رشاد الجمالي
بداية شباط ضباب مكثف يلف أطراف القرية حيث بدت ذات منظرا بهيا، وكأن الطبيعة تجسدت بأكملها في واجهه القرية وأنا أراها من نافذتي، كنت وشباط تؤامان، وللتو خلصت رواية فاتن للكاتب أمين غانم، رواية تستحق أن تقرأ ففيها من الواقع نكهه فريدة، ومن العالم الوهمي الافتراضي غناء جميل يصدح كإيماءة سحرية، والتي نأتي بي إلى عالم الأدب والكلمات وعشق الكتابة. جعلتني أعيش ذلك العالم الوهمي الذي بنى الكاتب روايته عليه، ولحبكه الرواية جمالا متميز، عادل وتلك الأحداث التي تباغته في عالمه، وفترة الحرب والحب الذي عاشهما، الحرب الذي عصف ببلده وترك موبقاته خلف أسئلة حيرى في وطن ينزف وجعا كل يوم، والحب الروحي الذي وصل إلى تؤام النفس تلك الحالة من العشق المفرطه بين عادل وفاتن في عالم إفتراضي، لم يمنع الخوف عادل بكتابة مذكراته لكي يبدع فكتب أصدق مشاعره وكل ما يجول داخله تجاه معشوقته فاتن، حتى وجد نفسه يحكي قصتهما معا، وبين فاتن الذي فتنته كان له قصه أخرى مع هدى التي أحبته رغم الظروف المادية والطاعنة في بلده. أبحرت كثيرا في أحداث الرواية وكنت أشعر حينا بأنني بين شخصيات الرواية وأحداثها المباغته، وأنني لا أريد إكمالها لكي أعيش تفاصيلها، وحينا أخر أحفز نفسي على إكمال الرواية لأرى نهاية العاشقان في العالم الافتراضي، حيث أكملتها في غضون يومين مده اربع ساعات فقط، هي تشبه صوت ناي، وسيمفونيه القمر بيتهوفن. سافرت معها إلى سماء البلدان العربية القاهرة وبغداد وصنعاء، وكذلك إسطنبول وأمريكا المتعة تملأ صفحاتها وفيها من الشاعرية ما يكفي، ويلات الحرب وموباقتها وأوجاع الواقع الكئيب لا تخلو الرواية من وصفهما وبمهارة أيضا، ولفيروس كورونا فيها قصه لا تنتهي. لقد تشبثت فيها كطفل رضيع يتشبث بثدي أمه، وأدهشتني كطير يحلق عاليا ثم يهبط ببطء، تبدو هادئة عند بدايتها، وما إن تغوص فيها تبدأ كأمواج البحر العاصفة، كانت لغة الرواية صاخبة بالكلمات الجميلة كقصة عادل وفاتن توأم الروح أو تؤام الشعلة.