المدينة سلوك وتربية

من المفارقات العجيبة التي عشتها خلال اليومين الأخيرين وأنا أركن سيارتي في عز الظهر عند مخرج نهج بن خلدون أو “لاري قمبيطا” وعلى بعد أمتار قليلة من ساحة الثورة أو “الكور” العظيم، وإذا بسيدة بكامل أناقتها تخرج من أحد مداخل العمارات محملة بكيسين من القمامة وتتخلص منهما على الرصيف غير آبهة لا بحركة السيارات ولا بحركة الراجلين التي كانت في ذروتها في تلك اللحظة، ولم تعبأ حتى بنظافة المحيط إلى درجة أن كيسي القمامة لم يمكنان حتى من فتح باب السيارة، وما كان عليا إلا أن أتوجه بسؤال في شكل حيرة واستغراب إلى تلك السيدة بخصوص الأسباب التي تجعلها ترمي القمامة بهذا الشكل وفي عز الظهر لتبقى تراوح مكانها في انتظار مرور عمال النظافة، وباستخفاف ردت هذه السيدة أنه لا يوجد من يتولى هذا الأمر في فترة مرور شاحنات عنابة نظيفة، غير أنني انصرفت وأنا على يقين أنه لا يمكن أن تردع مثل هذه السلوكات  في غياب رقابة صارمة تؤمنها قوانين تلزم بتغريم كل سكان العمارة في حالة قيام أحدهم بكذا تصرف غريب عن سكان المدن وعن تحضرهم، وتلك ظاهرة تستوجب الإسراع في إعادة شرطة البلدية إلى نشاطها ،فحين كانت  هذه الاخيرة تؤدي واجباتها كان المواطن يتحاشى حتى نشر غسيله في شرفة منزله  حفاظا على المحيط الخارجي من مظاهر التشويه الذي أخذ أشكالا و ألوانا في أيامنا بعد أن أصبح البعض يدخل  تعديلات جوهرية على واجهة مسكنه داخل العمارة دون أن تحرك الجهات المعنية ساكنا  الشيء الذي حول واجهة  البنايات إلى فسيفساء من الأشكال والألوان،و يؤسفني أن أقول أن شوارع بلدية عنابة أيام الحزب الواحد كانت أنظف من هكذا بكثير، وكان يميز سكانها وتجارها الانضباط ويحسبون ألف حساب قبل الإساءة إلى البيئة والمحيط، وبما أنني أعرف ما كانت عليه عنابة في زمنها ذاك الجميل فإنني أتحسر مما وصل له حالها اليوم، وصراحة الجزء الأكبر من المسؤولية يتحمله بعض المواطنين ممن أصبحوا يتلذذون بالحياة وسط الأوساخ  بفعل تلك السلوكات المشينة التي تتطلب الإدانة بل حتى العقاب.

مقالات ذات صلة

“ما يلعبوش بينا الذر”

sarih_auteur

هل باع “موتسيبي” الكاف إلى لقجع؟ !

sarih_auteur

حركية مشهودة تعرفها عنابة

sarih_auteur