“ما يلعبوش بينا الذر”

ما أشبه أوضاع عالم اليوم بأوضاع العالم عشية الحرب العالمية الثانية، فقد درسنا التاريخ المعاصر على يد أساتذة أكفاء ودرسنا بعد ذلك تلامذتنا سنوات كان لنا شرف الاشتغال فيها بالتعليم قبل الالتحاق بالصحافة،إن العالم عرف قبل اندلاع الحرب الكونية الثانية مجموعة من المؤشرات والضغوطات كانت نتيجتها الحتمية الانفجار سنة 1939 الذي أتى على الملايين من القتلى ودمار شامل لم يستثن جهة من الجهات إلا ومسها، والكل يعرف أن دول العالم قبل تلك الحرب خيمت عليها بداية من 1929 حالة من الأزمات الاقتصادية وضربها الكساد وعانت معها الدول والشعوب ما عانت ولم ينته ذلك إلا باشتعال فتيل الصراع بين القوى المهيمنة.

كما أن النزعة العسكرية ساهمت في ذلك الوقت في منح الضوء الأخضر لبداية هذا النزاع العالمي بعد أن غلبت العديد من الدول منطق بناء القوة العسكرية للتوسع وحماية مصالحها، كما تميزت تلك الفترة بمحاولة إذلال دول لدول أخرى عملا بمعاهدة فرساي مما أدى إلى نمو النزعة الوطنية عند من شعروا بحالة الذل تلك، وبما أن التاريخ يعيد نفسه فقد فشلت عصبة الأمم تماما كما تفعل الأمم المتحدة اليوم في الحفاظ على السلم العالمي، ومع وجود رغبة من بعض الدول في التوسع على حساب دول أخرى وانتهى كل ذلك بفاتورة غالية دفعتها الشعوب من الدمار وملايين القتلى والأرامل واليتامى، ومع الأسف فإن كل تلك الأوضاع التي عاشها العالم حينها هاهي تتكرر اليوم لتجعل البشرية على فوهة بركان.

وتحسبا للأسوأ لا سمح الله وفي عالم مضطرب إقليميا ودوليا من حق الدول أن تحتكر السلطة والسلاح ومن حق الشعوب أن تحافظ على كياناتها ووحدتها لمواجهة الطوارئ وأن تجعل الحفاظ على ترابها وسلامتها مبدأ أسمى من الحريات ومن الديمقراطية وفوق الجمعيات والأحزاب والمشتغلين بالسياسة وشداد الآفاق، وعليها أن تغلق الأبواب والنوافذ في وجه الأبواق العميلة والساعين إلى نشر الفتنة بين الأمة الواحدة وأصحاب المصير المشترك، فالحالة أكثر بكثير من ‘لعب الذر” الذي أصبح هواية يمارسها البعض في الداخل والخارج.

مقالات ذات صلة

أملاك الدولة “ببلاش”، وإكراميات لذوي النفوذ

سارة معمري

الصحفي ليس صندوق بريد

سارة معمري

مؤسف حال الأحياء التي نعيش فيها

سارة معمري