلاف المواطنين التحية ووقف مطولا أمام الجماهير التي توافدت إلى منتزه “الصابلات” منذ ساعات الصباح الأولى لحضور هذا الاستعراض العسكري الضخم الذي ينظمه الجيش الوطني الشعبي بمناسبة الذكرى ال60 لاسترجاع السيادة الوطنية.

 وألقى رئيس الجمهورية، كلمة قبل بداية الاستعراض العسكري الضخم وسط حظور ضيوف الجزائر، أكد فيها أن هذا المشهد المهيب لجزائر الفخر بأمجادها والوفاء لشهدائها الأبرار، يضفي “وجها استثنائيا لعيد إحياء الذكرى الـ 60 لاستعادة السيادة الوطنية”.

أداء في غاية الدقة لتشكيلات القوات الجوية

بعد الإعلان الرسمي عن بداية الاستعراض، قام تشكيل جوي لـ 6 طائرات للتدريب القاعدي والمتقدم ل-93 بتزيين سماء الجزائر العاصمة بالألوان الوطنية، تلاه تشكيل جوي لطائرة تدريب متقدم لطيران النقل س-90 مرفوقة بطائرتين للتدريب القاعدي والمتقدم من طراز نمر ل-39، وحلق فوق المنصة الشرفية بجامع الجزائر، تحت تصفيقات وإعجاب ضيوف الجزائر، تشكيل جوي لثماني طائرات للتدريب المتقدم والإسناد الناري ياك-130 وتشكيل ثلاثي لطائرات النقل التكتيكي س-130 وتشكيل ثلاثي لطائرات استطلاعية متعددة المهام وسرب لثلاث طائرات للنقل بي.أو-350 إلى جانب طائرة للنقل التكتيكي إليوشن 76 م.د.

واستعرض طيارو القوات الجوية عملية التزود بالوقود لطائرتين من نوع سوخوي 30 م.ك.أ وطائرتين من نوع سوخوي 24 م.ر من طرف طائرة تموين من نوع اليوشن 78 مع مرافقة طائرات مقاتلة من نوع سوخوي، وفي نهاية الاستعراض الجوي، تم تشكيل رباعية طائرات مقاتلة تتقدمه طائرتان للقصف من نوع سوخوي 24 م.ك تجسد عماية التزود بالوقود جوا مع مرافقة طائرتين من نوع سوخوي 30 م.ك.أ.

توافد جماهيري كبير

سجل منتزه “الصابلات” بالجزائر العاصمة، توافدا كبيرا لجماهير أتت من مناطق مختلفة من الولايات المجاورة لحضور الاستعراض العسكري الذي نظمه الجيش الوطني الشعبي بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى ال60 لاسترجاع السيادة الوطنية، وتوافد شباب، نساء وأطفال على هذه الساحة من أجل معايشة فرحة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية عن قرب، وشاهدوا المدرعات والدبابات تجوب مسار الاستعراض العسكري، والطائرات الحربية، في لحظات تاريخية تختزنها الذاكرة والمخيال الجمعي للجزائريين، بعد 60 سنة كاملة من استرجاع السيادة الوطنية.

وانطلقت في هذا الاستعراض، حناجر حرائر الجزائر في الساحة بزغاريد الفرح والعز مع كل طائرة تحلق فوق رؤوس الحشود، لاسيما الحربية الصغيرة التي كانت متبوعة بأدخنة مشكلة لألوان العلم الوطني.

 وكان الأطفال المتابعين لما يحدث في الاستعراض، يدعون النسوة لإطلاق زغاريد أخرى كلما حلقت الطائرات، وكلما ظهر سرب طائرات لهم.

ولم تثن الحرارة المرتفعة وأشعة الشمس الحارقة المواطنين عن متابعة الاستعراض العسكري الضخم تحت صيحات “وان” “تو” “تري” ““فيفا لالجيري”.

دلالة رمزية لمكان الاستعراض العسكري

كان آخر استعراض عسكري نُظم في الجزائر بمناسبة عيد استقلالها عام 1989، في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وعزت السلطات أسباب إلغاء التقليد العسكري لمدة 33 سنة كاملة إلى “انشغال الجيش الوطني الشعبي والمصالح الأمنية بمكافحة الإرهاب”.

