لا يخف عن القريب والبعيد أن حراك 22 فيفري جاء نتيجة ظروف قاهرة كانت تمر بها البلاد، وميزتها على الخصوص وجود تيار داخل السلطة أرادت أن تدفع برئيس مقعد ومريض إلى العهدة الخامسة، الشيء الذي حرك موجة من الاحتجاجات الشعبية العارمة لتنزل إلى الشارع وترمي بثقلها للوقوف في وجه هذه المؤامرة، ووضعت شعارات تطالب بإقالة الرئيس المعتل صحيا والمحاط بعصابة فساد لم تعرف الجزائر مثيلا لها منذ استقلال البلاد، الشيء الذي عجل بتطبيق المادة 102 من الدستور التي حققت حينها أول مكاسب الحراك، وتأجيل الانتخابات الرئاسية ، وبعدها تمت محاصرة عصابة الفساد ومحاكمة رموزه التي يقبع الكثير منها اليوم في السجن، وقد نتفق مع الكثير أن مسار إصلاح الوضع في الجزائر مازال طويلا، ليعود القطار إلى سكته والمياه إلى مجاريها، ولكن من المؤكد أن تحقيق ذلك يتطلب منا جميعا الكثير من الرزانة والهدوء في ظل أخطار داخلية وخارجية تهدد أمن واستقرار البلاد وتحقيق مطالب حراك 22 فيفري، اليوم لم تعد فيه المسيرات والخروج الى الشارع السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف المشروعة التي خرج من أجلها الشعب الجزائري، وقد تفتح الانتخابات القادمة سبيلا من سبل التغيير السلمي خاصة بعد أن تعهدت السلطة بالحياد والنزاهة وشجعت الشباب، ومنهم شباب الحراك للوصول الى البرلمان وقد تكون تلك واحدة من محطات التغيير للوصول إلى الجزائر الجديدة التي يحلم بها شباب الحراك.