ملاك. ز
احتضن أول أمس، المسرح الجهوي عز الدين مجوبي، ملتقى وطني حول الأدب الجزائري المهاجر، في طبعته الأولى بمناسبة إحياء ذكرى 17 أكتوبر، اليوم الوطني للهجرة، وعرف هذا الفضاء الثقافي جلسات علمية بمشاركة العديد من المثقفين والمؤلفين، والإعلاميين على غرار الدكتور “علي خفيف”، و”محمد ساري”، بالإضافة إلى “جميلة مصطفى زقاي”، وكذا “محمد العيد تاورتة”، إلى جانب “محمد الأمين بحري”، والدكتورة “رجاء بن منصور”، و”إسماعيل بن صفية”، أين قدموا بالمناسبة مداخلات ومناقشات قيمة، تمحورت حول الأدب المهاجر أشكاله ومضامينه، وقضاياه، وأعلامه.
تطرق الدكتور “العيد تاورتة” أستاذ في معهد اللغة العربية وأدبها بجامعة قسنطينة، إلى الهجرة في أدب الرسائل عند الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، فترة الخمسينات من القرن العشريين أنمودجا، أين أكد أن الأدب الجزائري بشكل عام يكاد أن يكون مهاجرا، مبرزا أن البشير الإبراهيمي واحدا من قمم الثقافة ليس فقط في الجزائر بل على مستوى العالم العربي والإسلامي، كما تناول في مداخلته هجرة البشير الإبراهيمي إلى المدينة المنورة التي لم تكن إلا واحدة من تلك الهجرات العديدة للجزائريين خارج وطنهم بسبب الاحتلال الفرنسي، مبرزا فترة انتقال الشيخ إلى دمشق، وعودته إلى الجزائر عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى وهو مقتنعا بأن العمل الحقيقي داخل الجزائر وليس خارجها، ساهم في إثراء الحياة الأدبية في الجزائر، مؤكدا أن البشير الإبراهيمي ركز في كتابه البصائر على توعية الشعب لمواجهة الاستعمار، حمل هم الأمة الإسلامية كلها ودافع على أرض العروبة والإسلام.
من جانبه، تدخل الناقد “محمد الأمين بحري” دكتور بجامعة بسكرة، بمناقشته المعنونة ب”الرواية الجزائرية بين هجرة الناص وهجرة النص”، وقدم قراءته في رواية “حطب سراييفو”، حيث استهل مداخلته بطرح سؤال هل يستطيع شخص لم يغادر بلاده يكتب أدب الهجرة؟، ليؤكد بأن هناك أدباء لم ينفصلوا عن بلدهم وكتبوا عن الهجرة، أين كشف الفرق بين هجرة الكاتب وهجرة النص، وبرز مفهوم أدب الهجرة وأدب الرحلة، أين أكد أن الهجرة هي طرد المكان للشخص وتكون بسبب علاقة توتر بينهما، أما الرحلة ترتبط بالإرادة.
وفي السياق، اختارت الدكتورة “رجاء بن منصور” من جامعة البليدة، موضوع “بني كبلوت” الميث القبلي في مواجهة الاستعمار، من خلال رواية “نجمة” للكاتب ياسين، التي تعددت دراستها ومحاورها ومن بينها دور أدب المهجر في دعم الثورة، مشيرة إلى أن هذه الرواية صورت جانب هام من القضية الجزائرية، مؤكدة أن الكاتب ياسين تميز بنقل صورة الاستعمار الحقيقية وفضائحه في الجزائر من خلال الأدب، وتمكن من خلال هذه الرواية أن يقول للفرنسيين بلغتهم نحن ليس فرنسيين.
من جهة أخرى، قدم الدكتور “إسماعيل بن صفية” محاضرته موسومة بعنوان جراحات الوطن وهموم المواطن في النص المسرحي الجزائري المهاجر، أشار من خلالها إلى أن هناك افتقار في النصوص المسرحية، وغيبها في البرامج والمقررات الدراسية، وأن هناك حضور محتشم للمرأة في المسرح الجزائري، وحسب ما أدلى به أن “أمسية في باريس” من إنتاج مسرح قسنطينة، وإخراج “كريم بودشيش”، وترجمة الدكتور “أحسن تليلاني”، هي المسرحية الوحيدة التي عرضة أحداث 17أكتوبر المعروفة باسم مجزرة باريس، التي قدمت أمس بذات المسرح على هامش التظاهرة.
كما قدم الدكتور “محمد ساري” من جامعة الجزائر، محاضرته بعنوان “أدب الكتاب المهاجريين الجزائريين وثورة التحرير” أين تكلم عن دور الجزائريون الذين نشروا الشعر والروايات والمقالات في المهجر، للدعوة إلى الجهاد والكفاح على غرار ” مالك حداد”، وكاتب “ياسين” بالإضافة إلى “مولود معمري”، و”أسيا جبار”، إلى جانب “مفدي زكريا”، وكذا “محمد العيد الخليفة”.
وواصل الدكتور “علي خفيف” مداخلته حول موضوع “الأدب الجزائري المهاجر والدبلوماسية الثقافية”، أين أشار إلى أن الأدب مجال من أهم مجالات التبادل الثقافي والتأثير فيما بين الشعوب، وبرز الدور الأدب في خدمة القضايا الوطنية وتسليط الضوء عليها والترويج لها، كما اختارت”الدكتورة جميلة مصطفى زقاي” من جامعة تيبازة، أن تكون مناقشتها حول الكاتبة المهاجرة “فطيمة قالير”، وكانت مداخلة الكاتب الإعلامي “أحمد عياشي” معنونة ب”محمد بودية وغسان كنافي، وجهان لثورة واحدة، الثورة والصدفة”، ومداخلة الدكتور “طارق ثابت” كانت تحت عنوان “الأدب الجزائري المهاجر من خلال تجربة مالك بن نبي في روايته لبيك حج الفقراء”.
وفي نهاية الجلسة العلمية الأولى، فتحت الأبواب نحو أفاق جديدة من خلال استفسارات والمناقشات مع الجمهور العرض، الذي طرح أسئلة حول محتوى المحاضرة على غرار ماهية مصطلح الأدب المهاجر وهل تعتبر الترجمة رجوع إلى الوطن؟ وهل يمكن للكاتب أن يهاجر بخياله فقط؟.
وللذكر، يأتي هذا الملتقى من تنظيم مديرية الثقافة والفنون، بالتنسيق مع قسم اللغة والأدب العربي جامعة باجي مختار عنابة، حيث أعلن الوالي “جمال الدين بريمي” عن افتتاح هذه التظاهرة الثقافية، وألقى مدير الثقافة لولاية عنابة كلمته حول الأدب الجزائري المهاجر، وأعد الملتقى على هامش أربعة ورشات علمية.