 واختير الطريق المحاذي لجامع الجزائر الأعظم في منطقة المحمدية بخليج الجزائر العاصمة باعتباره موقعا يحمل دلالة ورمزية تاريخية كبيرة للجزائريين، وفي عهد الاحتلال الفرنسي للجزائر سُميت تلك المنطقة بـ”لافيجري” نسبة إلى “الكاردينال شارل مارسيال ألمان لافيجري” الذي عينته السلطات الاستعمارية كبير الأساقفة سنة 1867.

ولطالما اشتهرت بأنها “عاصمة التبشير في القارة الأفريقية”، واهتم “لافيجري” بالتبشير عبر تأسيس “جمعية المبشرين” بالجزائر التي عرفت باسم “الآباء البيض”، وأسس كذلك جمعية أخرى سماها “جمعية الأخوات البيضاوات”.

 وبعد حصول الجزائر على استقلالها عام 1962، قررت السلطات إعادة تسمية منطقة “لافيجري” لتصبح “المحمدية”، وشيد بها ثالث أكبر مسجد في العالم، ومن هنا كانت المحمدية “معقل التبشير” في الجزائر وعموم أفريقيا، لكن هذه المنطقة سميت بعد استقلال الجزائر المحمدية نسبة إلى خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، والجامع الأعظم له مكانة خاصة وتاريخية في قلوب الجزائريين، باعتباره رمزا على مقاومة حقبة الاستعمار الفرنسي ومكافحة الفكر المتطرف.

وجرى افتتاح المسجد في عام 2020، حيث بلغت تكلفة البناء نحو 3 مليارات دولار، ومدة أشغال وصلت إلى 6 سنوات، وفرضت السلطات الجزائرية إجراءات أمنية مشددة لتأمين الاستعراض العسكري المخلد للاحتفال بالذكرى الـ60 لنيل الاستقلال، ومن بين الإجراءات الأمنية قررت السلطات العليا”غلق محطة المسافرين الكبرى” حتى يوم غد الخميس، وفرض حظر مؤقت للطيران المدني.

رسائل للداخل والخارج

يرى مراقبون ومحللون سياسيون أن “العملية الاستعراضية تظهر مرة أخرى جهوزية الجيش الجزائري لأي مواجهة عسكرية محتملة، واستعداد قواته بمختلف التشكيلات لخوض أي حرب محتملة في المنطقة، والتي تعرف حالة من اللااستقرار، بالإضافة إلى ما تتعرض له الجزائر من استفزازات وتحرش إقليمي”.

وبشأن مخاوف من انكشاف مستويات تسليح الجيش الوطني الشعبي من خلال الاستعراض، ما يضعها رصد القوى الغربية، ومن تصفهم قيادة الجيش الوطني الشعبي بـ”الأعداء التقليديين”، قال خبراء أن “الغرب لن يكون بحاجة إلى استعراض لمعرفة قدرات الجيش الوطني الشعبي، والتي يتابعها عبر الصفقات التي تنجزها الجزائر.

وأشاروا إلى أن الجزائر لديها القوة لمواجهة التحديات المحيطة بها، وإنها ستواصل بناء قدراتها بناء على ما تمليه مصلحتها الوطنية، على الرغم من أن الاستعراض في الأساس ليس الهدف منه تخويف أي طرف من إمكانيات الجزائر العسكرية، لأن المعطيات العسكرية لا تقرها مثل هكذا استعراضات، بقدر ما تكشفها صفقات الأسلحة، وأجهزة الاستخبارات العالمية، مشيرين إلى أن الجزائر تريد من وراء هذه الاستعراضات لفت الانتباه حول جديتها في حسم أي تهديد عسكريا، إذا اضطرت إلى ذلك”.

مقالات ذات صلة

تعيين سفير جديد للجزائر في هذه الدولة

سارة معمري

قريبا.. إقتناء عتاد النقل السككي بمختلف أنواعه

سارة معمري

تنصيب الرئيس المدير العام الجديد لمجمع سوناريم

سارة معمري