عين بربر.. رئة إيدوغ تنتظر التفاتة المسؤولين بعنابة
تعاني قرية عين بربر التي تُعد رئة جبل إيدوغ الشامخ في صمت نتيجة غياب أبسط الضروريات التي من شأنها النهوض بالمنطقة التي تلاشى أهلها الواحد تلو الآخر وأصبح أقصى حلم شبابها الهجرة نحو الضفة الأخرى من العالم.
وتبعد القرية المنسية حوالي 6 كيلومترات عن مقر بلدية سرايدي، وتعتبر من أهم المناطق الفلاحية بالجهة الشرقية للبلدية الساحلية، مشهورة بأراضيها الخصبة وبإنتاجها الحيواني وخاصة في مجال إنتاج اللوز والعسل، إلا أنها حسب سكانها ما تزال لم تأخذ حصتها من الدعم، سواء في مجال السكن الريفي أو حتى في مجال الدعم الفلاحي.
وعود كاذبة وآمال زائفة تنتهجها الهيئات المعنية
رفعت السلطات المحلية لولاية عنابة إلى سكان عين بربر لعودتهم إلى المنطقة سنة 2006، بعد استتباب الأمن وتنصيب مفرزة جديدة للحرس البلدي بعين بربر الساحل، إحدى النقاط الساخنة، تعزيزا للمفرزة المتواجدة بالرومانات التي أنشئت سنة 2005، هذا بالإضافة إلى مراكز المراقبة الثلاثة التابعة للجيش الوطني الشعبي، رغم هذه الضمانات الأمنية التي وفرتها السلطات، إلا أن العائلات رفضت العودة، ليتخذ بشأنهم آخر إجراء، وهو إخلاء الأماكن التي كانوا يشغلونها ببلدية سرايدي بالقوة العمومية مع إسدائهم وعودا بتقديم تسهيلات للاستفادة من مساعدات الدولة في مجالي السكن الريفي والدعم الفلاحي، إلا أنه، حس تصريحات السكان، لم يفوا بها. تاركين إياهم في عزلة تامة، خاصة مع نقص وسائل النقل في المنطقة.
مشاريع معطلة وموارد غير مستغلة
تعتبر عين بربر عاصمة المناجم والموارد الطبيعية بعنابة، فمخزونها الأرضي يحتوي على عدة معادن، كالذهب، الرصاص، الأورانيوم، الفوليسبات، وهي مواد أولية يتم استخراجها من باطن الأرض باستعمال مادة الديناميت لتحول بعد ذلك إلى رخام وزجاج وزخارف عديدة.
المعاناة تدفع الشباب لـ “الحرقة”
يعاني سكان المنطقة فقرا كبيرا ويعيشون حياة بدائية، على وقع قارورات الغاز التي يتكبدون مشقة كبيرة في نقلها إلى منازلهم، خاصة في فصل الشتاء في ظل البرد الكبير الذي تشهده المنطقة باعتبارها منطقة وعرة وجبلية بامتياز ويزيد من حدتها غياب التدفئة.
ويعتمد السكان على أكل السمك، وما تنتجه الأشجار من ثمار وحليب الماعز والبقر، فراغ كبير يعيشه شباب المنطقة، وعزلة تامة عن العالم الخارجي في ظل غياب وسائل تثقيفية وترفيهية، فجميع الشباب كانت وجهتهم صوب البحر، وبالتحديد “جزيرة سردينيا” الإيطالية، التي لا تبعد عن عين بربر إلا ببضع ساعات بحرا، وحلمهم الوحيد هو “الحرڤة”، خاصة وأن النقطة الجديدة التي أصبح يعتمدها بارونات “الحرڤة” بعنابة موجودة بمنطقة “واد القاب”، البعيدة عن أعين حراس السواحل.
ويبقى الأمل قائما لدى بعض العائلات في أن تفي السلطات بوعودها لعودة الحياة من جديد واستغلال جمال الطبيعة وسحرها لإقامة مشاريع سياحية ضخمة، فعين بربر تتوفر على جميع المواصفات الطبيعية والإيكولوجية التي تؤهلها لتكون قبلة للسياح.
وفي انتظار تحقيق ذلك، يبقى المواطنون صابرين متأملين سحر وجمال منطقتهم، عزاؤهم الوحيد في هذه الظروف المعيشية القاهرة هو البحر والمنظر الجميل.
روميساء بوزيدة