مع الأسف وطيلة عقود كاملة، فشلت مكاتب الدراسات والمرتبطين بمهامها في إهداء عمارة راقية لمحيطنا ومدننا، وفي الكثير من الأحيان لم يتعد ما تم انجازه صناديق إسمنتية تفتقر للحس والجمال، وساهمت في تشويه المحيط إلى درجة أن البعض منا أصبح يقارن بين جمالية بنايات ظهرت أواخر القرن 19 بمثيلتها التي وُلدت من رحم القرن الـ 21، ومن أراد أن يتأكد مثلا فعليه أن يعاين واجهات العمران في ساحة الثورة، ويقارنها بما أنجز في مدن توصف بالجديدة كالبوني وسيدي عمار.
أما إذا تحدثنا عن العمران في سيدي سالم مثلا وخاصة في الجهة المقابلة للشاطئ والبحر، فأقل ما يمكن أن نقول عنها أنها كارثة وجريمة مكتملة الأركان، كان يفترض أن يٌجرجر كل مسؤول عليها للمحاسبة مادام ما أنجز مخالفا لقواعد العمران، ولوظائفه ولأشكاله التي يُفترض أنها تعكس السمات الحضارية للمجتمعات وتنطق باسم “العصرنة” وتعكس روح الإبداع والإتقان للمهندس المسؤول عن التصاميم وتؤرخ لمرحلة ما من مراحل تطور الشعوب ونموها، غير أنه ومع الأسف، فإن كل ما تم انجازه من أشكال معمارية خلال العقود الأخيرة مع استثناءات قليلة أقل ما يقال عليه أنه فشل فشلا ذريعا في مواكبة التطور المعماري في العالم، وأفرز تجمعات سكانية ناشزة لا روح فيها ولا ذوق، الشيء الذي يتطلب على مكاتب الدراسات وكل المسؤولين إعادة النظر في تصميم الواجهات، وجعلها مؤهلة في أن تعكس التطور العمراني الذي يعيشه العالم اليوم.