شارع الكتاب بعنابة يستغيث فهل من مجيب ؟

 

عبد المالك باباأحمد

 

طالب أمس باعة الكتب المستعملة المستقرون بمحاذاة المركز التجاري CAM  السلطات المعنية بالتدخل العاجل والسريع لإيجاد حل واقعي وتسوية وضعيتهم حسب الوعود التي تلقوها مرارا وتكرارا، خاصة وأن سلعهم تتعرض للتلف بسبب العوامل الطبيعية، على غرار الأمطار الأخيرة التي جعلتهم يتكبدون خسائر مادية بالغة، كما طالبوا أيضا بتخصيص أكشاك محترمة تحفظ كتبهم، وتسهل عليهم ممارسة هذه المهنة المهددة بالزوال.

ويعد شارع الكتاب، أحد أهم المعالم الثقافية بالولاية، وذلك لتوفره على كتب مستعملة نادرة تستقطب جميع شرائح المجتمع من طلبة وأساتذة ومثقفين ممن يعشقون المطالعة ويجدون غايتهم في تلك الأرصفة، ويتوفر الشارع على عشر طاولات يشغلها أكثر من اثني عشر بائعا اتخذوا من هذه المهنة الشريفة سبيلا لتحصيل قوتهم وإعالة أسرهم، لذلك فقد تنقلت “الصريح” لإجراء مقابلات مع “رجال شارع الكتاب” وإيصال صوتهم للرأي العام عسى أن تلتفت السلطات لهم وتقوم بتسوية وضعيتهم و”تقديم حلول حقيقية وواقعية” حسبهم.

هذا وقد اشتكي الباعة من قسوة الظروف الطبيعية، خاصة الأمطار الأخيرة التي أتلفت لهم كتبا نادرة وقيمة، حيث قال البائع، محمد الطاهر المطيش، “أمارس هذه المهنة منذ الثمانينات، ونحن نقع في ذات المشكلة دوما، تهطل قطرات قليلة فتتسرب وتفسد كتبا لا تقدر بثمن، هذه هي الحال دائما، ناهيك عن تعرضنا للسرقة ليلا، فأنا عن نفسي تعرضت للسرقة أكثر من مرة، تلقينا الكثير من الوعود بتسوية وضعيتنا، لكنها مجرد كلمات لم تطبق إلى غاية اليوم” وأضاف ذات المتحدث بأن أقصى مطالبهم توفير أكشاك لهم تحفظ سلعهم وتقيهم برد الشتاء وحر الصيف، وعند الاستفسار من باقي الباعة تبين أن مصالح البلدية أشارت عليهم بالانتقال إلى حديقة “لاكولون” أو ما يعرف بسوق “العصافير”، وذلك دون أية إجراءات إدارية أو أوراق رسمية، وهذا ما أكده البائع، “خ.م” الذي يزاول هذه المهنة منذ التسعينات، حيث قال” بعد رفع انشغالاتنا للجهة المعنية المتمثلة في بلدية عنابة، أشارت علينا بالانتقال إلى الحديقة العمومية الواقعة بحي “لاكولون” أو ما يعرف بـ “سوق العصافير”، وقالوا لنا أن نقوم بإنشاء أكشاك على نفقتنا الخاصة، وهذا ما رفضناه رفضا قاطعا لأسباب تتمثل في أن الحديقة غير مهيئة ما لا يسمح لنا بممارسة نشاطنا بشكل تسلسلي، كما أن تلك الحديقة معروفة بتوافد المدمنين عليها ليلا، بالإضافة إلى أن إقامة الأكشاك تتطلب غلافا ماليا لا نستطيع تحمله بحكم أن هذه المهنة لا تحقق أرباحا، فهي بالكاد تكفينا وتكفي أسرنا”، أما البائعان “م،س” و”س.ش” فقد طالبا هما الآخران بتسوية وضعيتهما وفق ما يتماشى مع سياسة مديرية الثقافة التي تعهدت بدعم السياحة الثقافية، “يزورنا الكثير من السياح من مختلف الولايات، وكثير منهم يجدون ضالتهم عندنا فقط، يأتينا سياح من سكيكدة، جيجل، سطيف وحتى العاصمة، وأحيانا يشترون منا بالجملة، ألا يدعم هذا السياحة الثقافية في الولاية؟ بالتأكيد يدعم، لكن في مثل هذه الأوضاع لن نستطيع أن نعمل بطريقة تدعم هذه السياحة، فحين يأتي سائح ويجد جميع كتبنا متعرضة للتلف لن يزورنا مجددا، لذلك فنحن نطالب السلطات المعنية المتمثلة في البلدية وقطاع الثقافة في الولاية بإيجاد حل لوضعيتنا” وفي ذات السياق، قال البائع “ض.س” “نحن نطالب بإقامة أكشاك، فالظروف الطبيعية القاهرة تسببت لنا في الكثير من العراقيل، في الشتاء نتعرض للبرد والمطر، وفي الصيف لحرارة الشمس، وهذا يؤثر علينا من جهتين، تضرر سلعنا وتضررنا شخصيا، فأنا عن نفسي خسرت عشرات الكتب القيمة خلال الأمطار الأخيرة، بالإضافة إلى تعرضني لضربات شمس حادة  في الصيف الماضي أدخلتني إلى لمستشفى، كل ما نطالب به هو الالتفات إلينا والتكفل بانشغالاتنا، نحن نعاني ولا أحد يجيب”

ومن جهة أخرى، تعاطف الزبائن مع هؤلاء الباعة، حيث قال الزبون “فنشوش عبد الغاني” بأن باعة شارع الكتاب يعانون الأمرين، فهم يزاولون هذه المهنة منذ أزيد من ثلاثين سنة في ظروف جد قاهرة” وأضاف، “أسعارهم جيدة جدا، بل هي أفضل من أسعار المكتبات، وانا زبون لديهم منذ زمن طويل، أجد كل ما أريد هنا، وأحيانا أصادف كتبا نادرة وطبعات محدودة”، وفي ذات السياق أجرت “الصريح” مقابلة مع مجموعة من الطلبة الجامعيين الذي أشادوا بأسعار الكتب المستعملة والمعاملة الطيبة التي يتلقونها في شارع الكتب، حيث يتحصلون على تخفيضات خاصة بل ويدفعون بالتقسيط، وهذا ما جعلهم يكونون علاقة ثقة متبادلة بينهم وبين الباعة الذين يترفقون بهم، كما يعد أيضا الأستاذة الجامعيون من الزبائن الدائمين في شارع الكتب، وهذا ما قاله البائع “ع،غ” : “يزورنا الكثير من الأساتذة الجامعيين من جميع الكليات، خاصة من كلية الآداب واللغات، وكثير منهم يشترون منا الكتب بشكل يومي على غرار الدكتور فصيح مقران، والدكتورين سعد وسيف الدين بوفلاقة، بالإضافة إلى الدكتور حفناوي بعلي فشارع الكتاب قبلة لجميع من أراد كتابا بسعر جيد، وفي حالة ممتازة، ولعل الإقبال المتواصل لجميع شرائح المجتمع من طلبة وأساتذة ومثقفين خير دليل على احترافيتنا وتعاملنا الحسن”.

مقالات ذات صلة

تأسيس مهرجانات في الولايات العشر المستحدثة

taha bensidhoum

الكاتب عبد الله تفرغوست”: “إذا أردنا أن نكتب للأطفال فيجب أن نحتك بهم “

taha bensidhoum

نحن لا نحسن تسويق قاماتنا ورموزنا!

sarih_auteur