عبد الوهاب لوامي
أثارت مذكرة رئيس بلدية عنابة المؤرخة بتاريخ 25 ديسمبر 2022 تحت رقم 739 والتي تمتلك الصريح نسخة منها الكثير من الجدل وسط المواطنين والمعماريين بعدما طالب مير عنابة من مدير التعمير وتهيئة الإقليم لبلدية عنابة باتخاذ التدابير القانونية والعملية اللازمة لتعديل الخطأ الجسيم الذي أثر سلبا على النسيج العمراني مشوها بالتالي مدينة عنابة والتطبيق الصارم والسليم للمرسوم التنفيذي 91 / 175 المؤرخ في 28 ماي 1991 خاصة المادة 26 منه ، بمباشرة تعديل كل مخططات شغل الأراضي من حيث كثافة البنايات في الأرضيات داخل الأجزاء الحضرية المعمورة للبلدية ووضع حد نهائي لتسليم عقود التعمير رخص البناء ورخص التجزئة الغير مطابقة للتشريع .
وجاءت قرارات المير في الموضوع حسب مضمون المذكرة بعد تلقيه لشكاوي بخصوص تضرر المواطنين ببلدية عنابة من ظاهرة تسليم رخص بناء لمباني ذات كثافة عالية وبعدة طوابق محاذية لسكناتهم الفردية التي عموما هي مكونة من طابق أرضي زائد واحد إلى اثنين على سبيل الذكر وليس الحصر زيادة على ملاحظته للتطبيق غير السليم لمعامل شغل الأرضيات في أجزاء البلدية الحضرية المعمورة حيث ثبت له حسب دراسته لمخططات شغل الأراضي المصادق عليها عدم احترامها للكثافة القصوى للبنايات المحددة بواحد من طرف المشرع الجزائري .
وفي ذات السياق كشف العديد من المعماريين في قراءتهم لمضمون هذه المذكرة بأنها في الشكل الظاهر تبدو مذكرة لخدمة النسيج العمراني للمدينة لكنها من جانب آخر تناسى رئيس بلدية عنابة أن يرسل نسخة عنها لمدير التعمير والهندسة المعمارية للولاية وهي جهة رسمية تمنح رخص البناء كذلك قانونا .
زيادة على تأكيدهم بأن ملاحظات المير بخصوص الموضوع لا تعني بأن هناك ضرر دائم من مثل هذه الممارسات وبالتالي فإن مير عنابة ليس له الحق في التعميم وبالتالي فإن مذكرة المير من الناحية العملية لامعنى لها فالمواطن من حقه الطعن واللجوء للشباك الوحيد للولاية بدل شباك البلدية والحصول على رخصة التعمير عكس مضمون مذكرة المير التي بموجبها فلن يحصل أي مواطن على رخصة البناء وهو ما يستوجب من هذا الأخير حسبهم القيام بتعديل في مخطط شغل الأراضي ويراسل مدير التعمير والهندسة المعمارية للولاية في الموضوع عوض مراسلة مدير التعمير للبلدية زيادة على كون أصحاب المشاريع يمرون قانونا مباشرة على الشباك الوحيد الولائي وهو ما يضع المير في حد ذاته بدون صلاحيات .
ومن جانب آخر أكد العديد من المهندسين المعماريين في سياق حديثهم ل”الصريح” بخصوص مضمون هذه المذكرة التي أثارت الكثير من الجدل بأنه على الرغم من كونها تبدو لحماية جماليات المدينة والمحافظة على عمرانها من الكوارث العمرانية السابقة ، إلا أنها تحمل في طياتها تعد صارخ على قوانين الجمهورية الجزائرية وجهل تام بقوانين التعمير مع تأكيدهم بأنه حسب المادة 26 من المرسوم التنفيذي رقم 91 / 175 المؤرخ في 28 ماي 1991 والذي يحدد القواعد العامة للتهيئة والتعمير والبناء والتي اعتمد عليها رئيس بلدية عنابة والتي نصتها / المادة : 26 : إن الكثافة القصوى للبناءات في أجزاء البلدية الحضرية أي المعمورة بالتعبير عنها بالتناسب بين المساحة الأرضية خارج البناء الصافي ومساحة قطعة الأرض أو معامل شغل الأرضيات تساوي 1 ، فإن هذه المادة هي مادة عامة تطبق في حال عدم وجود أدوات التهيئة والتعمير أي عدم وجود المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير أو مخطط شغل الأراضي، مع تأكيدهم بأنه قد نص المشرع الجزائري صراحة على أدوات التهيئة والتعمير في القانون رقم 90 / 29 المؤرخ في 1 ديسمبر 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير .
كما نص عليها في المرسوم التنفيذي رقم 91 / 177 والمرسوم 91 / 178 المؤرخين في 28 ماي 1991 وتكتسب أدوات التهيئة والتعمير قوة القانون . مع إشارتهم أنه لا يمكن التعديل على أحكام وقواعد مخطط شغل الأراضي بأي حال من الأحوال ما عدا بعض التكيفات الطفيفة كما نصت عليها المادة 33 من القانون رقم 90 / 29 المؤرخ في 1 ديسمبر 1990 والمتعلق بالتهيئة والتعمير التي تؤكد أنه لاتخضع القواعد والارتفاقات المحددة بموجب مخطط شغل الأراضي لأي ترخيص بالتعديل إلا ما يتعلق بالتكيفات الطفيفة التي تفرضها طبيعة الأرض أو شكل قطع الأراضي أو طابع البنايات المجاورة .
حيث أكد العديد من المعماريين للصريح بأن رئيس بلدية عنابة يخالف صراحة نص هذه المادة من خلال المذكرة التي أصدرها بمباشرة تعديل معامل شغل الأراضي في كل مخططات شغل الأراضي مع إضافتهم بأنها ليست المرة الأولى التي يخالف فيها مير عنابة قوانين التعمير فهو منذ أشهر يمنع تسليم رخص الهدم للبنايات المشيدة في الفترة الاستعمارية بحجة تطبيق تعليمة وزارية غير موجودة أصلا مع السكوت التام للسلطات المحلية بالولاية زيادة على عدم احترامه للآجال القانونية لتسليم رخص البناء والمحددة ب 20 يوما من تاريخ إيداع طلب رخصة البناء وفقا للمادة 51 من المرسوم التنفيذي 15 / 19 المؤرخ في 25 جانفي 2015 ومخالفة التعليمة الوزارية رقم 18 المؤرخة في 30 ديسمبر 2020 المتعلقة بالقضاء على البيروقراطية والتدابير المخففة في مجال معالجة ملفات عقود التعمير والتي تشدد على احترام آجال منح رخص البناء .