قراءة في كتابات الكاتب “نور الدين اسماعيل”

 

بقلم : الشاعرة نادية نواصر

بدأ الكاتب نور الدين إسماعيل كتاباته بالفرنسية ثم استهوىته العربية فمشى إليها شغوفا بشساعة معناها ..مبهورا كما يقول ببلاغتها ومجازها وجناسها وطباقها وتناصها و محسناتها البديعية..كاتب وفي لفرنسيته التي ينطقها بلكنة غربية وعاشق للعربية لأنها الامتداد والمعنى والمرادف والنقيض أن سر انجذابي إلى كتابات هذا الأديب والتي استفزت قلمي هي حكمته الشهيرة: للحب منعرجات …!!! أخطرها القريب من الوصول…سوقوا بحذر… حكمة تحمل الكثير من التناقضات الشهية لكاتب يسعى إلى عقلنة جنونه ليعيش هذا الجنون بوعي وحكمة وحرية وأجمل شيء على لسان قوله أن نمضي ممتلئين ..دعوة جادة إلى تأثيث روح الإنسان بما يسمو بجنونها الى الرقي..هي ثقافته ورؤاه الفلسفية التي تجيؤنا في سياق عطاء حضاري متشبعا بفلاسفة الغرب وحضارتهم ومتمسكنا بالعقيدة الإسلامية ولعل هذا ما يجعلنا نستقرى في تميزه ما قاله حافظ إبراهيم : حين زار أوروبا قائلا : وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين فالحرية في زمن العري والإنسانية التي تفتقدها البشرية في عالمنا اليوم هي الميزة التي تحملها كتابات نور الدين إسماعيل.. الجرأة والمتعة والحب والحياة وحقيقتنا التي نخفيها والتي يخرج بها الكاتب من دائرة الكبت والمشاعر المعلبة إلى واقع يريد ويدعي انه لا يريد لانه محكوم بأغلال العقد وبأحكام من أفتوا بان رغائبنا الإنسانية عورة من العورات والكاتب نور الدين إسماعيل يسعى جاهدا في قصصه الفلسفية الى تحرير الروح الحرة من عقدها وبعض المعتقدات السلبية الخاطئة حين غصت في عوالم هذا الكاتب خيل الي انني في مملكة  jean paul sartre وأحيانا أجدني في مملكة جورج اورويل وفي الكثير من الأحيان أحسني في عوالم أيميل زولا متحرر حد الامتلاء والوعي وحد ماهيته كانسان عامر بالإنسانية يخطى ويصيب يبعثر ويرتب ويعيد الترتيب بعلل ويصنف ويعيد الترتيب مرة أخرى في حركية مذهلة .. باحثا وفيلسوفا لإسرار هذا العالم المليء بالتناقضات ..متمكنا من كبح زمام المقود في صخب هذا الحياة الشهية العصية مما يجعله متمسكا بحبل ربه ..وبروابط الإنسان وإنسانيته في قصته ( قطرة مني) أطلت الوقوف والتمعن والشرح إذ تبدو لي هذه المحطة عالما زاخرا بالاستشفاء الفلسفي والحكم العميقة حيث يقول(إذا كانت لدي أفكار مجنونة هذا أنا ..الحياة مدرسة والجهل والغباء يحزناني)…من هذا الباب الذي يبدو لي فيه الكاتب يحمل على صهوة وعيه هم الجهل الذي يهدد الإنسانية ويشحن روحه بالكثير من الحزن لأنه بما يكسب من وعي يعرف نهاية مجتمع غارق في جهله والعواقب الوخيمة التي يؤول إليها الفكر جراء هذا العطب .. روح الكاتب روح مسكونة بالإبداع والجنون والمتعة والحرية والغرابة والواقعية في العديد من المحطات التي يبدو فيها فكره أكثر صحوا كاتب شغوف بالتوغل في التفاصيل وتشريح الحقيقة والبحث في خبايا الكون والمجتمع والإنسان تحديدا ..ذاكرة تاريخية تخزن المعلومة تمنحها عمرا للتبلور ثم تطرحها على طاولة الحسابات تفك معادلاتها وتعيدها إلى موضعها اللائق الذاكرة حيث التاريخ سيقول قوله السديد ..صراع شديد داخل هذه الروح المناضلة ضد الشر والجهل والغباء حيث تقوم محكمة العدل داخل ذاكرة هذا الكاتب فيخرج إلى النور بحكمته العادلة تلك الحكمة التي بإمكانها ان ترمم خرائب المجتمع وتعيد اليه كل القيم الجمالية والإنسانية حيث يقول( الحب لعبة لا غالب فيها ولا مغلوب)..نوع من السعي الحثيث إلى فلسفة الإنسان في جدلية عميقة قصد انتظار أجراس الضوء كي ترن في أعماق الروح البشرية وتعيد إليها نبضها الإنساني./ يتبع.

مقالات ذات صلة

قسنطينة تحتضن الطبعة الـ11 لمهرجان الإنشاد الدولي

sarih_auteur

رسميا.. إطلاق تطبيق “اكتشف الجزائر”

sarih_auteur

اليونسكو تضم 11 موقعا تراثيا جزائريا جديدا

sarih_auteur