لا ينكر إلا جاحدا الدور الذي لعبته الجزائر في دعم حركة التحرر في القارة الإفريقية، وقد تحولت الجزائر فور استقلالها إلى قبلة يحج لها الأحرار في هذه القارة وفتحت أبوابها لكل الشعوب المدافعة عن حقها في الاستقلال والانعتاق من قيد التمييز العنصري فمن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى جبهة تحرير الموزمبيق فحركة استقلال ناميبيا وجبهة تحرير الكونغو كانت الجزائر لها بمثابة المضيف والداعم حتى أصبحت تعرف بعاصمة العالم الثالث دون منازع، وحين كانت تتحرك الجزائر في المحافل الدولية كانت تجند خلفها كل دول القارة، غير أنه بعد ذلك ومع الأسف الشديد أصبح الحضور الجزائري في القارة الإفريقية باهتا وتراجع تأثيرها وفعاليتها في مختلف القضايا رغم ما تشهده القارة السمراء من صراعات بين مختلف القوى الإقليمية والعالمية التي تسعى جاهدة لتسجيل حضورها في إفريقيا، ومع ذلك فان في الجزائر رصيدا تاريخيا وانجازات دبلوماسية تجعلها مع التحولات التي تعرفها اليوم قادرة على أن تكون رقما فاعلا في القارة الإفريقية ولن يتحقق ذلك إلا بالانفتاح في مختلف المجالات عن طريق فتح الأبواب واسعة أمام الأفارقة لنقل الخبرات الجزائرية إلى دول القارة خاصة في مجال التعليم العالي والتكوين المهني وقطاع الصحة بتكوين أطباء أفارقة وكذلك الحال بتكوين أطر إدارية على مستوى المدرسة العليا للإدارة وتكثيف التواجد ومشاريع التنمية في مختلف القطاعات داخل دول القارة لتكون شواهدا على جسور التواصل بين الجزائر ومحيطها الإفريقي بدل المساعدات المادية التي تقدم للحكومات مع الاهتمام بالمنتديات والملتقيات والفعاليات الثقافية التي تهم شعوب القارة الإفريقية.
كل هذه الخطوات ستعزز مكانة الجزائر في محيطها الإفريقي وستعيدها إلى ما كانت عليه بين دول القارة، خاصة أن الكثير من دولها تعتبر الجزائر دولة يمكن الاقتداء بتجربتها ويمكن الاعتماد عليها في التطور والنمو.