“لم الشمل العربي” في الظروف الحالية يعد بحد ذاته إنجازا
منال.ب
افتتحت، اليوم الثلاثاء 01 نوفمبر 2022، القمة العربية الـ31 بالجزائر تحت شعار “لمّ الشمل”، وسط غياب ثلث القادة العرب عن أعمالها بجانب تمثيل منخفض لخمس دول أخرى حيث تشهد مشاركة 15 فقط من زعماء ورؤساء الدول العربية بعد إعلان سوريا عدم الحضور مع استمرار تجميد مقعدها.
فبعد أن وضع وزراء الخارجية اللمسات الأخيرة على مشروع بيان “إعلان الجزائر”، وذلك تحت شعار “لمّ الشمل” إثر انقطاع دام 3 سنوات، استمرت خلالها الانقسامات حول ملفات إقليمية عدة، استعدت الجزائر لاستضافة القمة العربية واستقبل الرئيس تبون أمس، القادة والزعماء العرب المشاركين بالقمة وهم أمير قطر ورؤساء مصر وفلسطين وموريتانيا والعراق وتونس وجزر القمر والصومال وجيبوتي.
كما يشارك رؤساء المجالس الرئاسية في كل من السودان واليمن وليبيا، بجانب نائب رئيس الإمارات، وولي عهد كل من الكويت والأردن، وعلى مستوى منخفض ما بين رئيس حكومة ونائب رئيس وزراء وممثل للرئيس أو الملك، أو وزير، يأتي تمثيل كل من السعودية والمغرب وسلطنة عمان والبحرين ولبنان، وعقدت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة، آخر قمة لها في مارس 2019 في تونس قبل تفشي وباء كوفيد-19.
وتهدف قمة الجزائر إلى تحقيق توافق عربي – عربي حول العديد من القضايا على رأسها القضية الأم وهي القضية الفلسطينية التي توجت مؤخرا بتوقيع إعلان الجزائر لإنهاء الانقسام بين الفصائل والذي دام 15 سنة متواصلة أرهق خلالها الصف الداخلي والشعب الفلسطيني وقضيته.
كما تسعى إلى فتح مختلف ملفات الشأن العربي على غرار الوضع في ليبيا واليمن، ناهيك عن الصعوبات التي تواجه دولا أخرى كالصومال، يضاف لها تحديات الأمن الغذائي ودعوات وضع إستراتيجية عربية موحدة في هذا المجال لمواجهة تحديات الوضع الراهن والمقبل.
ولطالما شكل مشروع إصلاح الجامعة العربية على الدوام اهتمام السلطات في الجزائر على المستوى العربي، ويرى متابعون للشأن السياسي أن عدم التركيز عليه في القمة الحالية ليس تخليا عنه إنما تأجيلًا له إلى قمم لاحقة.
وفي هذا الإطار أوضح أستاذ العلوم السياسية علي بقشيش في تصريح رصدته “الصريح” أن الحديث عن إصلاح هياكل الجامعة العربية وتدوير منصب الأمين العام، وطريقة التصويت ليست ملفات تطرح في الوقت الراهن، في ظل استمرار الانقسام العربي بخصوص عدة قضايا، وأضاف أنه بالنظر إلى ما تحقق حتى اليوم يظهر أن الدبلوماسية الجزائرية عملت ليلا ونهارا، لتوفير أسباب نجاح القمة المقبلة، وتفادي أي قضايا قد تشكل خلافًا، والتي قد يكون منها مشروع إصلاح الجامعة العربية.
ولم يستبعد علي بقشيش أن تكون قمة الجزائر “قمة المصالحات العربية” الواجب تحقيقها لاستمرار العمل العربي المشترك، ووقف تنفيذ الأجندات الخارجية التي دبرت للوطن العربي، لذلك تفادت الجزائر الحديث عن إصلاح الجامعة العربية رغم إيمانها بأهمية هذا الإصلاح لتطوير العمل العربي المشترك، لأنه لا يمكن تحقيق أي تقدم في حال بقي البيت العربي يسير بالطريقة نفسها في وقت طورت كل التكتلات العربية آليتها كالاتحادين الأوروبي والأفريقي.
وسواء تم طرح ملف إصلاح الجامعة العربية في قمة الجزائر، سواء من البلد المضيف أو من طرف بلد آخر أو تم تأجيله إلى قمم لاحقة، فإنه يظل جسر النجاة الذي لا مفر من المرور عليه إذا كان العرب يريدون بحق لتكتلهم الوحيد الاستمرار وتحقيق الأهداف التي رسمها الأسلاف.
واعتبر المتحدث عدم الاهتمام بإصلاح الجامعة العربية في الوقت الحالي تصرف دبلوماسي مفهوم من الجزائر، بالنظر إلى أن طرح هذا الملف في القمة المقبلة لا يستجيب للواقع العربي الحالي، وقال إن “عقد القمة العربية في الظروف الحالية يعد بحد ذاته إنجازا، فالمهمة اليوم هي لم الشمل العربي وتقريب وجهات النظر”.
ووصف دورة الجزائر بـ”قمة إعادة ترميم البيت العربي”، بالنظر إلى الشرخ الموجود داخله بسبب عدة قضايا، معتبرا استطاعة الجزائر إقناع الفصائل الفلسطينية بالتوقيع على اتفاق المصالحة ضمن ما سمي “إعلان الجزائر” نجاحًا للبلد المستضيف للموعد العربي، بالنظر إلى أنه استطاع أن يعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة القضايا العربية رغم محاولات تهميشها عبر تيار التطبيع الذي كان يتحجج أحيانًا بالانقسام الفلسطيني.
واعتبر بقشيش أن إعلان الجزائر للمصالحة الفلسطينية من شأنه أن يجعل دولا عربية تراجع موقفها المتخاذل تجاه قضية العرب الأولى، وهو ما سيسهم في عمل عربي حقيقي بالنظر إلى أن القضية الفلسطينية هي أساس العمل العربي المشترك.