إبتسام بلبل
اعتبر الخبير الاقتصادي والإستراتيجي عبد القادر سليماني، مسعى السلطات العمومية لوضع حد لحركة رؤوس الأموال ومعاملات الصرف تحت المجهر بغية القضاء على المعاملات المخالفة للقانون الساري العمل به من شأنه قطع الطريق أمام الممارسات التي تسبب الاختلال في التوازن في منظومة معاملات الصرف وتفكيك “اقتصاد الظل”.
وقال سليماني لـ”الصريح” أنه ومن خلال وضع المشروع التمهيدي لهذا القانون الذي قدمه وزير العدل والمنتظر طرحه في مجلس الوزراء القادم لتزكيته طبقا للإجراءات المعمول بها وتقديمه أمام البرلمان بغرفتيه سيكون لدينا قانون يقمع مخالفات تحويل رؤوس الأموال لا سيما ونحن على مشارف طرح قانون استثمار جديد بعدف جلب وخلق حركية للعملة الصعبة من وإلى الجزائر بسلاسة وشفافية وأكثر انسيابية وإرجاع الثقة للمتعاملين الاقتصاديين سواء كانوا جزائريين مقيمين أو غير مقيمين وأجانب.
وتابع محدثنا بالقول أن الخزينة العمومية تكبدت خسائر بملايير الدولارات خلال العشرية الأخيرة والتي تعد _حسبه_ نتيجة مباشرة للفوترة غير النزيهة وتهريب رؤوس الأموال والعملة الصعبة من الجزائر أو عبر صفقات عمومية عل غرار الفساد الذي كان مستشريا أين كانت الأولوية دائما إلى الاستيراد وتهميش استغلال المقومات والإمكانيات المحلية مشددا على ضرورة خلق صناعة محلية بهدف المحافظة ومراقبة العملة الصعبة وحتى مكاتب الخبرات التي كانت تنخر جسد الخزينة العمومية بـ 10 ملايير دولار سنويا.
وأكد سليماني على ضرورة تحين وإعادة النظر في قانون الصرف والنقد والقرض الذي لم يعاد النظر فيه منذ سنة 1991 مشيرا إلى أنه يستوجب موازاة مع تطبيق القوانين الردعية خلق منظومة بنكية ومصرفية متقدمة وعصرية تعتمد على الرقمنة والشفافية وربح الوقت والولوج إلى الأسواق الخارجية لتحقيق هدف 7 ملايير دولار صادرات خارج المحروقات، وأشار في سياق حديثه إلى أن فتح فروع للبنوك الجزائرية في أفريقيا وفرنسا يستوجب بالضرورة امتلاك منظومة مصرفية وبنكية سلسة تكون فيها الرقمنة والعصرنة أساليب التعامل.
وبفضل القوانين الردعية المنتظر تطبيقها أكد الخبير الإقتصادي أنه سيتم القضاء على السوق السوداء التي نخرت الاقتصاد الوطني ودفعت بالمستثمرين إلى السوق الموازية لصرف العملة الصعبة من أجل تمويل مشاريعهم إلى جانب الشركات الكبرى.
كما أكد سليماني أنه و”من أجل تشجيع السياحة والصناعة والخدمات يجب خلق مكاتب صرف للعملة الأجنبية في كل الولايات خاصة منها السياحية والصناعية والخروج من “قوقعة” الأموال في أسواق السوداء التي وصلت حد الـ90 مليار دولار والتي من الضروري استقطابها إلى البنوك والمصارف والبورصة وخلق سوق الأوراق المالية بُغية ضخ أموال في الاستثمارات لتحقيق إقلاع اقتصادي.
وذكر الخبير الاقتصادي والإستراتيجي عبد القادر سليماني في السياق بالإجراءات التي سارعت الحكومة إلى تنفيذها بدءا باحتواء عمليات خروج العملة الصعبة نحو الخارج، من خلال فرض منصة رقمية للمنتجات الوطنية متاحة لكافة القطاعات إلى جانب فتح عديد الورشات في الفلاحة، الطاقة، الطاقات المتجددة، الصناعة والصناعة الصيدلانية بهدف خلق قيمة مضافة بالجزائر، مشيرا أيضا إلى المشاريع المنتظر طرحها قريبا على غرار مشروع قانون المناطق الحرة.
وأكد سليماني أن كل الظروف الآن مهيأة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية في ظل هجرة المستثمرين من أوروبا فيما أصبحت الجزائر ملاذا آمنا للاستثمارات الحقيقية مؤكدا على ضرورة استغلال هذه الأموال في استثمارات خلاقة وخلق قيمة مضافة والذهاب إلى توطين الإنتاج محليا.
هذا ودرست الحكومة مؤخرا في اجتماع ترأسه الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، المشروع التمهيدي لقانون قمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، حسب ما أورده بيان لمصالح الوزير الأول، ويقترح هذا النص الذي قدمه وزير العدل، حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، “إطارا قانونيا جديدا يعطي الأولوية لتحصيل الأموال الناتجة عن هذه المخالفات والمحافظة على مصالح الخزينة العمومية من خلال تشجيع اللجوء إلى آليات التسوية الودية”، وسيعرض مشروع هذا النص للدراسة في اجتماع قادم لمجلس الوزراء، طبقا للإجراءات المعمول بها.