نحن لا نحسن تسويق قاماتنا ورموزنا!

بقلم الدكتور: السبتي سلطاني

لا أحد ينكر ما للجزائر من ورموز يحتذى بها سواء أكان ذلك على الصعيد السياسي أم الثقافي أم الرياضي، غير أن المشكلة هي كيف نحتفي بهذه الرموز؟ وكيف نحسن تسويق صورتنا خارج حدودنا؟

فعلى الصعيد السياسي امتلكت الجزائر العديد من القامات التي كان لها الأثر البالغ في السياسة الدولية، بل إن بعض هذه القامات كثيرا ما كانت مطلب العديد من الدول من أجل التدخل للمساهمة في حل بعض الصراعات الصعبة والمعقدة ولنا في شخص وزير الخارجية الأسبق – رحمه الله – محمد الصديق بن يحي أحسن نموذج والذي ما زال يذكره العالم بمساهمته الفعالة في التوسط لإطلاق سراح 444 رهينة أمريكية احتجزهم إيرانيون غاضبون في مقر السفارة الأمريكية بطهران يوم 4 نوفمبر 1979، فكان الوزير الجزائري بحنكته الدبلوماسية بمثابة المنقذ في هذا الظرف الحرج، وهو ما جعل الأمريكيين يتذكرونه على الدوام.

وفي مجال العلوم لنا الكثير من الأسماء التي لمع نجمها في عالم الاكتشافات والاختراعات العلمية الباهرة التي قدمها عظماء من الجزائر للعالم، فهذا العالم الجزائري بلقاسم حبة الذي بلغ عدد براءات الاختراع لديه 1700 والذي يعد العالم الجزائري الأكثر اختراعا في العصر الحالي وأكثر عالم في عدد براءات الاختراع على الصعيد العربي.

ولد عالم الإلكترونيات “بلقاسم حبة” في ولاية المغيّر عام 1957. زاول دراسته الابتدائية والمتوسطة بمسقط رأسه ثم انتقل إلى ثانوية الأمير عبد القادر بتقرت، بعد حصوله على شهادة البكالوريا سنة 1974، ثم التحق بجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا بباب الزوار التي حصل فيها على شهادة في الدراسات المعمقة بالفيزياء سنة 1980، بعدها حصل على منحة إلى جامعة ستانفورد بكاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية في ولاية كاليفورنيا، التي حصل فيها على شهادة الماجيستير في الفيزياء التطبيقية وأخرى في علوم المواد، ثم حصل بعد ذلك على شهادة الدكتوراه في الطاقة الشمسية.

وقد نال الرجل العديد من الجوائز العالمية التي تدل على أهمية هذا العالم الاستثنائي الذي ظل يزور وطنه ومسقط رأسه ويطوف بالعديد من جامعات الوطن مقدما تجربته الثرية كنموذج يحتذى به للطلبة ومن أبرز هذه الجوائز:

  • فضل مخترع في شركة NEC اليابانية سنة 1992.
  • أفضل مخترع من شركةTesseraالأمريكية وذلك لسنوات: 2004، 2005، 2006، 2007.
  • صُنف ضمن الـ100 مخترعين الأكثر إنتاجا في العالم لسنوات: 2008، 2012، 2014، 2015.
  • حائز على جائزة R&D 100 Award for the fold-over technologyسنة 2003.
  • حائز على جائزة الباحث العربي المُنظمة من طرفTechwadiالأمريكية سنة 2007.
  • حائز على جائزة Frost & Sullivan Awardسنة 2013.
  • قُلّد بلقاسم حبة وسام العالم الجزائري من طرف مؤسسة فيكوس سنة 2015.
  • أحد مؤسسي منظمة AAF-CEST Algerian-American Foundation for Culture, Education, Science and Technology.
  • مساهم في إنشاء منظمةAlgerian Start Up initiative ASI.
  • مؤسس موقع Algerian inventors.

أما في المجال الرياضي فالكثير من الأسماء التي تألقت في سماء الكرة العالمية تربطهم بالجزائر العديد من الوشائج منها ما يتعلق بالأصل ومنها ما يتعلق بالمصاهرة، ولعل أفضل نموذج في هذا المجال هو الفرنكو جزائري زين الدين زيدان أصيل منطقة بجاية بالجزائر والذي قدم للعالم صورة رائعة عن طبيعة الجزائري الذي بإمكانه أن يسهم في تقديم ما عجز عنه غيره متى ما توفرت له الظروف والإمكانيات اللازمة، كما كان يمكن أن يحدث مع ابن معسكر الفنان لخضر بلومي الذي قال عنه نجم الأرجنتين الأسبق خورخي فالدانو : “أعتقد أن بلومي يمتلك عينين في كل مكان ” في إشارة إلى القدرة المذهلة للاعب الجزائري بلومي على تمرير الكرة في أي وضعية ممكنة.

وتحدث بلومي في أحد حواراته عما قاله له الأسطورة البرازيلية الراحلة بيلي عندما شاهده في مباراة استعراضية يتبادل الكرة بالعقب مع الراحل سوقراطاسوفالكاووزيكو حيث تقدم منه بيلي وقال له: أنت برازيلي.

ومما تقدم ندرك أن الجزائر لها من الطاقات الهائلة ما يجعلها تتقدم الصفوف وتعتلي ريادة الأمم غير أننا في الجزائر نتعامل مع هذه الطاقات الهائلة من منطلق ” مغني الحي لا يطرب ” فماذا فعلنا مع محمد الصديق بن يحي الذي يعد من رواد الدبلوماسية العالمية طبعا لا شيء، حتى أن الجيل الحالي لا يسمع بهذا الاسم على الإطلاق، وماذا فعلنا مع العالم المتميز بلقاسم حبة وأمثاله ممن يستحقون أن نرفع لهم القبعة إجلال وتعظيما، طبعا لا شيء سوى النكران والتجاهل، وما هو مصير لاعب مهاري كلخضربلومي، هو يعيش على هامش الأضواء التي انطفأت في وجهه وتوهجت في أوجه من لا يستحقون ذلك.

ختاما مصيبتنا في الجزائر أننا لا نعرف كيف نجعل من علمائنا ومثقفينا ورياضيينا نماذج حرية بالتقليد والاقتداء، لأننا ببساطة لا نحسن تسويق قاماتنا…

مقالات ذات صلة

تأسيس مهرجانات في الولايات العشر المستحدثة

taha bensidhoum

الكاتب عبد الله تفرغوست”: “إذا أردنا أن نكتب للأطفال فيجب أن نحتك بهم “

taha bensidhoum

“نشاط الوطنيين الجزائريين في المشرق العربي ما بين 1919-1962” في ملتقى بجامعة باجي مختار

sarih_auteur